استطلاعات الرأى العام أصبحت ظاهرة ملفتة للنظر فى مصر، فهى تحاصرك فى كل مواقع الإنترنت، وعلى شبكات التواصل الاجتماعى، وفى كل الصحف، وفى كل الفضائيات، وأصبحت جزءًا لا يتجزأ من المادة الصحفية والإعلامية فى كل وسائل الإعلام، فما هى حقيقة هذه الاستطلاعات؟ وهل بحق تعكس آراء العينات المستهدفة؟ وما مدى دقة هذه الاستطلاعات؟ وما هى المقاصد الخفية لها؟.
كل هذه الأسئلة حملتها "المصريون" إلى خبراء الإعلام والرأى العام لاستيضاح الحقيقة.
* الدكتور جمال زهران: استطلاعات الرأى فى مصر غير صحيحة
فى البداية وصف الدكتور جمال زهران، أستاذ العلوم السياسية بجامعة قناة السويس، جميع استطلاعات الرأى التى تم إجراؤها بشأن انتخابات الرئاسة بالمشبوهة حيث إن إجراء الاستطلاعات الخاصة بالانتخابات تتم وفق قواعد معينة.
فيما يتعلق بالقاعدة الأولى: لابد أن تجرى من خلال متخصصين فى استطلاعات الرأى وبالنسبة للقاعدة الثانية فتتم عن طريق تحديد عينة ممثلة للمجتمع كله ويتم اختيارها بطريقة علمية والقاعدة الأخيرة وهى حجم العينة لابد أن يكون حجمها كبيرًا، مؤكدًا أن جميع الجرائد الحكومية تغذى النظام القائم "نظام مبارك " والدليل على ذلك قبل أن ينسحب أحمد شفيق كانت الجرائد القومية تمهد له الطريق لأنه تابع للنظام البائد والآن تمهد الطريق للمرشح المحتمل عمرو موسى ومعنى ذلك أن هذه الجرائد تحاول تضليل الشعب وتقول له هذا هو المرشح الأفضل لك وأيضًا تحاول تشويه الثورة من خلال توصيل صورة مضادة للثورة حتى يقول الشعب "فين أيام مبارك" ويتمنى عودته وليثبتوا للشعب أن النظام السابق ورموزه هم الأفضل شعبيًا.
وأشار الدكتور زهران إلى أن هناك أخطًا عديدة فى اختيار العينة حيث إن القائمين على هذا الاستقصاء يريدون أن يخدموا فئة بعينها وهذا يؤكد أن نظام مبارك وأعوانه يحكمون ويسيطرون على جميع القرارات فى الدولة حتى الآن.
واستطرد قائلاً: استطلاعات الرأى الحالية مشكوك فى مدى صحتها وبعضها يتم بناءً على أوامر وتعليمات من جهاز الأمن القومى الذى يقوم بمهام جهاز أمن الدولة السابق أو عن طريق أى جهة أمنية حيث إن الطلاب يدرسونها بشروط معينة من حيث الحجم والنوعية والتخصص ولها أنظمة معينة ولها تمثيل للجمهور العينة التى تم اختيارها وكيف سيتم تمثيل المقابلات مع الجمهور الذى يتم أخذ رأيه فيها، مؤكدًا أنه مازال حتى الآن لا يوجد مركز استطلاع رأى فى مصر يعطى نتائج شفافة يمكن أن نثق فيه، وأضاف أن جميع أساتذة السياسة يؤكدون عدم صحة استطلاعات الرأى الخاصة بالانتخابات، وقالوا إنها زائفة وغير حقيقية.
* الدكتور عمرو هاشم ربيع: لا يوجد قانون يعاقب من يفبرك استطلاعات الرأى
وقال الدكتور عمرو هاشم ربيع، بمركز الدراسات السياسية والإستراتيجية بالأهرام، إنه لا مانع من قيام الصحف بإجراء الاستطلاع بأسلوب علمى وأن تقوم الصحف باختيار العينة فى الوقت نفسه الذى تم فيه اختيار العينة حتى يكون هناك نوع من الشفافية والمصداقية، مشيرًا إلى أنه غالبًا ما تكون النتيجة غير صحيحة تبعًا لتأثير السياسة التحريرية لوسيلة الإعلام.
وأكد هاشم أن لهذه الاستطلاعات تأثيرًا على الجمهور فى آرائهم واتجاهاتهم، وللأسف لا يوجد قانون يردع من يجرى تلك الاستطلاعات عن التدخل برأيهم للتأثير على الجمهور، لكن عزاءنا فى ذلك أن الشعب المصرى هو شعب ذكى يعرف الحقيقة ويكشف تلك الألاعيب التى تلجأ إليها وسائل الإعلام لفرض اتجاه بعينه على الآخر، وأوضح أن هناك جهات علمية موثوق منها تقوم بهذه الاستطلاعات وأصبحت معلومة للجميع الآن.
* الدكتور ضياء الصاوى: جميع الاستطلاعات فى مصر تكون موجهة وكاذبة
ويقول الدكتور ضياء الصاوى، خبير سياسى، إن استطلاعات الرأى التى تجرى بمعرفة الجرائد والمجلات والإنترنت والمراكز الرسمية ومن بينها مركز الأهرام للدراسات الإستراتيجية جميعها تكون موجهة وكاذبة ولا تمت للحقيقة بصلة ولا تجرى بطريقة علمية صحيحة، ولكن للترويج لمرشح بعينه أو لاتجاه معين، ودلل على ذلك بالدراسات والاستطلاعات التى سبق وأجراها مركز الأهرام للدراسات وجعل أشخاصًا بعينهم فى الصدارة، ولكن حقيقة الأمر أن نسبتهم الحقيقية لا تتعدى 5 فى المائة.
وأضاف بأن الجرائد والمراكز البحثية مهما كان توجهها السياسى حتى وإن كانت جرائد قومية إلا أنها تسعى لخدمة مرشح معين ونشر تلك الاستطلاعات الكاذبة فى اعتقاد منها بأنها سوف تغير المزاج العام للشعب نحو اتجاه معين.
وأشار إلى أن كل التقييمات التى تمت قبل انتخابات مجلس الشعب جاءت لتقول إن نسبة تمثيل التيارات الدينية لن تتخطى الربع فى حين أن النتيجة النهائية جاوزت نسبتهم أكثر من ثلاث أرباع المجلس مما يؤكد زيفهم.
وأوضح أن هذه الاستطلاعات لا تؤثر على نسبة كبيرة من الجمهور، خاصة البسطاء لأنهم لا يستطيعون قراءة الصحف أو الجلوس أمام شبكة الإنترنت، لكن يمتد تأثيرها على فئة شباب الإنترنت لكن لا خطورة عليهم لأن أغلبهم يكون مسيسًا وحاسمًا أمره بشأن موقفه السياسى ومكون رأيه وتأثيرها لا يتخطى 3 أو 4 فى المائة.
* الدكتور منى الحديدى: خطورة هذه الاستطلاعات أنها تؤثر على الأميين والجهلاء
وتضيف الدكتورة منى الحديدى، أستاذ متفرغ بقسم الإذاعة بكلية الإعلام جامعة القاهرة، أنها تسمع كثيرًا عن استطلاعات الرأى التى تجريها جهات غير علمية وغير معترف بها وما تخرج به نتائج لا تعكس الواقع ولا يمكن الاعتداد به وتعمل كأنه شكل من أشكال الدعاية وتعمل لمصلحة طرف من الأطراف الأخرى لدعم مرشح بعينه، وهناك استطلاعات رأى كثيرة تخدم فئة معينة من الناس لتحسين صورتهم، مؤكدًا أن هذه الاستطلاعات لها تأثير كبير على الأميين، لكن هناك شرائح من الناس لا تعتمد عليه فى تكوين رأى أو اتجاه هذه الاستطلاعات لا يصدقها كثيرًا من الناس .
* الدكتور محمود يوسف: هذه الاستطلاعات من آليات الديمقراطية لكن بشروط
فيما أكد الدكتور محمود يوسف، وكيل كلية الإعلام جامعة القاهرة لشئون البيئة، أن هذه الاستطلاعات يتم التعامل معها على أنها آلية من آليات الديمقراطية سواء لقياس اتجاهات الرأى العام تجاه قضايا سياسية أو أشخاص أو جماعات ونحن نقدر هذه الاستطلاعات ونحترم النتائج التى تتوصل إليها متى كانت ملتزمة بالأسس العلمية لإجراء هذه الاستطلاعات فهى لا غبار عليها، ولكن هل مكانتها العلمية متوفرة والإمكانيات والكوادر البشرية والعينة اللازمة لإجرائها متوفرة أيضا ويجب أن يكون هناك خبرة سابقة لمن يقوم بهذا الاستقصاء وأن يعتمد أو يختار عينة عشوائية ممثلة للمجتمع كله تمثيلاً صحيحًا بحيث تعكس ما هو موجود فى المجتمع من ناحية الجنس والحالة الاجتماعية والدينية والانتخابات والأحزاب وأن يكون حجم العينة مناسبًا مع حجم المجتمع، وأيضًا كيفية استخدام طرق جمع البيانات والمعلومات المعمول بها علميًا، وتأسيسًا على ذلك التليفون أو الهاتف لا يصلحان لإجراء استطلاع ومن ضمن إجراءات الاستطلاع الصحيحة أن يعهد بعملية تحليل النتائج والدراسات والدلائل متخصصون بذلك فى التفسير وأيضًا يجب ألا يتم إجراء هذه الدراسة تحت مظلة حزب سياسى أو جماعة دينية أو تيارات أخرى فيتأثر الاستطلاع بوجهة نظر هذه التيارات فهذا تأثير خطير على الرأى العام.
* الدكتور خالد صلاح: تتم لصالح أشخاص بعينهم وبدون إتباع المنهج العلمى
ويقول الدكتور خالد صلاح، أستاذ استطلاعات الرأى بقسم الإذاعة كلية الإعلام جامعة القاهرة، إن هذه الظاهرة صحية ومنهجية علمية والمجتمع فى حاجة إليه ويجب أن يتم عملها بشكل إيجابى فالمشكلة الحقيقية فى هذا الاستطلاع أن من يدلى برأيه الشباب 86 فى المائة منهم يدخلون على شبكة التواصل الاجتماعى ولكن عند عمل هذه الدراسة، خاصة إذا كانت خاصة بالانتخابات يجب استبعاد الشباب من شريحة 14 إلى 18 سنة لا يحق لهم التصويت فى الانتخابات فرأيه لا يعكس رأى عام فعلى فالتصويت يكون بعد سن 18 سنة، لكن للأسف جميع الذين قاموا بالتصويت لمرشح بعينه تحت سن الـ 18 وأيضًا أغلب هذه الاستطلاعات تنحاز لفئة بعينها ويكون المرشح المنتخب من قبل الاستطلاع هو الأوفر حظًا ويؤثر ذلك على الرأى العام لذلك عندما يتم عمل استطلاع يجب أن يتم عمله بطريقة علمية ممنهجة ودقيقة، مؤكدًا أنها ظاهرة صحية بشرط أن يقوم الباحث بعمل استطلاع حقيقى وليس مصطنعًا لخدمة فئة معينة، مؤكدًا أن جميع الاستطلاعات الموجودة على شبكات التواصل استطلاعات موجه لذلك فنحن الآن نحتاج إلى توعية الرأى العام وتبصيره حتى لا تؤثر عليه هذه الاستطلاعات الموجه ولا نحتاج إلى مراقبة هذه الشبكات فدورنا الحقيقى هو توعية المجتمع.
*الدكتور عادل عبد الغفار: الاستطلاعات ظاهرة صحية متى تمت بطريقة صحيحة وصادقة
يؤكد دكتور عادل عبد الغفار أستاذ الإعلام والرأى العام جامعة القاهرة أن استطلاعات الرأى العام تعد عنصرًا رئيسًا من عناصر تحقيق الديمقراطية لأنها توضح الاتجاهات السائدة فى أوساط الرأى العام نحو القضايا المختلفة واستخدامها بحرفة ومهنية يساعد فى تضييق الفجوة بين صانعى القرار والرأى العام وهذه الاستطلاعات يقتصر استخدامها قبيل الانتخابات لتحقيق أهدافها: فالهدف الأول وهو كشف اتجاهات الرأى العام نحو مختلف المرشحين والكتل والأحزاب المختلفة ويتمثل ذلك فى التأثير فى اتجاهات الرأى العام باختيار مرشحين بعينهم على حساب المرشحين الآخرين وأضاف عبد الغفار كيفية ضمان إجراء استطلاعات الرأى العام بمهنية وحرفية وأخلاقية تحديد العينات بشكل يضمن تمثيلها للمجتمع الأصلى على المستوى التعليمى والاقتصادى والنطاق الجغرافى والنوع أما العنصر الثانى يتمثل فى إعداد أداة لجمع البيانات والتى تتمثل فى شكل استمارة الاستبيان "أداة جمع البيانات" وأن يتم عملها بشكل مهنى وبدون أى تحيز والعنصر الأخير أن يكون اختيار طريقة لجمع البيانات لتلائم ثقافة المجتمع المصرى وتعد المقابلات الشخصية للمواطنين أفضل أداة لجمع البيانات فى استطلاعات الرأى العام بحيث تناسب ثقافة المجتمع المصرى ويتبع كل ذلك التحليل الإحصائى المهنى للبيانات ثم كتابة التقرير واستخراج النتائج وأيضًا هناك أخلاقيات لاستطلاعات الرأى العام التى تحتم الموضوعية وعدم التحيز لصالح جهة ما أو لصالح مرشح بعينه.
وحذر عبد الغفار من عدة أمور هامة أهمها عمل استطلاعات الرأى العام التى تمثل المجتمع عن طريق شبكة الإنترنت لأنها متحيزة وغير موضوعية ولا يمكن الوثوق فى نتائجها وتحفظ عبد الغفار على الاستطلاعات التليفونية لأنها لا تضمن التمثيل الدقيق للمجتمع ولا تلائم ثقافة المجتمع المصرى ويتحفظ عليها جميع المواطنين وتأخذ نتائجها بحذر وهناك بعض المكاتب تفضل استخدام التليفون لأنه وسيلة رخيصة التكلفة وسريعة ولا يمكن الوثوق بنتائجها بشكل وافى مؤكدًا أن أفضل الاستطلاعات تتم باستخدام المقابلات الميدانية مع المواطنين.
*الدكتورة نرمين خضر:جميع الاستطلاعات التى تجرى فى مصر غير دقيقة
وتؤكد الدكتورة نرمين خضر الأستاذ بكلية الإعلام بجامعة القاهرة، أن جميع الاستطلاعات التى تم عملها على جميع شبكات التواصل المتعددة ليست دقيقة ولا يجب الأخذ بها أو الاعتماد عليها حيث إن هذه الاستطلاعات تتم من خلال مراكز قياس الرأى العام المعتمدة التابعة للمؤسسات أو الجامعات الحكومية للتأكد من مصداقيتها وموضوعيتها وعدم تحيزها، بالإضافة إلى بنائها المنهجى السليم ودقة بنائها السليم ووضع المعايير والمتغيرات القابلة للقياس والتى تعبر بدقة عن الوضع المراد قياسه أو الحالة المراد قياسها وإعطاء توصيف دقيق لها دون مزايدات أو فبركة لأن ذلك يعد بمثابة قياس سابق لرأى عام يعكس توجهاته نحو القضايا المتعددة التى تهمه خاصة الانتخابات، فلابد من وجود أكاديميين يتولون الإشراف على إعداد استقصاءات للرأى العام أو الاستبيانات الخاصة بقياس نبض الشارع المصرى والرأى العام والإرادة الشعبية تجاه اختيار الرئيس القادم
من ناحية أخرى، لابد أن نؤكد على أهمية توعية الشباب بتحرى الدقة من المعلومة من قبل مواقع الإنترنت سواء كانت تقليدية أو جديدة ويجب على الشباب قراءة جميع الصحف وأن يحدث تنوع فى مصادر المعلومات حتى يتأكد من صدق المعلومة وصحتها والحقائق التى يروجها الإعلام الإلكترونى ومدى مصداقيتها فهى تعد شكلاً من أشكال الإعلام الجديد الضارة والنافعة.