|
|||||||||||||||
عبد الرحمن سعد-القاهرة
طالب خبراء ومختصون بتقنين عمل استطلاعات الرأي العام في مصر حول مرشحي انتخابات الرئاسة. وانتقدوا غياب أي معايير أو قواعد منظمة لها محذرين من الاستمرار فيها خلال أسبوع الحسم للانتخابات الذي بدأ أمس، وينتهي بعقدها يومي الأربعاء والخميس المقبلين.
وقال الخبراء إن الاستطلاعات التي أعلنت أخيرا افتقرت إلى الدقة والمنهج العلمي، وتجاهل إعلان مصادر التمويل، مما أثر سلبا على مصداقيتها، وثقة الرأي العام فيها. ووفق هؤلاء فإن بعض هذه الاستطلاعات تستهدف رفع حظوظ مرشحين محددين، بالحديث الدائم عن تقدمهم، والتشكيك في شعبية الآخرين، مما يعني محاولة التأثير على اتجاهات التصويت، وإرادة الناخبين، برغم وجود نسبة تتجاوز 40% من المصريين ممن لم يحسموا اختيارهم بعد. ووصف أستاذ الرأي العام وعميد المعهد الدولي للإعلام بأكاديمية الشروق محمد شومان الوضع بالنسبة لهذه الاستطلاعات بأنه ينطبق عليه التعبير "سمك لبن تمر هندي" في إشارة لفوضويتها وتناقضها. وقال للجزيرة نت إنه بينما كان إجراء استطلاعات الرأي في مصر قبل الثورة يتطلب موافقة الجهات الأمنية، لم تضع اللجنة القضائية المشرفة على الانتخابات أي قواعد منظمة لها. تزوير وتضليل
واعتبر فهيم أن الاستطلاعات جزء من منظومة إعلامية وسياسية متناغمة تسيطر على المشهد السياسي حاليا، وتأتي في سياق حملة محمومة لتزوير الواقع السياسي، وإيهام الناخبين بوجود أوزان نسبية لمرشحين يمثلون فلول النظام السابق. وقال للجزيرة نت إن الاستطلاعات يتم توظيفها كأدوات تبدو علمية بهدف تشويه الحقائق، والتدليس على البسطاء معتبرا أن ما يحدث "محاولة مستميتة ومكشوفة للتعمية على المرشحين الأكثر ثقلا بالانتخابات، وهم المعبرون عن التيار الإسلامي" كما قال. أخطاء كثيرة وضرب مثلا باستطلاع أجراه أحد المراكز استبعد فيه المحافظات الحدودية من العينة بدعوى ارتفاع التكلفة، واستطلاع ثان أشار إلى أن نسبة الذين لن يذهبوا للتصويت 10% فقط، بينما تتراوح النسبة عالميا بين 15% و20%، وتدور مصريا حول 40%، واستطلاع ثالث سأل المستطلعين عن آرائهم في عمر سليمان، مع أنه لم يكن أعلن الترشح أصلا. والأمر هكذا، يؤكد شومان، أن استطلاعات الرأي العام لا جدوى منها في مصر حاليا لأنها تحولت إلى تجارة، مشيرا إلى أن المراكز التي قامت بإجرائها إما تابعة لهيئات حكومية أو شبه حكومية أو غير مستقلة أو تابعة لصحف يمتلكها رجال أعمال، كما أنه لا ضوابط قانونية أو مواثيق شرف تضمن حيدتها ونزاهتها، مما جعلها تؤثر في البيئة العادلة والتنافسية للانتخابات. مراكز مستقلة
لكن الأستاذة بكلية الشؤون الدولية والسياسات العامة بالجامعة الأميركية بالقاهرة رشا علام تكتفي بإبداء تحفظها إزاء تلك الاستطلاعات. وترى أن التجربة تحتاج إلى تصحيح وترشيد، وجهة مستقلة تقوم بها، وعدم تشكيك على طول الخط فيها. وتقول للجزيرة نت "عشنا نحو ثلاثين سنة، نعاني من استطلاعات رأي تتحيز للحزب الحاكم، وتخضع لأجندة سياسية تؤيد رموزه، بينما العاملون عليها إما موظفون في الحكومة، أو أعضاء في حزبها، أو لجنة سياساته، الأمر الذي بدد ثقة المصريين فيها". وتوضح أن الاستطلاعات الأخيرة أظهرت عدم استقلالية الجهات التي نظمتها، ولم توضح المعايير الخاصة بها، ونوعية الأسئلة، والعينة، وهل هي عشوائية، ثم كيف تم حسابها، وهل تمثل الشعب، أم تغطي منطقة دون أخرى، وأخيرا: كيف عمموا نتائجها؟ والحل -كما تراه- إنشاء مراكز مستقلة، تقوم بهذه البحوث والاستطلاعات، ضمانا لنزاهتها، وتخليصها مما يحيط بها من أزمة ثقة ومصداقية، وتأثير سلبي في الطبقة الأمية من الشعب، ونسبتها تتجاوز 40%. دعوة للتشجيع وأضاف للجزيرة نت أن استطلاعات الرأي تمثل أداة مهمة لمعرفة مدركات المجتمع، وأن الجدل الدائر حاليا في مصر حولها كان موجودا في أوروبا في ستينيات القرن الماضي، فهي صناعة وليدة، وهناك احتياج شديد إليها في أي مجتمع ديمقراطي.
وتابع "لابد من أن ندخل المعترك، وأن نخطئ، ونصحح الخطأ" مشيرا إلى أن النتيجة الرئيسية التي خلصت إليها الاستطلاعات هي أن أكثر من 40% من الناخبين المصريين (أكثر من 25 مليونا) لم يقرروا بعد لمن سيعطون أصواتهم، برغم أننا في أسبوع الحسم للانتخابات. وطالب بتشكيل مجلس أمناء بمركز المعلومات بمجلس الوزراء، وهي جهة أساسية لإجراء استطلاعات الرأي حاليا، مشيرا إلى أن اللقطة الأخيرة في المشهد ستكون يوم الاثنين المقبل، عندما يتبارى الجميع في إعلان استطلاعاته، مع بدء الصمت الانتخابي قبل الاقتراع بيومين، داعيا إلى تدخل قانوني لتنظيمها، ووقف إعلانها قبل بدء الانتخابات بفترة كافية حتى لا تؤثر عليها. نتائج متضاربة لكن الأخير اعتبر مركز الأهرام "يسيء لنفسه" بنتائج الاستطلاع. وأكد أنه يحتل مكانة متقدمة بالسباق.
المصدر:الجزيرة
شروط الخدمة
|