الخميس 24/6/1433 هـ - الموافق 17/5/2012 م (آخر تحديث) الساعة 15:08 (مكة المكرمة)، 12:08 (غرينتش)

مطالب بتقنين الاستطلاعات بانتخابات مصر

الاستطلاعات أثارت جدلا بالشارع لتضمنها تناقضات وأخطاء وفق مراقبين (الجزيرة نت)
 
عبد الرحمن سعد-القاهرة
طالب خبراء ومختصون بتقنين عمل استطلاعات الرأي العام في مصر حول مرشحي انتخابات الرئاسة. وانتقدوا غياب أي معايير أو قواعد منظمة لها محذرين من الاستمرار فيها خلال أسبوع الحسم للانتخابات الذي بدأ أمس، وينتهي بعقدها يومي الأربعاء والخميس المقبلين.

وقال الخبراء إن الاستطلاعات التي أعلنت أخيرا افتقرت إلى الدقة والمنهج العلمي، وتجاهل إعلان مصادر التمويل، مما أثر سلبا على مصداقيتها، وثقة الرأي العام فيها.

ووفق هؤلاء فإن بعض هذه الاستطلاعات تستهدف رفع حظوظ مرشحين محددين، بالحديث الدائم عن تقدمهم، والتشكيك في شعبية الآخرين، مما يعني محاولة التأثير على اتجاهات التصويت، وإرادة الناخبين، برغم وجود نسبة تتجاوز 40% من المصريين ممن لم يحسموا اختيارهم بعد.

ووصف أستاذ الرأي العام وعميد المعهد الدولي للإعلام بأكاديمية الشروق محمد شومان الوضع بالنسبة لهذه الاستطلاعات بأنه ينطبق عليه التعبير "سمك لبن تمر هندي" في إشارة لفوضويتها وتناقضها.

وقال للجزيرة نت إنه بينما كان إجراء استطلاعات الرأي في مصر قبل الثورة يتطلب موافقة الجهات الأمنية، لم تضع اللجنة القضائية المشرفة على الانتخابات أي قواعد منظمة لها.

تزوير وتضليل
ومن جهته وصف الخبير الإعلامي هشام فهيم الاستطلاعات الجارية بأنها "عشوائية وغير علمية، وتذكرنا بالنظام البائد حين كان يجرى استطلاعات تتحدث عن شعور70% من المصريين بالسعادة.. قمة الكذب، والاستخفاف بالعقول".

محمد شومان اتهم الاستطلاعات بإرباك الناخبين (الجزيرة)

واعتبر فهيم أن الاستطلاعات جزء من منظومة إعلامية وسياسية متناغمة تسيطر على المشهد السياسي حاليا، وتأتي في سياق حملة محمومة لتزوير الواقع السياسي، وإيهام الناخبين بوجود أوزان نسبية لمرشحين يمثلون فلول النظام السابق.

وقال للجزيرة نت إن الاستطلاعات يتم توظيفها كأدوات تبدو علمية بهدف تشويه الحقائق، والتدليس على البسطاء معتبرا أن ما يحدث "محاولة مستميتة ومكشوفة للتعمية على المرشحين الأكثر ثقلا بالانتخابات، وهم المعبرون عن التيار الإسلامي" كما قال.

أخطاء كثيرة
ما طرحه هشام فهيم وجد توافقا عند محمد شومان الذي قال للجزيرة نت إنه شاب كثيرا من الاستطلاعات تناقضات غير منطقية، وإيراد أرقام مبالغ فيها، ربما نتيجة قلة الخبرة وحداثة التجربة".

وضرب مثلا باستطلاع أجراه أحد المراكز استبعد فيه المحافظات الحدودية من العينة بدعوى ارتفاع التكلفة، واستطلاع ثان أشار إلى أن نسبة الذين لن يذهبوا للتصويت 10% فقط، بينما تتراوح النسبة عالميا بين 15% و20%، وتدور مصريا حول 40%، واستطلاع ثالث سأل المستطلعين عن آرائهم في عمر سليمان، مع أنه لم يكن أعلن الترشح أصلا.

والأمر هكذا، يؤكد شومان، أن استطلاعات الرأي العام لا جدوى منها في مصر حاليا لأنها تحولت إلى تجارة، مشيرا إلى أن المراكز التي قامت بإجرائها إما تابعة لهيئات حكومية أو شبه حكومية أو غير مستقلة أو تابعة لصحف يمتلكها رجال أعمال، كما أنه لا ضوابط قانونية أو مواثيق شرف تضمن حيدتها ونزاهتها، مما جعلها تؤثر في البيئة العادلة والتنافسية للانتخابات.

مراكز مستقلة
لكن الأستاذة بكلية الشؤون الدولية والسياسات العامة بالجامعة الأميركية بالقاهرة رشا علام تكتفي بإبداء تحفظها إزاء تلك الاستطلاعات. وترى أن التجربة تحتاج إلى تصحيح وترشيد، وجهة مستقلة تقوم بها، وعدم تشكيك على طول الخط فيها.
رشا علام: الاستطلاعات تحتاج إلى جهة مستقلة تقوم بها (الجزيرة نت)

وتقول للجزيرة نت "عشنا نحو ثلاثين سنة، نعاني من استطلاعات رأي تتحيز للحزب الحاكم، وتخضع لأجندة سياسية تؤيد رموزه، بينما العاملون عليها إما موظفون في الحكومة، أو أعضاء في حزبها، أو لجنة سياساته، الأمر الذي بدد ثقة المصريين فيها".

وتوضح أن الاستطلاعات الأخيرة أظهرت عدم استقلالية الجهات التي نظمتها، ولم توضح المعايير الخاصة بها، ونوعية الأسئلة، والعينة، وهل هي عشوائية، ثم كيف تم حسابها، وهل تمثل الشعب، أم تغطي منطقة دون أخرى، وأخيرا: كيف عمموا نتائجها؟

والحل -كما تراه- إنشاء مراكز مستقلة، تقوم بهذه البحوث والاستطلاعات، ضمانا لنزاهتها، وتخليصها مما يحيط بها من أزمة ثقة ومصداقية، وتأثير سلبي في الطبقة الأمية من الشعب، ونسبتها تتجاوز 40%.

دعوة للتشجيع
وفي المقابل، دعا خبير نظم المعلومات ودعم اتخاذ القرار الدكتور محمد رمضان إلى تشجيع إجراء استطلاعات الرأي العام، بشرط أن تكشف المراكز التي تقوم بها عن المنهجية التي اتبعتها، ومصادر تمويلها، خاصة أنها تقوم بعرض نتائجها بسذاجة مفرطة، وفق تعبيره.

وأضاف للجزيرة نت أن استطلاعات الرأي تمثل أداة مهمة لمعرفة مدركات المجتمع، وأن الجدل الدائر حاليا في مصر حولها كان موجودا في أوروبا في ستينيات القرن الماضي، فهي صناعة وليدة، وهناك احتياج شديد إليها في أي مجتمع ديمقراطي.

وتابع "لابد من أن ندخل المعترك، وأن نخطئ، ونصحح الخطأ" مشيرا إلى أن النتيجة الرئيسية التي خلصت إليها الاستطلاعات هي أن أكثر من 40% من الناخبين المصريين (أكثر من 25 مليونا) لم يقرروا بعد لمن سيعطون أصواتهم، برغم أننا في أسبوع الحسم للانتخابات.

وطالب بتشكيل مجلس أمناء بمركز المعلومات بمجلس الوزراء، وهي جهة أساسية لإجراء استطلاعات الرأي حاليا، مشيرا إلى أن اللقطة الأخيرة في المشهد ستكون يوم الاثنين المقبل، عندما يتبارى الجميع في إعلان استطلاعاته، مع بدء الصمت الانتخابي قبل الاقتراع بيومين، داعيا إلى تدخل قانوني لتنظيمها، ووقف إعلانها قبل بدء الانتخابات بفترة كافية حتى لا تؤثر عليها.

نتائج متضاربة
وكان استطلاع للرأي أجراه مركز الدراسات بجريدة الأهرام ذكر الاثنين الماضي أن 60% من أصوات الناخبين ستذهب إلى عمرو موسي وأحمد شفيق معاً، بينما أعطاهما استطلاع مركز المعلومات بمجلس الوزراء نسبة 23% فقط، في حين أعطى استطلاع أعده مركز بحوث الرأي العام بجامعة مصر للعلوم والتكنولوجيا، الصدارة إلى عبد المنعم أبو الفتوح أولا، ثم حمدين صباحي، ثم أحمد شفيق، يليه بفارق ضئيل عمرو موسى، ثم مرشح حزب الحرية والعدالة محمد مرسي.

لكن الأخير اعتبر مركز الأهرام "يسيء لنفسه" بنتائج الاستطلاع. وأكد أنه يحتل مكانة متقدمة بالسباق.

المصدر:الجزيرة
شروط الخدمة
- المشاركة لا تتجاوز 500 حرف.
- المشاركة يجب أن تلتزم بالمادة المنشورة والمختار إبداء الرأي فيها، وبخلافه سيتم إهمال الآراء التي تكون خارج الموضوع.
- يهمل كل رأي يتضمن شتائم أو تعابير خارجة عن اللياقة والأدب.
- يهمل كل رأي يقدح بشخصيات بعينها أو هيئات. - تهمل الآراء المتسمة بروح الطائفية والعنصرية أو التي تمس بالذات الإلهية أو تمس المعتقدات الدينية.
- تهمل الآراء التحريضية والآراء التي تتضمن تهديدات لشخص او لجهة معينة.
- تهمل الآراء التي تتضمن ترويجا لجهات أو هيئات أو لأشخاص بعينهم.
- تهمل الآراء التي تتعرض للكاتب وشخصه في مقالات الرأي أو التحليلات أو تقارير المراسلين.
- يهمل الآراء المتضمن ملاحظات حول إدارة الآراء أو ملاحظات أخرى عن الموقع بعيدة عن الموضوع المختار لإبداء الرأي فيه، حيث أن مثل هذه الأمور لها بريدها الخاص لتزويد الموقع بالملاحظات والاقتراحات العامة والطلبات هو Supportnet@aljazeera.net
- الموقع عربي فلا تنشر إلا المشاركات المكتوبة باللغة العربية.