in

20 معلومة قد لا تعرفها عن العلويين

إن لم تكن سورياً أو لبنانياً فأنت على الأغلب لا تعرف الطائفة التي يتحدث المقال عنها، فاسم ”العلويين“ مستخدم لعدة فئات منها طائفة من الشيعة تسكن العراق وطائفة شيعية أخرى تسكن جنوب تركيا، حتى أن الاسم نفسه يطلق على العائلة المالكة المغربية.

لكن أياً من السابقين هو المقصود، بل المقصود هم العلويون (النصيريون) الذين يسكنون غرب سوريا وشمال لبنان (جبل محسن)، ولواء اسكندرون (هاتاي) أقصى جنوب تركيا الخالية.

من هم العلويون؟

علي بن ابي طالب

هناك خلاف كبير بين العلويين أنفسهم وبين الآخرين كذلك عن كونهم ديناً مستقلاً أم طائفة شيعية فقط، فعلى الرغم من أنهم مصنفون على كونهم طائفة شيعية إثني عشرية جعفرية، فتقاليدهم وعباداتهم ومفاهيمهم عن الحياة والآخرة وطبيعة الإله لا تشبه تلك الإسلامية بشيء، فعلى الرغم من استخدام نفس الشخصيات الإسلامية في التاريخ العلوي واعترافهم بالقرآن (أو أجزاء منه على الأقل) ككتاب مقدس؛ فالجوهر العقائدي يبدو مختلفاً بشكل كبير وأشبه بالأديان الشرق آسيوية منه للعقائد الإسلامية.

يرجح أن منشأ الدين العلوي يعود إلى القرن التاسع الميلادي (الثالث الهجري) على يد محمد بن نصير، الذي كان تلميذاً للإمام الحسن الآخر العسكري وهو الإمام الشيعي الحادي عشر قبل المهدي الذي يعتبر الأخير لدى الشيعة. هذا التاريخ لا يلاقي موافقة من العلويين، حيث تسود الاعتقادات بأن الدين أقدم من ذلك وأن العديد من الشخصيات القديمة السابقة للإسلام بحد ذاته كانت تابعة للدين ومنها الرياضي اليوناني الشهير فيثاغورث، والذي أخذ العلويون منه الاعتقاد بقدسية الأرقام ومعانيها وأهميتها.

واحدة من الميزات الأساسية للعلوية هي كونها ديانة غير تبشيرية وحصرية إلى حد بعيد، حيث أنك لن تجد دعاة أو مبشرين علويين، وحتى في حال أردت الانتساب للدين العلوي فهذا الأمر شبه مستحيل إن لم يكن أحد والديك على الأقل يتبع الدين أصلاً، فالعادات والعبادات والطقوس سرية بشكل كامل ويحظر نشرها للعلن. وعلى الرغم من أن هذا التكتم الشديد على الدين (والذي يشبه التكتم الديني على الدين لدى الدروز) يأتي لأسباب أمنية بالدرجة الأولى وخوفاً من الغالبية السنية المحيطة، فالأمر ينعكس سلباً في الكثير من الحالات مع اتهامات سيئة وإشاعات متعددة عن المجتمع العلوي.

أين يسكن العلويون؟

خريطة تمركز العلويين
خريطة تمركز العلويين

يعيش معظم العلويين في الوقت الحالي في المناطق الساحلية والوسطى من سوريا، حيث يتوزعون في محافظات اللاذقية وطرطوس وحمص وحماه بشكل أساسي، مع وجود أعداد قليلة تسكن كلاً من دمشق وحلب، وبالإضافة للساكنين في سوريا فالعديد من العلويين يسكنون إقليم هاتاي التركي (والذي كان يعرف بـ”لواء اسكندرون“ قبل فصله عن سوريا وضمه لتركيا) وشمال لبنان كذلك، ومع أن معظم العلويين يسكنون القرى الجبلية أصلاً، فقد انتقلوا إلى المدن في العقود الأخيرة كما هي حال معظم سكان الأرياف في المنطقة.

تاريخياً، ينسب العديد من العلويين أنفسهم إلى أصول حلبية، فالمدينة الأكبر شمال سوريا كانت عاصمة الدولة الحمدانية سابقاً قبل احتلال الأيوبيين لها، حيث يحكي العلويون أنهم يعودون لدولة الحمدانيين حيث كانت حلب عاصمتهم، وقاد سقوطها بيد جيش صلاح الدين الأيوبي إلى هروبهم إلى الجبال الغربية المحاذية للبحر خوفاً من الجيوش السنية.

هذا الانتقال شبه الكلي نحو المناطق الجبلية تسبب بعزلة طويلة للعلويين خصوصاً خلال فترة الاحتلال العثماني للمنطقة، حيث أجبروا على البقاء في الجبال كونها آمنة من الجيوش العثمانية.

جبال سوريا الشامخة
جبال سوريا الشامخة

خلال أواخر القرن التاسع عشر وبداية القرن العشرين، هاجر الكثير من العلويين كما الكثير من الأقليات في المنطقة باتجاه القارتين الأمريكيتين، فاستقر الكثير منهم لاحقاً في البرازيل والأرجنتين وفنزويلا والولايات المتحدة وكندا، وعلى الرغم من أن فترة الهجرة استمرت حتى خمسينيات القرن العشرين؛ فمعظم من هاجروا لم يعودوا أبداً وانقطع تواصلهم مع عائلاتهم عموماً.

بطبيعة الحال فالهجرة نحو القارتين الأمريكيتين لم تتوقف تماماً، لكنها تحولت تدريجياً إلى هجرة الفئات المثقفة بدلاً من هجرة العمال العاديين.

بماذا يؤمن العلويون؟

يبدو المفهوم العلوي للإله مختلفاً للغاية عن المفاهيم المنتشرة في الطوائف الدينية المحيطة، فعلى الرغم من أن العلويين يشهدون بالشهادة الإسلامية ويدعون ”الله“ فهم لا يعتمدون مفهوم الإله الشخصي الذي يتدخل بتفاصيل حياة الناس ويراقبهم ويحاسبهم لاحقاً ليضعهم في الجنة أو النار، بل يعتقدون بطبيعة كونية للإله حيث لا يمكن تشخيصه أو الإحاطة به، بل أن كل الكون هو تجلٍّ من تجلياته.

في لب العقيدة العلوية؛ يقع ثالث مقدس مكون من علي ومحمد وسلمان (ع م س)، وهم الشخصيات الإسلامية المعروفة بعلي بن أبي طالب (ابن عم محمد بن عبد الله)، ومحمد بن عبد الله نفسه، وسلمان الفارسي الذي يعد أحد الصحابة بالنسبة للمسلمين.

بالنسبة للعلويين؛ فعلي بن أبي طالب هو تجلٍّ للإله على الأرض، فهو ليس الإله لكنه بنفس الوقت لا يختلف عن الإله، فهو أشبه بصورة للإله وتجلٍّ له على الأرض وهو بذلك آخر التجليات الإلهية لكنه ليس الوحيد، فوفقاً للمعتقدات العلوية كان الثالوث المقدس هذا قد تجلى في مرات عديدة ماضية، وهذا ما يفسر اعتقادهم بقدم الدين وكونه موجوداً منذ أيام اليونان القديمة والفراعنة وحتى قبل ذلك.

ثالوث مقدس
ثالوث مقدس

واحدة من الركائز الأساسية في العقيدة العلوية هي التقمص (تناسخ الأرواح)، فالموتى لا تفنى أرواحهم ولا تذهب لنعيم أو جحيم، بل يعاد خلقهم مجدداً في أجساد جديدة مراراً وتكراراً، وكما هو الأمر في البوذية، فمن يقوم بأعمال حسنة يرتقي في أجياله المتعددة على سلم من 14 مرتبة حتى يصل إلى المرحلة الأخيرة؛ وهي التنور النهائي والاتحاد مع الخالق، بينما من يقوم بأعمال سيئة يولد لطوائف أخرى ومن ثم يمسخ حيواناً ويستمر بالمسوخية حتى الفناء التام له.

هذا النوع من المعتقدات يختلف تماماً عن الجنة والنار والعذاب والثواب التقليديين الموجودين في الأديان الإبراهيمية وطوائفها، كما أنه يفرض بالضرورة غياب التدخل الديني الكبير ضمن حياة الأشخاص كون الطريق للوصول للتنور يكون بالتصرفات الجيدة لا بالعبادة بالضرورة.

التعليم الديني

على عكس معظم الأديان العلنية أو التبشيرية، فلا يوجد أي تعليم ديني فعلي للأطفال، كما أنهم لا يشاركون بأي شعائر دينية أو غيرها، فالتعليم الديني لا يحدث إلا بعد البلوغ وهو حصري للذكور فقط حيث لا يمكن للإناث تعلم ”الدستور“ أو قراءة الكتب الباطنية أو المشاركة في صلوات الأعياد والنذور وغيرها.

وعلى الرغم من أن التعليم الديني بعد البلوغ ليس إلزامياً، فرفضه كثيراً ما ينتج عنه انعزال اجتماعي بالأخص في المناطق الريفية، ولو أن الأمر بات نادراً في هذه الأيام.

عند رغبة الشاب بتعلم الدين، يجب عليه أن يذهب لشيخ ويطلب منه تعليمه، حيث يتم إدخاله إلى غرفة الصلاة بعد انتهائها في أحد الأعياد أو النذور، حيث عليه أن يقوم بعدة أمور تتضمن ترديد قسم للسرية وعدة أدعية وتقبيل الأرض وارتشاف القليل من كأس نبيذ. تسمى هذه العملية ”الدخول الأول“ وبها تبدأ عملية تعليم الدين التي يجب ألا تطول عن سنتين كحد أقصى.

بعد ”الدخول الأول“، يحفظ المتعلم 16 قداساً يأخذها عن الشيخ الذي يعد أباه الروحي، ويكون التلاميذ الآخرون للشيخ إخوة له وهكذا، وواحد من القداسات الـ16 هو ”النسب“ الذي يتضمن قائمة بتسلسل وصول الدستور عبر الأجيال إلى المتلقي الأخير.

ينقل “الدستور” حالياً كتابةً حيث يتلوه الشيخ على الطالب الذي عليه تدوينه ومن ثم حفظه، لكنه كان كثيراً ما ينقل شفاهاً في الأجيال السابقة حيث أن العزلة الجغرافية للقرى وتباعدها من ناحية، وسرية الدين من ناحية أخرى، أدى إلى تغييرات طفيفة أو كبيرة في ”الدستور“ بين مكان وآخر، وهذا ما ساعد على انقسام العلويين إلى أقسام عديدة.

الانقسامات الدينية والخلافات

عبر القرون العديدة التي عاش خلالها العلويون في مناطق جبلية نائية، كانت المواصلات متعثرة غالباً حيث كانت القرى معزولة عن محيطها إلى حد بعيد، ومع كون التعليم الديني كان يتم شفاهاً لفترة طويلة من الزمن، فالاختلافات في الكلمات والصياغة والتفسيرات باتت تختلف بشكل كبير من منطقة لأخرى، وهذا ما أدى إلى انقسامات بين العلويين أنفسهم.

تراتيل دينية علوية
تراتيل دينية علوية

فالعلويون اليوم يقسمون إلى كلازية (يسكنون النصف الجنوبي من اللاذقية بالإضافة لطرطوس وحمص وحماه السورية) وحيدرية (يسكنون شمال اللاذقية ولواء اسكندرون وشمال لبنان) كما أن هذه التقسيمات بحد ذاتها مقسمة إلى فئات و”عشائر“ فرعية أصغر يصعب حصرها بسبب عددها الكبير.

على الرغم من أن الغالبية العظمى من العلويين لا يهتمون حقاً لهذه التقسيمات والعديد منهم لا يعرف لأي قسم ينتمي أصلاً (فمن الممكن لأخين شقيقين أن يكونا من ”عشيرتين“ مختلفتين)، فالبعض يعتبر للأمر أهمية كبيرة ويركز على التمييز بين الآخرين بناء على عشائرهم ومناطقهم، فالأمر أحياناً ما يعرقل زيجات أو أنه حتى قد يلعب دوراً في المحاباة في الترقيات في العمل حتى.

شهدت الفترة الأخيرة تراجعاً كبيراً لتدخل العشائرية أو ”المناطقية“ في الأمور الشخصية، فقد باتت منحسرة إلى حد بعيد وأشبه بمحرم اجتماعي؛ حيث يعد الحديث فيها أمراً مكروهاً للغاية، لكن حتى مع تراجعها الظاهري، فالتمييز على أسس المنطقة والاختلافات الدينية الطفيفة يستمر بالوجود والتأثير ولو على نطاق ضيق.

المناسبات الدينية والاجتماعية والطقوس

عيد الحلوة: هو نفسه عيد القديسة ”بربارة“ لدى الكنائس المسيحية الشرقية
عيد الحلوة: هو نفسه عيد القديسة ”بربارة“ لدى الكنائس المسيحية الشرقية

يمتلك العلويون 12 عيداً دينياً على مدار السنة، لكن هذه الأعياد لا تحتوي مظاهر احتفاليات أو زيناً أو أموراً من هذا القبيل، بل أنها تنحصر بالطقوس الدينية بشكل أساسي حيث تجري صلاة في مكان مغلق، وتتضمن تلاوة بعض من القداسات وبعض آيات القرآن، ومع أنها مقسمة إلى ركعات مطابقة لصلاة المسلمين من حيث العدد، فهي لا تحوي أي ركوع أو سجود أو حركات فيزيائية، كما لا تحتاج إلى التوجه إلى اتجاه معين أبداً، حيث عادة ما تتم على شكل حلقة على مدار الغرفة أو المكان وتتم جلوساً.

تجرى الأعياد الاثنا عشر الخاصة بالعلويين وفق التقويم الهجري والميلادي وتقسم وفق وقت صلاتها، فقد تتم في وقت الظهر أو العصر أو المغرب أو العشاء. وبالإضافة لذلك فالشخص الذي يستضيف صلاة العيد ملزم بأضحية، حيث تتراوح الأضحية من بضعة دجاجات حتى عدة عجول عادة، مع التنويه إلى كون لحوم الأرانب والجمال محرمة عند العلويين (بالإضافة للحم الخنزير كذلك).

بعد انتهاء صلاة العيد تقدم وجبة طعام للمدعوين وتبدأ عملية توزيع الأضحية على الجيران، حيث من الممكن أن يتم توزيع لحم الأضحية نيئاً أو مطبوخاً مع وجبة من البرغل أو الرز (حيث أن الطعام المقدم عادة ما يتكون من برغل أو رز مطبوخ بالإضافة إلى مرق يختلف عادة من منطقة لأخرى ويتبع للتفضيلات بالدرجة الأولى).

بالإضافة للأعياد الإثني عشر الدينية، فحتى فترة قريبة كانت القرى العلوية تحتوي أعياداً أشبه بكونها اجتماعية، وأهمها عيد البربارة المطابق للعيد الخاص بالطوائف المسيحية التي تشارك العلويين قراهم في كثير من الأحيان، حيث يتضمن العيد صناعة الحلويات وطبخ الهريسة (علماً أن الهريسة هذه عبارة عن وجبة من القمح واللحم والسن وقد يضاف إليها اللبن وهي مختلفة عن نوع الحلويات الذي يحمل الاسم نفسه).

العيد الآخر هو ”الرابع“ الذي يأتي في يوم رأس السنة السورية (وفق التقويم الشرقي) ويعتقد بأنه مستمر منذ العصور القديمة قبل اجتياح الدينين المسيحي والإسلامي للمنطقة، حيث يتضمن مظاهر أكثر احتفالية مع اجتماع سكان القرية في الساحة مع مظاهر فرح وغناء ودبكة مع وجود مأكولات عدة وبالدرة الأولى اللحم المشوي والتبولة.

كل من العيدين السابقين باتا غير موجودين اليوم تقريباً، حيث انحسرا بشكل كبير منذ سبعينيات القرن الماضي مع ”أسلمة“ العلويين، فقد قل الاحتفال بهما بشكل كبير ولو أنه استمر في بعض المناطق حتى بداية القرن الحالي، حيث اختفى بشكل شبه كلي مع بداية الحملات التبشيرية الإيرانية في المنطقة. ولو أن احتفالات رأس السنة استمرت ولم تتأثر بالأمر.

المقامات الدينية والإيمان بالخوارق

مقامات دينية علوية

يوجد في جميع مناطق سكن العلويين عدد كبير من القباب التي تسمى ”مقامات“ وتشكل أضرحة لشيوخ سابقين توفوا، مع بعض المقامات التي يعتقد أنها كانت لشخصيات دينية قديمة. هذه المقامات تعامل باعتبارها أماكن مقدسة مع التصديق بكون البعض منها يمتلك قدرات خارقة؛ كاستجابة الدعوات وشفاء الأمراض وغيرها، مما يجعل بعضها مقصداً للكثيري نتيجة سمعتها هذه.

عادة ما تضم المقامات قبراً لشيخ معروف أو ذي أهمية كبيرة، حيث يغطى القبر عادة بقماش أخضر يقوم الزوار باقتطاع أجزاء منه أو تنسيل خيطانه وتجديلها لتشكل ”خلعات“ تعد مباركة كونها قريبة من الشيخ المقصود، وبطبيعة الحال فهذه المزارات تحوي الكثير من البخور والمصاحف وتكثر زياراتها في العطلات ونهايات الأسبوع، خصوصاً مع كونها عادة محاطة بالأشجار وتعد الأشجار المحيطة بها وقفاً ويمنع قطعها.

بالإضافة للإيمان بقدرات خارقة للمقامات، فالإيمان بالخوارق لدى العلويين يمتد بشكل أعمق من ذلك، فالكثيرون يعتقدون بقدرة بعض الشيوخ على الشفاء أو حتى إعادة المخطوفين والتنبؤ بالمستقبل وغيرها من الأمور. هذه المعتقدات تنعكس بشكل كبير على استخدام ”الحجابات“؛ وهي عبارة عن قطع ورقية مع كتابات متعددة ملفوفة بالقماش الأخضر وتلبس مع الثياب أو توضع في المنازل لمباركتها أو حمايتها.

الاعتقاد بالخوارق والقدرات الكبيرة للمشايخ والروحانيين قادت عموماً إلى خلق طبقة من المشايخ ورجال الدين المحليين الذين حققوا مكاسب مادية من هذا الأمر، فعند استشارة الشيخ أو طلب إمامته لصلاة العيد أو النذور فمن التقليد تقديم مبلغ مالي كزكاة، مع الثقة بكون الشيخ سيوزعها على المحتاجين بشكل سري. لكن هذه الثقة باتت محط الشك من قبل الجيل الجديد مع كون ”المشيخة“ كثيراً ما تنتقل وراثياً وتترافق مع نمو كبير للثروات وتجميع للأموال.

”الأسلمة“ والتشيع

يستخدم لقب ”نصيرية“ اليوم كخطاب كراهية من قبل الجماعات الاسلامية المتشددة المحاربة في الحرب الأهلية السورية.
يستخدم لقب ”نصيرية“ اليوم كخطاب كراهية من قبل الجماعات الاسلامية المتشددة المحاربة في الحرب الأهلية السورية.

تعرض العلويون عبر السنوات لحملات متعددة سواء من القتل أو التهجير، فالأمر بدأ من تهجير علويي حلب ولم ينتهي مع الحملات العثمانية المتكررة على القرى العلوية، هذه الحملات أجبرت العلويين على سكن الجبال التي كانت منيعة نسبياً بفضل ارتفاعها وانعدام الطرقات مما يجعل الحملات العسكرية عليها غير مجدية حقاً، لكن العلويين الذين بقوا في المدن أجبروا على اتباع ما يعرف بـ”التقية“، فباتوا يحاكون تصرفات محيطهم من السنة من ارتداء الحجاب (أو النقاب حتى في بعض الحالات) وتأدية الصلاة في المساجد وغيرها.

لاحقاً مع تولي حافظ الأسد الحكم في سوريا بعد الانقلاب الذي قام به، ومع عدم اعتراف الأزهر بالعلويين كمسلمين وكون الدستور السوري يفرض على الرئيس أن يكون مسلماً، بالنتيجة وافق الأزهر خلال السبعينات على اعتبار العلويين طائفة إسلامية عاداً إياهم من الشيعة الإثني عشرية، حيث قاد هذا القرار إلى تحولات كبيرة في المجتمع العلوي وسعي للظهور كمسلمين لتجاوز الحاجز الطائفي الذي ترسخ على مدى مئات السنين.

لاحقاً مع بداية القرن الحالي وتزايد دعم النظام السوري لحزب الله اللبناني وقوة العلاقات مع إيران بدأت العديد من الحملات التبشيرية بالظهور في مناطق العلويين، هذه الحملات أخذت طابع الإغراء بمساعدات مالية ومساعدات عينية وحتى دروس مجانية للطلاب لإغراء الناس بالتشيع. هذه العملية حققت فعالية محدودة جداً ولم تؤدي إلى تغير حقيقي كبير، لكن لا يمكن إنكار وجود العديدين ممن أصبحوا شيعة بعدها.

فيم يلي معلومات متفرقة عن العلويين قد لا تعرفها:

1. العلوية دين باطني لاتبشيري وحصري (لا يمكن لأحد الانضمام للدين إلا في حال انتماء أحد والديه إليه).

2. تقدر الإحصائات أعداد العلويين بـ5 مليون شخص (مع أن الكثير يرى أن اعدادهم تفوق الرقم بكثير)، يعيش معظمهم في الساحل السوري والمنطقة الوسطى فيما يتوزع الباقون شمال لبنان وجنوب تركيا في لواء اسكندرون (هاتاي).

3. يعود تاريخ نشأة الديانة إلى القرن التاسع الميلادي على يد ”ابن نصير“ الذي يشار للعلويين باسم ”النصيرية“ نسبة له. يستخدم لقب ”نصيرية“ اليوم كخطاب كراهية من قبل الجماعات الاسلامية المتشددة المحاربة في الحرب الأهلية السورية.

4. تأتي تسمية ”علوية“ نسبة لـ علي بن أبي طالب، ابن عم وصهر النبي محمد والخليفة الراشدي الرابع، وتشير الأدلة التاريخية إلى استخدام هذه التسمية منذ مطلع القرن الحادي عشر الميلادي.

5. في صلب العقيدة العلوية ثالوث مقدس يتكون من اسم وحجاب وباب، يتجسد في أشخاص مختلفين منذ بدأ التاريخ وآخرهم: الاسم: علي بن أبي طالب، الحجاب: محمد بن عبد الله، الباب: سلمان الفارسي.

6. تتكون النصوص المقدسة العلوية مما يسمى ”الدستور“، وهو عبارة عن 16 قداساً تلقن من الشيخ للمُريد الذكر البالغ ليصبح مؤهلاً للصلاة والإشتراك في المناسبات الدينية.

7. عدم وجود سلطة دينية موحدة أدى لتفرق العلوية إلى فرق متعددة تختلف عن بعضها بتفاصيل بسيطة من العقيدة، القسمان الرئيسيان هما الحيدرية والكلازية وتتفرع منهما تصنيفات فرعية تكاد تكون متطابقة.

8. غياب السلطة الدينية الموحدة والتشريع الديني جعل المجتمعات العلوية تعيش حرية نسبية مقارنة بنظائرها الإسلامية، حيث لا ترتدي النساء الحجاب، ويشيع شرب ”العرق“ وهو مشروب كحولي يصنع من العنب أو التين.

العرق
العرق – مشروب كحولي

9. يؤمن العلويون بالتقمص، حيث أن الثواب والعقاب يتجلى بالترقي بمستويات الصفاء حتى الوصول للوحدة مع الخالق للأخيار، والانحدار نحو المسوخية ومن ثم التلاشي للأشرار، بشكل مشابه للمعتقدات البوذية.

10. يؤمن العلوين بقدسية المقامات التي تكون مدافن شيوخ صالحين، يؤمنون بامتلاكهم كرامات تتجلى بفك الضوائق وشفاء الأمراض وغيرها.

11. لا يمارس العلويون أي طقوس دينية علناً، حيث تجري الاحتفالات الدينية على شكل صلاة في أماكن مغلقة.

12. تتكون الصلاة من بضعة قداسات تتلى سراً بترتيب معين، ويمكن أدائها في بضعة دقائق خلال ممارسة أي نشاطات أخرى حيث لا تتطلب حركات بدنية.

13. تتنوع الاحتفالات الدينية العلوية حسب مصدرها، تتضمن بالمجمل الصلاة والأضحية وتوزيع الطعام على الفقراء والمحتاجين.

الاحتفالات الدينية
الاحتفالات الدينية

14. عيد الغدير والنصف من شعبان: تعد أشهر الأعياد العلوية وتتضمن صلاة جماعية وتوزيع الطعام على الفقراء دون مظاهر احتفالية ظاهرة.

15. عيد الرابع: وهو عيد رأس السنة السورية، يجرى في نيسان (وفق التقويم الشرقي) ويتضمن احتفالات تتضمن الدبكة وأكل التبولة وشرب العرق، قل الاحتفال به في السنوات الأخيرة.

16. عيد الحلوة: هو نفسه عيد القديسة ”بربارة“ لدى الكنائس المسيحية الشرقية، يتضمن صنع الحلويات وتوزيعها ابتهاجاً بالعيد، كما عيد الرابع قل الاحتفال به في السنوات الأخيرة.

17. رغم تأكيد الكثير من العلويين على عروبتهم، يرجح الباحثون الغربيون أن أصلهم يعود لقومبات المنطقة القديمة كالفينيقية والحيتية، خصوصاً مع استخدامهم للتقويم الشرقي للزراعة واحتفالهم بعيد الإحياء وعيد الرابع التي تعود لتلك الحضارات.

18. تم الاعتراف بالعلويين كطائفة مسلمة بفتوى من الإمام موسى الصدر سبعينات القرن الماضي لأسباب سياسية، وعلى الرغم من أنهم يقولون أنهم مسلمون تنكر الطوائف الإسلامية الأخرى ذلك.

موسى الصدر
موسى الصدر

19. تعرض العلويون لاضطهاد مستمر من قبل السلطات المسلمة السنية خصوصاً في أواخر فترة الحكم العثماني، تغير هذا الوضع نسبياً مع تولي حافظ الأسد الحكم عام 1970 لكن عاد الوضع للتدهور مع بداية الحرب الأهلية.

20. أبرز أعلام العلويين في القرن الماضي: الرئيس السابق حافظ الأسد، الشاعر بدوي الجبل، الأديب أدونيس …الخ.

مقالات إعلانية