لم تشهد الحركة الفنية، أو الثقافية في مصر منذ سنوات طويلة، بل في كل العصور السابقة حالة من الازدهار كتلك التي تشهدها حاليا، ففي السنوات السبع منذ أن شرفت مصر بتولي الرئيس السيسي حكم البلاد، وكل القطاعات الفنية والثقافية تشهد تطورًا غير مسبوق، حتي إن كثيرين ممن يتابعون المشهد الثقافي قبل هذه السنوات يمكنهم فهم طبيعة ما كان يحدث على سبيل المثال لصناعة الكتب، ومعارضها، ووصل الأمر إلى أن ردد كثيرون بأن عصر الكتاب قد انتهى، وإنه لا مجال لمعارض دولية، أو مكتبات، أو إنفاق على النشر، حتى بدا ما يمكن أن نسميه عصر نهضة الكتاب في مصر، وهو رافد من بين روافد عدة للثقافة المصرية، لكنه الأهم، إذ إنه أحد مصادر الثقافة إن لم يكن أهمها.
وفي عصر الرئيس السيسي بمكن الاستشهاد بأحداث كثيرة، لم تصادر الدولة كتابًا مطبوعًا،ولم تقصف قلمًا لكاتب، بل يصدر كل يوم عشرات الكتب، وأصبحت وزارة الثقافة في هذا العصر هي نبراس مهم ومصدر تنشيط للحركة الثقافية والفنية بمواقعها، ومنشآتها، ودور الفنون التابعة لها، من الأوبرا المصرية، والمراكز الثقافية المنتشرة في ربوع مصر، وأكاديمية الفنون التي تعد الآن صرحًا عربيًا مهمًا، ينهل منه ليس فقط المصريون بل طلاب من العالم العربي، حتي إنه عادت الأكاديمية ومعاهد السينما، ومراكز الفنون لتفتح أبوابها على مصراعيها لأبناء العالم العربي، وسعت الدكتورة إيناس عبدالدايم إلى تطوير الأكاديمية وتابعت منذ أيام بناء المسرح الروماني، وتشييد قاعات جديدة.
وفي السينما، لم تصادر الرقابة المصرية برئاسة الدكتور خالد عبدالجليل فيلمًا واحدًا، أو تأمر بمنع تصوير عمل فني، أو ترفض سيناريوهات بها من الجرأة ما يمكن أن يثير غضب أحد، بل يقول "عبدالجليل" إن الهدف من الرقابة ليس المنع، بل أن تمنح للعمل موافقة بأن الدولة لا تحجر على فكر أحد، ونعتمد في ذلك على قوانين ولوائح نعمل بها منذ أن أنشئت الرقابة.
وبمقارنة ما كان يحدث في عهود سابقة يمكن القول إن السينما في مصر تعيش كصناعة أزهى عصورها، فلولا جائحة كورونا، لحدثت طفرة مهمة في الإنتاج السينمائى، وعدد دور العرض الذي ارتفع ليصل إلى ما يقرب من 400 دار عرض، بعد أن كان قد تقلص سنويًا، ولكنه في السنوات السبع الأخيرة شهد ارتفاعًا بشكل ملحوظ، فكانت تفتتح كل عام دور عرض بالمولات؛ سواء في القاهرة أو المحافظات، وتشهد نهضة في مجالات الإنتاج السينمائي للدولة بعد أن أكدت وزيرة الثقافة إعادة بعث الإنتاج السينمائي من خلال المركز القومي للسينما برئاسة السيناريست محمد الباسوسي، بعد توقفه.
وشهد المسرح المصري نهضة كبيرة، بعد حالة تراجع كانت قد أصابته، فعاد المسرح القومي ليعمل بكامل طاقته، وعادت مسارع الدولة أيضًا، وحدثت طفرة في مسارح شبابية مثل مسرح مصر، ومسرح سنبل للنجم محمد صبحي الذي يعرض حاليًا أعماله بنجاح.
وفي الدراما حدث ولا حرج، تحولت صناعة الفن الدرامي إلى قوة ضاربة في العالم العربى، وعاد المسلسل المصري ليصبح هو المنتج رقم واحد المطلوب عربيًا، وبخاصة الأعمال الوطنية مثل الاختيار، وهجمة مرتدة، والقاهرة كابول، ثم لعبة نيوتن، وغيرها من الأعمال، وحتى في مجال الفن الغنائي، لم يمنع مطرب أو مغنٍ من أن يقدم إبداعاته بل فُتحت أبواب القنوات الفضائية لكل الأصوات والمواهب الشابة.
وفي مجال المهرجانات السينمائية عادت كل المهرجانات لتنير المدن، حتى إنه أصبح في كل محافظة مهرجان سينمائي باستثناء بعض المحافظات التي تسعى حاليًا وزارة الثقافة لإقامة مهرجانات تحمل اسمها فعلى سبيل المثال لا الحصر مهرجان السينما الإفريقية بالأقصر، ومهرجان أسوان الدولي لأفلام المرأة بأسوان، ومهرجان الإسماعيلية الدولي للأفلام التسجيلية والقصيرة، ومهرجان دمنهور الدولي للفلكلور، ومهرجان القاهرة السينمائي، والجونة، وغيرها وغيرها فكل هذه المهرجانات أحدثت طفرة فنية ما كانا نجدها لولا دعم ورعاية الدولة في عصر الرئيس السيسي.
وفي مجال المتاحف، تنتظر مصر، بل ويترقب العالم افتتاح الحدث المهم وهو افتتاح المتحف المصري الكبير والمشيد على 117 فدانًا، ويضم أكثر من 100 ألف قطعة أثرية من مختلف العصور لدعم قطاعي السياحة والآثار في مصر، وسبق ذلك إعادة ترميم لمتاحف عدة مثل المتحف الإسلامي عام 2017، ومتحف جمال عبد الناصر.
وأعادت وزارة الآثار افتتاح قصر الأمير محمد علي المعروف باسم "قصر المنيل"، بعد انتهائها من عمليات الترميم الخاص به، والتي بدأت عام 2005م، واستغرقت 10 سنوات من الترميم والتجهيز، بسبب تدهور الحالة الإنشائية للقصر تأثرًا بعوامل الزمن.
وافتتح الدكتور خالد عناني، في عام 2016م، متحف ملوي بمحافظة المنيا، وذلك بعد غلقه نحو 3 سنوات، عقب تدمير المتحف وسرقة محتوياته عقب فض اعتصامي رابعة والنهضة في أغسطس 2013م بعد عزل مرسي.
كما افتتح الرئيس عبدالفتاح السيسي متحف آثار مطروح في 2018م، والذي يعد بانوراما لعرض القطع الأثرية للعصور التاريخية المختلفة والتي تمثل المنطقة، وهو الأول من نوعه ويضم نحو 1000 قطعة أثرية من مختلف العصور، وتم تجهيزه على نفقة المحافظة بقيمة 3.5 ملايين جنيه، ومتحف سوهاج وغيرها من المتاحف، كما أعيد افتتاح قصر البارون في العام الماضى، ومتحف شرم الشيخ.
كما وجه الرئيس عبد الفتاح السيسي باستكمال مشروع تطوير منطقة الأهرامات الأثرية، بما يتناسب مع قيمة الموقع التاريخية والأثرية.
وتم استكمال طريق الكباش الفرعوني الذي يربط معبد الأقصر بمعابد الكرنك بمسافة 2700 متر، بطريق احتفالات ملوك المصريين القدماء منذ آلاف السنين، تمهيدًا لوضعه على الخريطة السياحية، ومن المقرر افتتاحه خلال عام 2020م.
وكان الحدث الحضاري المهم جدًا وهو موكب المومياوات الذي شهد العالم به، وبحضارة مصر التي لن تطفأ أنوارها مدى الدهر.
هذه بعض العلامات المضيئة في السنوات السبع الماضية، وتؤكد بأن المسيرة تتواصل إلى الجمهورية الجديدة التي تتجمل لأبنائها وبسواعدهم تبنى من جديد.