يحدث الآن

في حديقة حيوان صنعاء.. ملوك الغابة يتحولون إلى جلد وعظم

دشن عدد من رواد مواقع التواصل الاجتماعي حملة لإنقاذ الحيوانات التي تسكن خلف القضبان الصدئة، وداخل الأقفاص المتسخة لحديقة حيوان صنعاء، حيث أصبحوا يعيشون ظروفًا صعبة وأوشك بعضهم على الموت بعد موجة الفقر ونقص الإمدادات التي أصابت الحديقة على أثر المجاعة التي بدأت اليمن مواجهتها في الآونة الأخيرة.

كيف تعاني الحيوانات؟

“وارد، وفرينس، وموكليس” ثلاثة أسود من بين عشرات الحيوانات الأخرى التي تعيش في ظروف مزرية، أصبحت حالتهم حرجة، حيث ظلوا يتناولوا وجبة واحدة في اليوم، لعدم قدرة الموظفين العاملين بالحديقة على توفير المزيد من الغذاء، حتى أصبحت أجسامهم كالجلد على عظام.

لقطات الفيديو والصور الفوتوغرافية التي شاركها النشطاء كفيلة بإظهار مدى ضعف الأسود الجائعة، ويمكنك سماع صراخها من الجوع.

قلة الطعام ليست السبب الوحيد في معاناة الأسود، حيث إنه ليس هناك اهتمام بتنظيف أقفاصها رغم أنها متسخة لدرجة أن الأسود تعاني الآن من أمراض جلدية مثل الجرب الذي يسببه العث والالتهابات البكتيرية.

رائحة الحاويات الخاصة بالثلاث أسود سيئة للغاية، للدرجة التي دفعت عدد من النشطاء الذين قاموا بزيارتهم لوصفها بـ “رائحة الموت”، حيث قال أحدهم إن الرائحة أحرقت أنفه ولم يتمكن من البقاء لفترة طويلة لالتقاط الصور ومقاطع الفيديو للحيوانات.

تقول الناشطة ديان هاوسل لصحيفة “الديلي ميل” البريطانية، إن القائمين على الحملة يشعرون بمزيد من القلق حول الحالة الصحية للاسد “وارد”، لأنه من الواضح أنه أكثر الحيوانات مرضًا وتدهورًا، وأقلهم قدرة على تحمل الجوع.

لماذا يحدث ذلك؟

حديقة حيوان صنعاء هي موطن لحوالي 700 حيوان، بما في ذلك حوالي 30 أسداً، ولكن نظرًا للحرب الأهلية التي تعيشها اليمن منذ عام 2014، فإن حراس الحديقة غير قادرين على تحمل تكاليف الطعام، ومواد التنظيف التي تعتبر أساسية لقتل البكتيريا القاتلة أو الأدوية أو الفيتامينات، وغيرها من متطلبات الحيوانات.

ومع اعتماد 80% من السكان في اليمن على المساعدات الغذائية الدولية لمواجهة المجاعة الناتجة عن حالة الحرب التي نشبت منذ حوالي 6 سنوات، أصبحت احتياجات الحيوانات ليست أولوية.

الأمر الذي تُرجم على أرض الواقع، من خلال حديقة حيوان صنعاء، والتي لم تعد قادرة على توفر الكميات اللازمة من الطعام، وأصبح غذاء الأسود قائم على الحيوانات النافقة.

علاوة على ذلك، لا تتمتع حديقة الحيوانات بإمكانية الوصول إلى المياه العذبة، نظرًا لموقعها، وتعتمد بشكل أساسي على نقل كل مياهها بالشاحنات، ما يجعل المياه غير متوفرة بشكل كافي أيضًا.

هل تحصل على مساعدات؟

تعتبر مساعدة النشطاء أساسية لحديقة الحيوان حيث لا تستطيع منظمات رعاية الحيوانات حاليًا زيارة حديقة حيوانات صنعاء للمساعدة، بسبب المخاطر التي تهدد حياة موظفيها بسبب الحرب.

وقالت الناشطة سالي: “رغم ذلك لا نستطيع حتى تنتهي الحرب، فلن تنجو الحيوانات، عدم توفر أموال الآن يعني عدم شراء الفيتامينات والأدوية والطعام والمياه النظيفة”.

لذلك يقوم فريق النشطاء باليمن بالتنسيق مع شريك يرغب في عدم الكشف عن هويته خوفا من التهديدات، بالتقاط صوراً ومقاطع فيديو عن الظروف التي تعيشها حديقة الحيوانات لاستخدامها في جمع التبرعات.

أكدت الناشطة سالي أنها جمعت حتى الآن أكثر من 1000 دولار، لكنهم بصدد جمع المزيد من التبرعات لإرسال المزيد من الأموال إلى حديقة الحيوان.

من المذنب؟

يشار إلى أن الاقتصاد اليمني تعرض للدمار بسبب الحرب، مما أدى إلى تعطل تدفق المواد الغذائية، الذي كان يجب استيراد ما يقرب من 90% منها قبل بدء الصراع، بين الأطراف المتحاربة.

ومع استمرار ارتفاع الأسعار، فإن أكثر من نصف اليمنيين ليس لديهم ما يكفي من الطعام، في حين أن 25% من السكان يعانون من سوء التغذية.

لذلك لم يلقِ النشطاء اللوم على مديري حديقة الحيوان، لأنهم أيضًا يكافحون لإطعام عائلاتهم بسبب الحرب، إذ أن بعضهم لا يتقاضى أجره أحيانًا، والبعض الآخر لا يحاول الإسهام في شراء الإمدادات البسيطة.

وإلى جانب الأسود المريضة، تضم حديقة حيوانات صنعاء أسود وحيوانات أخرى أخرى أكثر صحة، تلك هي الحيوانات التي تحصل على مزيد من الاهتمام بغرض العرض على الجمهور.

ورغم كل ما تمر به الحديقة من أزمات، لم تتوقف عن العمل، وهي مفتوحة حاليًا للزوار، حيث إنها تعتمد على رسوم الدخول، التي تصل إلى دولار واحد، كمصدر لمصروفاتها، لذلك قرر العاملون بها عرض الأسود التي تتمتع بالصحة للزوار، وفقًا لحديث النشطاء.

ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى