أولاً: الأحكام القضائية والمحاكمات

1. في يوم 5 يوليو 2008 بدأت دائرة فحص الطعون بالمحكمة الإدارية العليا في نظر الطعن الذي أقامه أحد المحامين ضد حكم محكمة القضاء الإداري الصادر في 29   يناير 2008، والذي كان قد قضى بحق المواطنين البهائيين في الحصول على أوراق   لإثبات الشخصية دون أن تذكر بها أية ديانة    (انظر الفقرة 1 من تقرير   حرية الدين والمعتقد   في الربع الأول من عام 2008). وقد دفع الطاعن في الدعوى رقم 10831/54-عليا بأن الحكم الصادر لصالح البهائيين يعد مخالفاً للنظام العام. يذكر أن تقرير هيئة مفوضي الدولة بشأن الطعن قد أوصى بعدم قبول الطعن استناداً إلى أن الحكومة (وهي التي صدر في مواجهتها الحكم المطعون فيه) لم تقم بالطعن على الحكم أمام الإدارية العليا، بما لا يجوز معه السماح لأحد المحامين بالطعن على الحكم. وما زال الطعن منظوراً أمام المحكمة حتى وقت صدور هذا التقرير في أكتوبر 2008.
      
2. في يوم 6 يوليو 2008 قضت المحكمة الإدارية العليا (في الدعوى رقم 9295/54-عليا) بتأييد الحكم الصادر عن محكمة القضاء الإداري والذي كان قد رفض الاعتراف بالسيد ماكس ميشيل حنا كرئيس أساقفة وبطريرك لطائفة مسيحية جديدة في مصر. وكان ماكس ميشيل قد تقدم في 2005 إلى وزارة الداخلية بطلب لاعتماد طائفة مسيحية أرثوذكسية تحت مسمى (المجمع المقدس لكنيسة القديس إثناسيوس)، بناء على اعتراف صادر بهذه الطائفة عن إحدى المدن الأمريكية. غير أن وزارة الداخلية انتهت إلى رفض الطلب استناداً إلى أن الطائفة لا تتبع أياً من الطوائف الأرثوذكسية المعتمدة في مصر وأن بطريركية الأقباط الأرثوذكس لا تعترف بماكس ميشيل أسقفاً. وفي يوم 25 ديسمبر2007 قضت محكمة القضاء الإداري بتأييد قرار وزارة الداخلية لانتفاء القرار الإداري، وذلك استناداًً إلى عدم وجود التزام قانوني على وزارة الداخلية بمنح الاعتراف القانوني لطائفة دينية ولو كانت معترفاً بها في دولة أخرى. واستندت المحكمة الإدارية العليا في تأييدها الحكم المطعون فيه إلى أن التزام الدولة باحترام حرية ممارسة الشعائر الدينية لطائفة ما لا يشمل الاعتراف الإداري بهذه الطائفة.  يذكر أن الحكومة المصرية تعترف حالياً بأربع طوائف مسيحية أرثوذكسية هي طوائف الأقباط والأرمن والروم والسريان.
      
3. في يوم 7 يوليو 2008 عقدت هيئة مفوضي المحكمة الدستورية العليا جلسة استماع في إطار إعداد تقريرها في الدعوى (رقم 92 لسنة 30 قضائية دستورية) الخاصة بمدى دستورية النص القانوني الذي يسمح للمواطنين بتغيير ديانتهم المثبتة في السجلات الرسمية. وقررت هيئة المفوضين في نهاية الجلسة السماح لأطراف الدعوى بتقديم مذكرات بدفوعهم القانونية خلال ثلاثين يوماً، لتقوم الهيئة بعدها بإنهاء تقريرها وإحالته لقضاة المحكمة الذين سيبدؤون نظر الدعوى في تاريخ لاحق.
      
وكانت محكمة القضاء الإداري برئاسة المستشار محمد الحسيني قد قضت في 4 مارس 2008 بوقف نظر جميع الطعون المقامة أمامها من مواطنين يطالبون بإثبات عودتهم للمسيحية بعد أن كانوا قد تحولوا إلى الإسلام، وإحالة المسألة إلى المحكمة الدستورية العليا للفصل في مدى دستورية المادة 47 من قانون الأحوال المدنية رقم 143 لسنة 1994، والتي تنص على إجراءات تغيير أو تصحيح الديانة أو الجنسية أو المهنة في الأوراق الرسمية. وطلبت محكمة القضاء الإداري في قرار الإحالة أن تفصل الدستورية العليا في ما رأته تعارضاً بين النص القانوني الذي سمح بتغيير الديانة دون قيود وبين نص المادة الثانية من الدستور التي تقضي بأن الإسلام هو الدين الرسمي للدولة وأن مبادئ الشريعة الإسلامية هي المصدر الرئيسي للتشريع.
 
4. في يوم 16 أغسطس 2008 قضت محكمة أمن الدولة العليا طوارئ برئاسة المستشار محمدي السيد بإلغاء قرار الاعتقال الصادر بحق شاب قبطي يُدعى عماد أديب عطية سليمان، وذلك في التظلم رقم 1372 لسنة 2008. وكان عماد أديب قد تعرض للاعتقال الإداري في يوم 26 أغسطس 2007، تنفيذاً لقرار صادر عن وزير الداخلية بموجب قانون الطوارئ. وقد جاء في قرار الاعتقال ـ الذي اطلع عليه محامي المبادرة المصرية للحقوق الشخصية ـ أن سبب الاعتقال هو "ارتباط المذكور بعلاقة عاطفية بإحدى المسلمات والمقيمة بنفس المنطقة. وبالعرض على السيد الوزير وافق سيادته على اعتقال المذكور لفترة واحدة ردعا له." وقد طعنت وزارة الداخلية ضد قرار إلغاء الاعتقال، ولكن المحكمة رفضت الطعن في يوم 10 سبتمبر 2008. غير أن وزارة الداخلية لم تمتثل لقرار المحكمة وأصدرت قراراً إدارياً جديداً باعتقال عماد أديب.

يذكر أن قانون الطوارئ يسمح بالاعتقال الإداري للأفراد "الخطرين على الأمن والنظام العام"، غير أنه لا يسمح بالاعتقال على سبيل "الردع".

5. عقدت محكمة القضاء الإداري في يوم 2 سبتمبر 2008 أولى جلسات نظر الطعن الذي أقامه ماهر أحمد المعتصم بالله ويطلب فيه تغيير ديانته وديانة ابنته القاصر من الإسلام إلى المسيحية، في الدعوى رقم 53717/62. وقد تقدم محامو المدعي أثناء الجلسة بطلب لتعديل طلبات المدعي لاستبعاد ابنته من الدعوى نهائياً. وقد تم تأجيل الدعوى لجلسة 4 نوفمبر 2008. يذكر أن المحكمة ذاتها كانت قد أصدرت حكماً في دعوى مشابهة في 29 يناير الماضي بعدم جواز اعتراف الدولة بتحول مواطن مسلم إلى أي ديانة أخرى لاعتبارات حماية النظام العام، وهو الحكم الذي تم الطعن فيه أمام المحكمة الإدارية العليا (انظر الفقرة رقم 5 من تقرير حرية الدين والمعتقد في الربع الأول من عام 2008).

6. أصدرت محكمة القضاء الإداري برئاسة المستشار أحمد محمد الشاذلي في يوم 4 سبتمبر 2008 حكماً بعدم قبول الدعوى التي أقامها أحد المحامين للمطالبة بإقالة أحد مدرسي مادة الحديث بكلية أصول الدين بجامعة الأزهر (ويُدعى عبد المهدي عبد القادر عبد الهادي)، ومنع تدريس أحد كتبه. وكان الطعن (رقم 24180/61) قد استند إلى أن الكتاب الذي يحمل عنوان (دفع الشبهات عن السنة النبوية) يتضمن أوصافاً مسيئة للرسول (ص). وقد استندت المحكمة في حكمها إلى الحماية الدستورية المكفولة بموجب المادة 47 للحق في حرية الرأي والتعبير. وأضافت المحكمة أنه "ولئن كانت حرية الرأي والإبداع لازمة في المجال السياسي والاجتماعي والثقافي...فإنها ألزم في مجال البحوث والآراء التي تتصل بالعقيدة والدين لإيضاح ما غم من قواعده وبيان ما خفي من أمور معقود استبيانها للعلماء المتخصصين...وكل ذلك مشروط بأن لا يهدر الرأي مستقراً ثابتاً أيده جموع الفقهاء والعلماء المتخصصين في هذا المجال."
      
7. في يوم 17 سبتمبر 2008 أصدرت محكمة جنايات شبرا الخيمة حكماً بالسجن ثلاث سنوات على السيدة بهية السيسي، بتهمة استعمال محرر مزور مع العلم بتزويره. وكانت النيابة العامة قد اتهمت بهية السيسي عام 1996 باستخراج بطاقة شخصية تثبت اسمها وديانتها المسيحيين عام 1994 رغم أن والدها كان قد تحول من المسيحية إلى الإسلام في عام 1964، وصدر في القضية حكم غيابي بسجنها لمدة ثلاث سنوات. وفي يوم 5 مايو 2008 قامت مباحث تنفيذ الأحكام بقسم شبرا الخيمة بإلقاء القبض عليها تنفيذاً للحكم الغيابي ثم تمت إحالتها لمحكمة الجنايات لإعادة محاكمتها حضورياً في القضية رقم 14223/1996. وفي بداية المحاكمة الجديدة أصدر القاضي قراراً بإخلاء سبيل المتهمة في 20 يوليو 2008 لحين انتهاء المحاكمة. ولم تتم إعادة القبض على بهية السيسي حتى وقت صدور هذا التقرير في أكتوبر 2008.
      
يذكر أن شادية السيسي، شقيقة السيدة بهية السيسي، كانت قد أدينت بالتهمة ذاتها وصدر ضدها حكم مماثل بالسجن ثلاث سنوات قبل أن يطعن النائب العام على الحكم أمام محكمة النقض ويأمر بإطلاق سراح شادية السيسي لحين الفصل في موضوع الطعن، بعد قضائها أربعة أشهر في سجن بنها تنفيذاً للعقوبة (انظر الفقرة رقم 7 من تقرير حرية الدين والمعتقد في الربع الأول من عام 2008).
 
8. أصدرت محكمة استئناف الإسكندرية في يوم 24 سبتمبر 2008 حكماً بإسقاط حضانة التوأم أندرو وماريو (البالغين من العمر 14 عاماً) عن والدتهما السيدة كاميليا لطفي جاب الله (مسيحية الديانة)، وضم الصغيرين إلى حضانة والدهما الذي كان قد تحول إلى الإسلام وقام بتغيير ديانة الطفلين من المسيحية إلى الإسلام. وقد قام الحكم (في الاستئناف رقم 820/679/62) بتأييد حكم مماثل كان قد صدر عن محكمة الأسرة بالعطارين في 28 فبراير 2006.

يذكر أن تقريري الخبيرين النفسي والاجتماعي المقدمَين لمحكمة الأسرة في الدعوى كانا قد انتهيا إلى ضرورة استمرار الطفلين في حضانة الأم. كما تقدمت الأم إلى المحكمة بفتوى صدرت بناء على طلبها عن دار الإفتاء المصرية في يوم 4 إبريل 2006 وانتهت إلى أن الإسلام ليس شرطاً في الحاضن وأن الرأي الشرعي هو أن "تثبت الحضانة للأم لطفلها ولو كانت كتابية أو كافرة واستمرت على كفرها."