برامج اليوم
00:00 أطماع الإنسان وجنون البقر
يعرض الآن على شاشة الجزيرة الوثائقية 01:00 أرشيفهم و تاريخنا
02:00 طعام في الشوارع
02:30 سياحة في المتوسط
03:00 رقصة مميته في اعماق البحر
04:00 بنايات شاهقة
04:30 عالم الأعشاب والنباتات الطبية
05:00 المطلوب 00 رطل من اللحم
06:00 أطماع الإنسان وجنون البقر
07:00 أرشيفهم و تاريخنا
اقرأ المزيد في (متابعات)
متابعات
أرسل الى صديق طباعة Share article
الفيلم الوثائقي .. مقاربات جدلية
آخر تحديث : الاثنين 25 ابريل 2011   11:58 مكة المكرمة

الفن - كل فن - هو قراءة للعالم لا تقول حقيقته المطلقة ولكنها قراءة تروي حكاية العالم لتعطيه معنى ما أو حقيقة ما هي ما يراه المبدع حقيقة أو ما شُبّه له. والفيلم الوثائقي على نهج الفن يسير.. يصوّر واقعا ولا يدّعي قول حقيقته ولا امتلاكها. لا يمتلك الفيلم الوثائقي إلا حقيقته الفنية. لأن الواقع يستعصي على المسك إنه متلون ومتداخل ومتعدد الأبعاد.
 عرّف تزيكا فيرتوف الفيلم الوثائقي بأنه "بناء خلاق للواقع". هو بناء.. وللبناء لبناته وللبناء مخططاته وللبناء دلالاته. أما اللبنة فهي ما توفر للكاميرا من مشاهد وفرها الواقع ولم يخترعها الفنان دون أن يأبه هذا الواقع بصاحب الكاميرا الذي يلهث خلف زوايا التصوير وينتشر داخل المكان وخارجه ليحاصر الواقع. وأما المخطط فهو في ذهن المبدع وهو يرى الواقع بعينه ثم هو إبداع في لحظة المونتاج التي لا تقل إبداعية عن لحظة التصوير نفسها إنها اللحظة التي يغلق فيها الفنان غرفة على واقع ويشبعه تقطيعا. وأما الدلالة فيتقاسمها المبدع والمتلقي يريد المبدع أن يقول ولكن المتلقي في النهاية  يفهم ما يريد.

ولمحاصرة شتات الواقع و"استبسال" الوثائقي من أجل ترويضه يأتي النقد والتقييم لحصر الجدل بينهما. وأول مظاهر تدخّل النقد هو القيام بعملية التصنيف الحاضرة في ذهن المبدع ولها ما يؤسسها في الواقع. فتصنيف الوثائقي إلى تاريخي وعلمي وطبيعة.. وغيرها من التصنيفات هي محاولة لوضع المعنى الذي يحمله الفن في جداول لا تخطئها العين ليصبح الفيلم خاضعا لطبيعة الأشياء ولطبيعة أمزجة الجمهور. فتخرج رحلة الوثائقي من ذهن المبدع إلى الكاميرا في ساحات الواقع إلى غرفة "الترويض" على نحو إبداعي ثم  أخيرا إلى بلاد الله الواسعة أي إلى عالم الجمهور. إنها رحلة الفن منذ بدأ.. يبدأ من المطلق والمتسع وينتهي في لا نهاية التلقي والامتداد.
  
هذه الرحلة تتجاذبها دوائر كبرى نسميها بنى الفكر والثقافة. وبما أن الفيلم الوثائقي هو منتج ثقافي فلابد أن يمر بتلك الدوائر فمن الأفلام ما تنغلق عليه دائرة بعينها فيختنق ومنها ما ينعتق فيحلق بعيدا. من تلك

الدوائر دائرة الإيديولوجية التي كثيرا ما يكون الفن فريسة لها أو جسرا أو ستارا. ومن تلك الدوائر دائرة الجمال، بالمفهوم الفلسفي لكلمة الجمال أي القيمة الجمالية في رؤية الأشياء باعتبارها قيمة أصيلة لدى الإنسان.
أما في مستوى استيعاب الفيلم الوثائقي لامتدادت البشر وأبعاده فهناك دائرة المحلي أو الثقافة المحلية للشعوب والتي من دونها تتماهى الألوان في لون واحد تمقته الطبيعة ويمجه الاجتماع البشري. وفي المقابل هناك دائرة الكوني إذ الوثائقي – وهو يعبر عن الثقافة المحلية – فإنه يمتد في المشترك القيمي البشري ليعبر عن هموم الإنسان أينما كان. ومن هذه الثنائية الجامعة تتفرع ثنائية المركز والهامش كأطروحة تحليلية للثقافة عموما وكبعدين من أبعاد الإنتاج الوثائقي لاسيما العربي. فلطالما عبّر الفيلم الوثائقي عن ثقافة المركز الغالب سلطة وسطوة أحيانا ولكنه انطلق فيما بعد ليعبر عن هوامش المجتمع الواقعة على تخوم السلطة أو المدينة أو الفكر.
من هذا المنطلق التحليلي جاء كتاب الجزيرة الوثائقية الثاني ليطرح الأسئلة والقضايا في اتجاهات متضادة أحيانا ومتشابكة أحيانا أخرى. ولذا اخترنا له عنوانا يحاول أن يستوعب الإشكاليات دون أن يجيب عليها.
"الفيلم الوثائقي : مقاربات جدلية " عنوان يبرره السياق الإشكالي الجدلي الذي تتنزل فيه المضامين التي يطرحها الفيلم الوثائقي خاصة والإنتاج الفني عامة. وقد بنينا عنوان الكتاب على نحو يتماشى مع البنية المنهجية للكتاب. حيث ورد الفيلم الوثائقي مفردا معرّفا فيما تركنا المقاربات نكرة وجمعا. لأن في تقديرنا أن الثابت هو أن الفيلم الوثائقي منتج فني ولكن المتغير هو التعدد في مقاربة الواقع وقراءته وعرضه. أما مفهوم "الجدلية" فأردنا أن نحيل به على ديناميكية الإبداع : قراءةً ونقدا وتصنيفا. ومن ناحية أخرى للتأكيد على تنوع مشارب الكتاب والنقاد المساهمين فيه.
أردنا أن يكون كتابنا الثاني جدلا معرفيا ونقديا حول وظيفة الفن عموما والفيلم الوثائقي خاصة. وأن يكون مناقشة تفصيلية للمفاهيم الكبرى للثقافة العالمية من خلال نماذج عربية (العولمة، الإيديولوجية، الخطاب المعرفي، الهامش ...) ..
وقد أردنا أن يكون تخطيط الكتاب أيضا متماشيا مع الرؤية المنهجية العامة فقسمنا الكتاب إلى بابين كبيرين احتوى كل باب على فصلين. النواة المركزية لكل باب وكل فصل هي الفيلم الوثائقي كمعطى فني قابل للقراءة والتحليل المتعدد الأبعاد. ولكن في الباب الأول طرحنا منظورا تحليليا جدليا متصلا بالمضامين الظاهرة للفيلم الوثائقي وتوظيفاتها. وفق مثال نموذجي وجامع، في تقديرنا. وهي علاقة الفن بالمعرفة من ناحية وبالإيديولوجية من ناحية أخرى. بعبارة أخرى إنها إشكالية الجمال بين الرسالة المعرفية والتوظيف الإيديولوجي. وبلغة أكثر تبسيطا واختزالا : حاولنا أن نجيب على سؤال ماذا يريد الفيلم الوثائقي أن يقول وراء رسالته الفنية ؟
أما الدراسات التي تضمنها الباب الثاني فتناولت الفيلم الوثائقي من منظور أوسع يضعه في صلب النقاش الثقافي العالمي الآن. وذلك بطرح إشكالية العولمة كإشكالية متشابكة المستويات. هذا الباب يحاول أن يجيب على سؤال مهم وهو : ماذا يريد الفيلم الوثائقي أن يفعل ؟
بين سؤال الباب الأول (ماذا يريد أن يقول) وسؤال الباب الثاني (ماذا يريد أن يفعل؟) هناك رؤية فكرية هي محصلة الكتاب. مفادها أن الفيلم الوثائقي هو رسالة فنية كبقية رسائل الفن، لها معنى ودلالة يقرأها كل منا ويوظفها كما يشاء. ولكن الفيلم الوثائقي هو أيضا مشروع حضاري له دور في بناء رؤية حول الإنسان والمجتمع لفهمه وتطويره. وبين الوثائقي كنص مقروء والوثائقي كرسالة تاريخية وحضارية يحتل هذا المنتج الإبداعي مكانته في عالم الفن والجمال.
الدراسات التي ضمتها دفات هذا الكتاب ساهمت فيها نخبة من النقاد والأكاديميين العرب المتخصصين في مجال السينما والإعلام والثقافة. ولكي نعطي بعدا ثقافيا أوسع ويتجاوز مجال الوثائقي كنوع فني، وندمجه ضمن إشكاليات الفكر العامة، جاء تصدير الدكتور من طرف الدكتور يوسف زيدان للكتاب. وهو رجل مفكر ومبدع في فن الرواية وغير ببعيد عن الوثائقي والتوثيق. بل الوثيقة التاريخية والحضارية ديدنه وشغله الشاغل ودراساته الغزية دليل على ذلك. وحتى عندما تجلى إبداعه في أبهى صوره كتب "عزازيل" المستندة إلى وثائق لا ينتبه إليها إلا صاحب حس ومبدع مسكون بالجمال.

الى الأعلى
تعليقات القراء: + - 
التعليقات لا تعبر إلا على رأي أصحابها.
  تعليقك على الموضوع:
الاسم:*
البريد الإلكتروني:
عنوان التعليق:*
محتوى التعليق:*
(*) هذه الحقول مطلوبة