خامساً - تشكيل (إمباكت): القطاع الخاص يسيطر على الصحة العامة

عبرت الدول النامية ومنظمات المجتمع المدني من كافة أنحاء العالم عن اعتراضاتها ومخاوفها فيما يتعلق بتشكيل مجموعة عمل (إمباكت) حيث تضم– رغم زعمها العمل على حماية الصحة العامة - جهات عديدة معنية بالأساس بتعزيز وتطبيق حقوق الملكية الفكرية. وتضم (إمباكت) المنظمة الدولية للشرطة الجنائية (INTERPOL)، ومنظمة الجمارك العالمية (WCO)، والمنظمة الدولية للملكية الفكرية (WIPO)، ومنظمة التجارة الدولية WTO)8). كما يلعب القطاع الخاص ممثل في شركات الأدوية متعددة الجنسيات دوراً رئيسياً في توجيه أجندة (إمباكت) مما يعزز دون شك حقوق الملكية الفكرية، حتى وإن كان ذلك يضر بالصحة العامة. وعلى رأس هذا القطاع الاتحاد الدولي لجمعيات وشركات الأدوية (International Federation of Pharmaceutical Manufacturers and Associations) والذي يتحدث بإسم أغنى وأبرز شركات الأدوية العالمية مثل أسترا زينيكا، وإيلاي ليللي، وجلاكسو سميث كلاين وغيرها.9

وعلى الرغم من أن منظمة الصحة العالمية هي التي أنشأت (إمباكت) إلا أنه على الدول الأعضاء اعتماد المستندات التي تصدرها (إمباكت) قبل أن تعتمدها منظمة الصحة العالمية كمستندات رسمية. وبخلاف المفروض، تستمر مجموعة العمل في وضع اسم وعلامة (logo) منظمة الصحة العالمية على المستندات الصادرة عنها في الوقت الذي لم تعتمد فيه الدول الأعضاء (في جمعية الصحة العالمية) أية تقارير صادرة عن (إمباكت). وبناءً على ذلك تناشد البلاد النامية ومنظمات المجتمع المدني منظمة الصحة العالمية بالانسحاب تماماً من عمل (إمباكت) وأن يتم مخاطبة موضوع سلامة وجودة وفاعلية الأدوية بعيداً عن منبر (إمباكت) والملكية الفكرية.

وفي المنتدى المفتوح الذي عُقد في مارس 2010 وضم أعضاء منظمة الصحة العالمية والمنظمات الغير حكومية المهتمة بعمل (إمباكت)، اعترض مندوب مصر في كلمته على (إمباكت)، وأضاف "لا تتمتع (إمباكت) بأية ولاية من الأجهزة الرئاسية بمنظمة الصحة العالمية (أي المجلس التنفيذي وجمعية الصحة العالمية)." كما أوضح تحفظات مصر بشأن تضارب المصالح بين أعضاء (إمباكت) وموضوعية البيانات المستخدمة بما في ذلك الإحصاءات المتعلقة بالمنتجات "المزيفة". ومن أبرز الانتقادات الموجهة ضد (إمباكت) استنادها على إحصاءات القطاع الخاص لتقدير حجم مشكلة التزييف دولياً، علماً أن القطاع الخاص معني بالتزييف التجاري وليس بالمنتجات الطبية متدنية النوعية. وجدير بالذكر، أن تقرير أمانة منظمة الصحة العالمية والذي تم مناقشته في جمعية الصحة العالمية خلال مايو 2010، يؤكد "أن البعد الحقيقي لهذه المشكلة (أي مشكلة سلامة وفاعلية وجودة الأدوية من منظور صحة عامة) مازال مجهولاً".10

وقد أيد مندوبي حكومات البرازيل والهند كلمة مصر، حيث أكد مندوب الحكومة الهندية على وجوب اقتصار عمل منظمة الصحة العالمية على الولاية التي فوضت بها: الصحة العامة، وبالتالي "ألا تنخرط في عمل (إمباكت)"، كما حث المندوب مجموعة العمل (إمباكت) أن توجه عملها تجاه المنظمة العالمية للملكية الفكرية أو منظمة التجارة العالمية بدلاً من منظمة الصحة العالمية. 

---

8- مطوية إمباكت - مايو 2008.

9- موقع الاتحاد الدولي لجمعيات وشركات الأدوية.

10- المنتجات الطبية المزيفة. تقرير من الأمانة. 22 أبريل 2010. ج63/23