ثالثاً: التدخلات والملاحقات الأمنية

18. تقدمت السيدة كوثر أحمد الفاو إلى النائب العام ببلاغ رقم 18917 لسنة 2009 ـ عرائض النائب العام في يوم 21 أكتوبر، تطالب فيه بتأمين عودتها مع أسرتها من البهائيين إلى منزلهم بقرية الشورانية التابعة لمركز المراغة بمحافظة سوهاج. وكانت أسرة الشاكية بالإضافة إلى ثلاث أسر بهائية أخرى قد اضطروا للخروج من القرية بناءً على أوامر أمنية عقب الاعتداءات الطائفية التي استهدفت منازل البهائيين بالقرية في الفترة من 28 إلى 31 مارس 2009 وأسفرت عن إحراق منازلهم (انظر الفقرة رقم 18 من تقرير يناير ـ مارس 2009). وقد تمت إحالة البلاغ إلى نيابة المراغة التي استمعت إلى أقوال الشاكية يوم 25 ديسمبر، حيث اتهمت الشاكية عدداً من المسئولين الأمنيين بمركز المراغة وبجهاز مباحث أمن الدولة بمنعها وأسرتها من العودة إلى منازلهم، وطالبت كوثر النيابة العامة بإصدار قرار بتمكينها من العودة إلى منزلها وإلزام وزارة الداخلية بتنفيذه، مع أخذ تعهدات بعدم التعرض لها من قبل بعض سكان القرية الذين قالت الشاكية إنهم قد شاركوا في إخراجها من القرية بمساعدة بعض رجال الأمن. ولم تتخذ النيابة قراراً في هذا البلاغ واكتفت بضمه إلى التحقيقات إلي تجريها النيابة العامة في القضية رقم 1192 لسنة 2009 ـ إداري المراغة، والخاصة بالاعتداءات الطائفية وجرائم حرق منازل بهائيي قرية الشورانية والاعتداء عليهم والتي لايزال التحقيق فيها مستمراً منذ شهر إبريل 2009 وحتى وقت صدور هذا التقرير.


19. قام حي الخليفة بالقاهرة، مدعوماً بقوات أمنية، بهدم مبنى خدمات تابع لجمعية "مارمينا العجايبي" بمنطقة الإباجية بالقاهرة يوم 22 أكتوبر بدعوى أن المبنى قائم دون ترخيص. وأكد القس كيرلس منصور الكاهن المسئول عن الجمعية لباحثي المبادرة المصرية أن المبنى تابع لجمعية مارمينا المشهرة منذ عام 1980، وأن الجميعة مصرح لها بإقامة الصلوات والطقوس الدينية داخل مقرها، وأنها تخدم نحو 160 أسرة في مناطق الإباجية والخليفة والسيدة عائشة. وأضاف أن القائمين على الجمعية قاموا بشراء قطعة أرض مساحتها 200 متر مربع تقريباً تقع أمام مبنى الجمعية، وتم بناء سور من الطوب حول الأرض في عام 1996، ثم بناء غرفة للخفير، وأخرى كمخرن دون التقدم بطلبات رسمية "نطراً لأن الجمعية تقع في منطقة عشوائية لا تمنح الدولة موافقات للبناء بها." وأضاف القس أن المبنى الذي تمت إزالته كان يستخدم في تقديم خدمات محو الأمية وتعليم الحاسب الآلي، وأن قرار الإزالة تم تنفيذه دون إخطار مسبق.


20. نشرت صحيفة الدستور اليومية في عددها الصادر بتاريخ 24 أكتوبر أن قوات الأمن حاصرت قرية دناصور التابعة لمركز الشهداء بمحافظة المنوفية وتواجدت بشكل مكثف داخل القرية، وذلك صباح يوم الجمعة الموافق 23 أكتوبر، خشية اندلاع أعمال عنف طائفي بالقرية بعد قيام إحدى الأسر المسيحية بالقرية وهي أسرة عوض الله بإنشاء مبنى خرساني يشبه الكنيسة على قطعة أرض تملكها الأسرة. وقال القس غبريال عوض راعي الأقباط في المنطقة لباحثي المبادرة المصرية إن نجيب عوض الله قام بالحصول على قرار من مجلس المدينة لبناء مبنى تقع في الطابق الأرضي منه ورشة للنجارة بينما يستخدم الطابقان الأول والثاني للسكن. غير أن القس أضاف أن زوجة صاحب المنزل تقدمت بشكوى لمباحث أمن الدولة في يونيو 2009 ضد زوجها، ذكرت فيها أنه ينوي تحويل المنزل إلى كنيسة على خلفية منازعات زوجية.  وقد قامت أجهزة الأمن عقب تلقي الشكوى بالتحفظ على المبنى ووضعه تحت الحراسة، حيث يوجد ثمانية عساكر يحرسون المنزل بصفة دائمة ويتم تغييرهم كل 12 ساعة. وقد وقع صاحب المنزل على إقرارً يفيد بأن المبنى عبارة عن منزل وتعهد بعدم استخدامه ككنيسة بعد أن تم استدعائه إلى جهاز مباحث أمن الدولة بالمحافظة في نهاية يونيو 2009 وسؤاله حول النشاط الذي سيتم مزاولته داخل المنزل وتم الإفراج عنه في نفس اليوم. وأكد كاهن القرية القس غبريال عوض أن صاحب المنزل تلقى معاملة حسنة ولم يتعرض لأي انتهاكات، وأضاف أن قوات الأمن تأتي بكثافة في كل يوم جمعه خوفا من حدوث اعتداءات على المسيحيين، وأنه يقام قداس أسبوعي في القرية ـ منذ عدة سنوات ـ بمنزل أحد المسيحيين، وذلك بعلم الأجهزة الأمنية التي لم تعترض على ذلك.


21. قامت سلطات مطار القاهرة باحتجاز الكاتب الشيعي الدكتور أحمد راسم النفيس، يوم السبت 24 أكتوبر من الساعة الرابعة عصراً وحتى الثامنة مساء، ومنعه من السفر إلى العاصمة الإيرانية طهران لحضور مؤتمر عن "الشهيدين". وقال الدكتور النفيس لباحثي المبادرة المصرية إن ضباط أمن المطار أبلغوه بأنه مسموح له بالسفر ولكن ليس في هذا اليوم وليس في هذه الرحلة، بالرغم من عدم وجود قرار رسمي أو ملاحقات قضائية. وأضاف أنه قد سمح له بالسفر يوم الإثنين 26 أكتوبر، بعد إخضاعه لتفتيش دقيق، وهو ما تكرر عند عودته إلى القاهرة في يوم 3 نوفمبر.


وتجدر الإشارة إلى أن النفيس كان قد تعرض لموقف مشابه في منتصف أغسطس الماضي، حيث تم منعه من السفر إلى العاصمة اللبنانية بيروت وتأجيل سفره لمدة يومين، وأثناء العودة احتجزته سلطات المطار لمدة خمس ساعات وقامت بإخضاعه للتفتيش ومصادرة بعض متعلقاته، ومنها كاميرا ديجيتال واسطوانات وأدعية دينية.


22. أمر المقدم كمال رضوان من جهاز مباحث أمن الدولة بنجع حمادي في يوم 26 أكتوبر المواطن المسيحي هاني رزق الله شحاته بمغادرة محل إقامته بمدينة نجع حمادي مع أخيه والانتقال إلى القاهرة، بعد أن سرت شائعة في المدينة بأن علاقة تربطه بسيدة مسلمة. وقال هاني لباحثي المبادرة المصرية إن ضباط مباحث أمن الدولة قاموا بتفتيش مكتبه في الشركة التي يعمل بها، وقال له المقدم كمال رضوان "لازم تترك البلد بدلاً من اعتقالك أنت وأخوك."

وقد صرح هاني في إفادته لباحثي المبادرة المصرية بأن علاقة طيبة كانت تربط بين عائلته وبين عائلة سيدة مسلمة التي تعيش بمركز نجع حمادي، وأنه في يوم 10 أكتوبر ذهبت السيدة إلى شقة هاني ـ الذي كان بمفرده ـ للحصول على أموال كانت أودعتها لديه. وبعد دقائق من دخولها الشقة حضرت مجموعة يتراوح عددها بين 15 و20 من الشباب المسلمين الذين اعتدوا على السيدة بالسباب وقاموا بضرب هاني وتصوير الاعتداء البدني باستخدام كاميرا الهاتف المحمول. كما قاموا بسرقة بعض محتويات الشقة ومن بينها هاتفان محمولان ومبلغ ألف جنيه كما استولوا على هاتف السيدة المحمول ومبلغ مالي كان بحوزتها. 


وأضاف هاني أن هؤلاء الشباب قاموا بنشر الفيديو بين الأهالي في نجع حمادي كنوع من التشهير بمسيحي يتم ضربه وإهانته، وأنه تلقى بعدها تهديدات من بعض مسلمي المدينة وتعرض للابتزاز من طرفهم لدفع المزيد من الأموال مقابل عدم التعدي عليه مرة أخرى، وأن بعضهم معروفون في المدينة لصلتهم بأحد نواب مجلس الشعب.


وقد قدم محامو السيدة المسلمة في الأول من نوفمبر بلاغاً إلى النائب العام ضد عضو مجلس الشعب بنجع حمادي ومدير أمن قنا وأحد ضباط أمن الدولة بمركز نجع حمادي وآخرين. وحذر المحامون في البلاغ – الذي حصلت المبادرة المصرية على نسخة منه - من وقوع فتنة طائفية جديدة بقنا وذلك لقيام عدد من أهالي نجع حمادي بتصوير مقاطع فيديو لموكلتهم وأحد الأقباط في أوضاع عادية والتشهير بها على أنها حالة زنا، فضلاً عن الإساءة إلى كرامتها وسمعة عائلتها، وفقاً لما جاء في البلاغ (رقم 19281 لسنة  2009 ـ عرائض النائب العام). وقد قامت نيابة استئناف قنا الكلية باستدعاء الفتاة يوم 20 نوفمبر للاستماع إلى أقوالها.


وقد علم باحثو المبادرة المصرية أن هاني عاد إلى نجع حمادي في بداية ديسمبر بعد انتهاء رصيده من الأجازات، وبعد موافقة الأجهزة الأمنية، فوجد أن رؤساءه في العمل قرروا نقله إلى العمل كعامل في العنابر بدلاً من عمله الأصلي كفني كمبيوتر. وقام ضباط أمن الدولة بتسليمه بعض محتويات شقته التي كانت تعرضت للسرقة، بينما قام عضو مجلس الشعب بإعادة المبلغ الذي دفعه هاني بعد تعرضه للابتزاز، حيث سلم النائب المبلغ إلى الأنبا كيرلس أسقف نجع حمادي.


وقد أكدت السيدة المسلمة نفس الرواية عن الحادثة لباحثي المبادرة المصرية، وأضافت أن الأنبا كيرلس طلب منها التنازل عن المحضر والتصالح، غير أنها رفضت وأصرت على الحصول على حقها بعد تشويه سمعتها. ولم يتم التصرف في البلاغ حتى وقت صدور هذا التقرير.


23. قامت الشرطة بمركز سمالوط بمحافظة المنيا بإلقاء القبض على موريس سلامة شرقاوي (مدرس، 48 عاما) من قرية دير سمالوط مساء يوم 27 أكتوبر 2009. وقد نسبت الأجهزة الأمنية إلى موريس أنه يقوم بتنظيم تجمعات مسيحية وصلوات جماعية داخل منزله بحضور رجال دين مسيحيين دون الحصول على تصريح مسبق.


وقد قال موريس سلامة لباحثي المبادرة المصرية إنه أقام الذكرى السنوية لوفاة عمه في يوم 24 أكتوبر. "ولعدم وجود كنيسة بالقرية لإحياء المناسبة، طلبت من القس إيليا شفيق المسئول عن القرية أن يأتي لمنزلي لأداء "صلاة تبريك" حضرها خمسون من أفراد العائلة." وأضاف موريس أنه فوجىء باستدعاء الشرطة له يوم 27 أكتوبر حيث تم تحرير محضر برقم 8651 لسنة 2009 ـ إداري سمالوط ، وتم التحقيق معه في اليوم نفسه بواسطة النيابة العامة التي أفرجت عنه يوم 29 أكتوبر بضمان محل إقامته، وبعد توقيعه على "تعهد بعدم إقامة شعائر دينية أو تنظيم تجمعات مسيحية داخل منزله."


وأوضح موريس لباحثي المبادرة المصرية أنه بعد إلقاء القبض عليه مباشرة قام جهاز مباحث أمن الدولة بالمنيا بتعيين حراسة على منزله مكونة من عسكري وعنصر من المباحث وخفير من القرية، وهو الوضع الذي ظل مستمراً حتى وقت صدور هذا التقرير. وأضاف أن ذلك الأمر يزعج الأسرة في دخولها وخروجها وممارسة حياتها اليومية، إضافة للحساسية التي نشأت بين أسرته وبين أهالي القرية بسبب هذه الحراسة.


24. قامت قوات الأمن بمطار القاهرة الدولي في يوم 18 نوفمبر بتوقيف واحتجاز المواطن عبد اللطيف محمد سعيد ـ أحد معتنقي فكر القرآنيين ـ أثناء سفره إلى السودان لتشجيع المنتخب المصري في المبارة التي أقيمت مع الجزائر في نفس اليوم. وتقدم محامو المبادرة المصرية للحقوق الشخصية في اليوم التالي للاحتجاز ببلاغ عاجل لمكتب النائب العام (برقم  20487 لسنة 2009 ـ عرائض النائب العام) لمطالبته بالتحقيق في واقعة الاحتجاز غير القانوني.


وجاء في البلاغ أن عبد اللطيف تعرض للتوقيف في مطار القاهرة بعد حصوله على ختم المغادرة، وتم منعه من السفر وإلغاء الختم، وإلقاء القبض عليه واحتجازه دون وجه حق في الصالة رقم 1 بالمطار. وقد قام ضباط أمن المطار بترحيل عبد اللطيف إلى جهاز مباحث أمن الدولة بشبرا الخيمة في اليوم التالي لتوقيفه، حيث تم احتجازه هناك لمدة أسبوع  قبل إطلاق سراحه يوم 25 نوفمبر 2009.


يذكر أن عبد اللطيف سعيد كان قد تعرض للمنع من السفر في واقعة مشابهة في شهر إبريل 2009 دون إبداء الأسباب وبناء على تعليمات من جهاز مباحث أمن الدولة. وقد أقامت المبادرة المصرية للحقوق الشخصية دعوى قضائية أمام محكمة القضاء الإداري (رقم 37542 لسنة 63 ق) ضد كل من وزير الداخلية ورئيس مصلحة الأمن العام ورئيس مصلحة الجوازات والهجرة والجنسية لوقف تنفيذ القرار الصادر بمنعه من السفر. وقررت المحكمة إصدار الحكم في الدعوى بجلسة 30 مارس القادم.


وكان عبد اللطيف قد سبق اعتقاله بموجب قانون الطوارئ في مايو 2007 على خلفية اعتناقه فكر القرآنيين، وقد أصدرت محكمة أمن الدولة العليا حكماً نهائياً بإلغاء القرار والإفراج عنه، وأمرت نيابة أمن الدولة العليا بإخلاء سبيله في سبتمبر 2007، بعد التحقيق معه وأربعة آخرين بتهمة ازدراء الدين الإسلامي بدعوى إنكارهم للسنة النبوية.


25. قررت نيابة أمن الدولة العليا في غضون شهر أكتوبر 2009 إخلاء سبيل حسن شحاتة يوسف و11 مواطناً آخرين بعد فترة احتجاز دامت خمسة أشهر على ذمة القضية (رقم 624 لسنة 2009 حصر أمن دولة عليا) بتهمة تشكيل جماعة منظمة سعت إلى الترويج لأفكار شيعية تسيء للدين الإسلامي والطوائف المنتمية للمذهب السني وتتلقى أموالاً من الخارج (انظر الفقرة رقم 21 من تقرير يوليو ـ سبتمبر 2009). إلا أن وزارة الداخلية وبعد قرار الإفراج الصادر من النيابة قررت اعتقال أحد عشر متهماً منهم على الأقل، ومازالوا رهن الاعتقال بسجن دمنهور حتى وقت صدور هذا التقرير. بينما تضاربت الأنباء حول الإفراج الفعلي عن حسن شحاتة أو صدور قرار اعتقال بشأنه أيضاً.


وكانت مصادر صحفية نقلت في يوم 25 نوفمبر عن مصادر بوزارة الداخلية تصريحات تفيد بأنها أفرجت عن الشيخ حسن شحاتة وبقية المحتجزين. ونفى حمزة نجل الشيخ الإفراج عن والده في تصريح صحفي لجريدة الدستور بالعدد الصادر في 27 نوفمبر وقال إنه وأشقاؤه وأعمامه وأهله ليست لديهم معلومات عن الإفراج عن والده. كما تلقت المبادرة المصرية للحقوق الشخصية مكالمات هاتفية من بعض أسر المعتقلين تؤكد عدم إطلاق سراحهم حتى شهر يناير 2010.