أولاً: الأحكام القضائية والمحاكمات

1- بتاريخ 30 يونيو 2009 قضت الدائرة الأولى بمحكمة القضاء الإداري برئاسة المستشار محمد عطية بعدم قبول الدعوى المقامة من جرجس ملاك واصف، والتي تضرر فيها من قيام الدولة بتغيير ديانته إلى الإسلام بعد قيام والده المسيحي بالتحول إلى الإسلام. وكان المدعي قد ذكر في دعواه (رقم 4475 لسنة 58 ق) أنه لم يكن قد  تجاوز السابعة من العمر حين تحول والده إلى الإسلام وأن مصلحة الأحوال المدنية التابعة لوزارة الداخلية قامت دون إرادته بتغيير ديانته إلى الإسلام وتغيير اسمه إلى محمد مصطفى محمد. وطالب المدعي بإلزام وزارة الداخلية باستخراج أوراقه الرسمية بنفس بياناته المدونة لحظة الميلاد من حيث الاسم والديانة المسيحية، استناداً إلى أن تغيير هذه البيانات كان قد تم دون رغبة منه، وأن له الحق بعد أن بلغ سن الأهلية القانونية أن يختار ويفاضل بين الديانات. 

واستندت المحكمة في أسباب حكمها بعدم قبول الدعوى ـ والذي حصلت المبادرة المصرية للحقوق الشخصية على نسخة منه ـ إلى أن "الإسلام بحسبانه الدين الذي يدين به غالبية أفراد الشعب المصري ... تحتم أحكامه ومبادئه حق غير المسلم في اعتناق الدين السماوي الذي يريد، كما تمنع ذات الأحكام على من دخل الإسلام ومارس شعائره الخروج منه باعتباره خاتم الأديان السماوية، وهو ما أضحى مظهراً من مظاهر النظام العام واجب الاحترام." وقالت المحكمة إنه "وإذ حفل الفقه الإسلامي بخلاف حول حد الردة وجوداً وتقريراً فإن جميعهم ]الفقهاء[ لا ينكر عظيم جرم المرتد واعتدائه على الإسلام بعد دخوله فيه بإرادته."

ورأت المحكمة أن النظام العام في مصر "يدميه النيل من دين الوطن الرسمي الذي استقر في وجدان أغلبية الشعب المصري على إثم الخروج على أحكامه وجرم الارتداد عنه." ورأت المحكمة أيضاً أن "المسلم الذي ارتضى بإرادته الإسلام أو من عاش الإسلام ووقر في ضميره ... يمتنع عليه الخروج على الإسلام متلاعباً بهذا الدين الحنيف باعداً بذاته عن الهدى ومنزلفاً في هوى نفسه." كما أكد الحكم على أن تغيير المعتقد الديني لا يجوز إلا وفق ترتيب معين وصفه الحكم بأنه "التغيير الذي يقره الله سبحانه وتعالى"، حيث قالت المحكمة إن "من يعتقد اليهودية مدعو إلى اعتناق المسيحية اللاحقة لها تنزيلاً ومن يعتنق المسيحية مدعو لاعتناق الإسلام خاتم الأديان والعكس في جميع الحالات غير صحيح بمراد الله في ترتيب نزول دياناته السماوية وبما يتفق مع النظام العام والآداب العامة في مصر."

وفي إطار ردها حول موافقة مصر على الاتفاقيات الدولية لحقوق الإنسان، والتي صارت بعد إقرارها قوانين سارية تؤكد على حرية الاعتقاد وحق الأفراد في اعتناق ما يرونه من ديانات أو عقائد، قالت المحكمة إن "مصر من منظور أنها دولة إسلامية يدين غالبية شعبها بالإسلام قد استخدمت سيادتها التشريعية بذات الأداة القانونية ووافقت على هذه الاتفاقيات مع الأخذ في الاعتبار أحكام الشريعة الإسلامية وعدم تعارض مضمون هذه الاتفاقيات مع هذه الأحكام التي استقرت نظاماً عاماً واجب الاحترام."

واستندت المحكمة أيضاً إلى فتوى صادرة عن دار الإفتاء في 14 مايو 2006 في الطلب رقم 704 لسنة 2006 بشأن مدى جواز إقرار المرتد على ردته واعتداد سلطات الدولة بهذه الردة. وكانت الفتوى المذكورة قد انتهت إلى أن "من دخل الإسلام طواعية من غير إكراه وعن بينة حملته على تغيير دينه إلى دين الإسلام فلا يجوز له أن يخرج عن النظام العام لمجتمعه ويطالب بأن يغير اسمه وديانته بعد أن غيرها أول مرة ويجاهر بردته فيفتن الناس عن دين الحق بهذا الاضطراب الذي يظهره، ويتعلق به حقوق الآخرين".

وخلصت المحكمة إلى أن المدعي يعد مسلماً نظرا لإسلام والده وهو في سن السادسة، وبالتالي فإنه لا يجوز له الارتداد عن الإسلام، حيث قالت المحكمة إن "المتفق عليه في الفقه الإسلامي أن الولد يتبع أحد أبويه في الإسلام، كما أن الراجح في الفقه الحنفي أن المسلم تبعاً لإسلام أبويه لا يلزمه تجديد الإيمان بعد بلوغه لوقوعه فرضاً باعتباره البقاء على أصل الفطرة أو ما هو أقرب." واعتبرت المحكمة أن الجهة الإدارية غير ملزمة بالنظر في طلب المدعي.

2- بتاريخ 8 يوليو 2009 قضت محكمة أمن الدولة العليا طوارئ برفض طعن وزير الداخلية على قرارها السابق والذي كان قد قضى بالإفراج عن المدون هاني نظير، صاحب مدونة (كارز الحب). وكانت وزارة الداخلية قد قامت باعتقال هاني نظير في 3 أكتوبر 2008 على خلفية شائعات سرت في قرية العيلة بمركز أبو تشت التابع لمحافظة قنا حول قيامه بنشر مواد مسيئة للإسلام على مدونته (انظر الفقرة 24 من تقرير يناير- مارس 2009). وتشير المعلومات إلى أن اعتقاله جاء بعد أن وجد بعض شباب القرية على مدونته رابطاً لموقع آخر نشر رواية تحمل عنوان "تيس عزازيل في مكة" لمؤلف أطلق على نفسه "الأب يوتا"، وهي الرواية التي يقال إنها ترد على رواية "عزازيل" للأديب يوسف زيدان والتي اعتبرتها الكنيسة القبطية مسيئة للمسيحية.

ورغم صدور قرار المحكمة والذي يعد نهائياً وفقا لأحكام قانون الطوارئ إلا أن وزارة الداخلية قد التفت على تنفيذ قرار المحكمة وأصدرت قرار اعتقال إداري جديد بحق المدون دون إخلاء سبيله. قد تقدم محامو المدون المعتقل في سجن برج العرب بالإسكندرية بتظلم آخر ضد قرار الاعتقال الجديد، قيد تحت رقم 7159 لسنة 2009، غير أن المحكمة قضت برفضه في 30 سبتمبر 2009، وهو ما يعنى وفقا لأحكام قانون الطوارئ حتمية الانتظار لمدة ثلاثين يوم قبل التقدم بتظلم جديد ضد قرار الاعتقال.

3- بدأت محكمة القضاء الإداري في 12 يوليو 2009 نظر الدعوى رقم 41935 لسنة 63 ق، والمقامة من محمد حجازي ضد رئيس الجمهورية وآخرين، والتي يطالب فيها بالاعتراف بتحوله من الإسلام إلى المسيحية. ووفقاً لما جاء بصحيفة الدعوى – التي اطلعت عليها المبادرة  المصرية ـ فإن المدعي يطالب بإلزام مصلحة الأحوال المدنية بتغيير اسمه إلى بيشوي أرميا بولس وتغيير خانة الديانة في أوراقه الرسمية من مسلم إلى مسيحي. وفي حال رفض الطلب فإن المدعي تقدم بطلب احتياطي وهو تغيير اسمه إلى بيشوى مع حذف خانة الديانة من أوراقه ووضع علامة شرطة (-) أمامها. ومازالت الدعوى منظورة أمام المحكمة.

الجدير بالذكر أن محكمة القضاء الإداري كانت قد قضت في 29 يناير 2008 بعدم قبول دعوى مماثلة أقامها المدعي نفسه (رقم 35647 لسنة 61 ق) وطلب فيها إلزام مصلحة الأحوال المدنية بتغيير ديانته في أوراقه الرسمية من مسلم إلى مسيحي (انظر الفقرة الخامسة من تقرير يناير- مارس 2008). وقد طعن محمد حجازي على هذا الحكم أمام المحكمة الإدارية العليا وتم قيد الطعن برقم (13040 لسنة 54 ق عليا) غير أنه لم تتحدد جلسة للنظر فيه حتى وقت صدور هذا التقرير. وفي الوقت نفسه قرر إقامة الدعوى الجديدة مع إضافة طلبات أخرى، خاصة بعد صدور حكم قضائي يسمح للبهائيين بوضع (-) أمام خانة الديانة.

4- شهدت فترة الرصد إقامة دعويين قضائيتين أمام محكمة القضاء الإداري ضد كل من وزير الثقافة وأمين عام المجلس الأعلى للثقافة وشيخ الأزهر، طالبتا بسحب جائزة الدولة التقديرية في العلوم الاجتماعية لعام 2009 الممنوحة لكل من الكاتب سيد القمني وأستاذ الفلسفة الدكتور حسن حنفي. ووفقاً لما جاء بصحيفتي الدعويين ـ التي اطلعت عليهما المبادرة المصرية - فقد رأى المدعون عدم أحقية القمني وحنفي في الحصول على الجائزة بدعوى قيامهما بإهانة الأديان والعقائد في كتاباتهما. وقد أودعت الدعوى الأولى والمقامة من يوسف البدري (بشأن جائزة القمني) بتاريخ 13 يوليو 2009 وقيدت تحت رقم 48575 لسنة 63 ق وتحددت لنظرها جلسة 3 نوفمبر 2009، بينما أودعت الدعوى الثانية والمقامة من عدد من المحامين ضد جائزتي القمني وحنفي بتاريخ 11 أغسطس 2009 وقيدت تحت رقم 52478 لسنة 63 ق وتحددت لنظرها جلسة 10 نوفمبر المقبل.

يذكر أن إعلان المجلس الأعلى للثقافة والتابع لوزارة الثقافة في 25 يونيو 2009 منح جائزة الدولة التقديرية لسيد القمني وبدرجة أقل لحسن حنفي قد أثار جدلا مجتمعياً واسعاً بين مؤيدين ومعارضين لمنحهما الجائزة التي يتم اختيار الحاصلين عليها بتصويت أعضاء المجلس.

وكانت محكمة القضاء الإداري برئاسة المستشار محمد الحسيني قد قضت في 1 إبريل 2008 بوقف تنفيذ قرار منح الشاعر حلمي سالم جائزة الدولة للتفوق في الآداب وسحب الجائزة منه مؤقتاً لحين الفصل النهائي في موضوع الدعوى رقم 31339 لسنة 61 ق -والتي كان أقامها يوسف البدري أيضاً - استناداً إلى أن حلمي سالم وفقاً لما ارتأته المحكمة قد "أهان الذات الإلهية" في إحدى قصائده (انظر الفقرة الأولى من تقرير إبريل - يونيو 2008).

5- بتاريخ 27 يوليو 2009 أصدرت الدائرة التاسعة بمحكمة السيدة زينب لشئون الأسرة برئاسة المستشار وليد محمد رفعت حكماً بنزع الطفل "آسر أسامة صبري" من حضانة والديه البهائيين وضمه إلى حضانة عمة أم الطفل المسلمة وذلك في الدعوى رقم 164 لسنة 2007. وكان جد الطفل لأمه قد أقام الدعوى طالباً فيها ضم حفيده إلى حضانته وذلك بعد اكتشافه اعتناق والدي الطفل للبهائية، وتدخلت في الدعوى شقيقة الجد وطلبت ضم الطفل إلى حضانتها لذات السبب.

واستندت المحكمة في أسباب حكمها ـ الذي حصلت المبادرة المصرية للحقوق الشخصية على نسخة منه ـ إلى أنه "من المقرر شرعاً أنه لا تثبت الحضانة للحاضنة الكافرة للصغير المسلم لأن الحضانة ولاية ولم يجعل الله ولاية للكافر على المؤمن." وذهبت المحكمة إلى أن "الأحناف وإن رأوا جواز حضانة الكافرة إلا أنهم اشترطوا أن لا تكون مرتدة لأن المرتدة عندهم تستحق الحبس حتى تتوب وتعود إلى الإسلام أو تموت في الحبس." وقالت المحكمة إن علماء المسلمين أجمعوا على أن "العقيدة البهائية أو البابية ليست عقيدة إسلامية، وأن من اعتنق هذا الدين ليس من المسلمين ومرتد عن دين الإسلام."
وذكرت المحكمة أنها قد اطمئنت إلى شهادة اثنين من الشهود تقدم بهما المدعي إلى المحكمة وقررا أن الأم قد "اعتنقت البهائية وارتدت عن الدين الإسلامي". واستخلصت المحكمة من الشهادتين أن الأم "قد اعتنقت ما يسمى بالديانة البهائية ومن ثم تكون قد ارتدت عن الدين الإسلامي، الأمر الذي تكون معه قد فقدت شرطاً من شروط حضانتها للصغير آسر، وهو شرط عدم الارتداد عن الدين الإسلامي.. وأن وجود الصغير مع المدعى عليها الأولى – الأم – فيه أبلغ الضرر." يذكر أن الطفل ووالديه لم يحضروا أياً من جلسات نظر الدعوى بعد سفرهم إلى خارج البلاد عقب إقامة الدعوى.  


6- بتاريخ 17 أغسطس 2009 بدأت الدائرة العاشرة جنايات بمحكمة استئناف القاهرة نظر الطعن بالنقض (رقم 321 لسنة 2007) المقام من المدون عبد الكريم نبيل سليمان - وشهرته كريم عامر - ضد الحكم الصادر بحبسه أربع سنوات بتهمتي ازدراء الأديان وإهانة رئيس الجمهورية. وظل الطعن منظوراً أمام المحكمة حتى وقت صدور هذا التقرير.
وترجع وقائع القضية إلى 6 نوفمبر 2006 حيث تم إلقاء القبض على المدون واستجوابه بشأن كتاباته على مدونته، والتي اعتبرت النيابة العامة أنها تشكل ازدراءً للدين الإسلامي وتثير الفتنة و"تحوي بيانات وإشاعات مغرضة من شأنها تكدير الأمن العام" فضلاً عن إهانة رئيس الجمهورية. وقد أمرت النيابة بإحالة المدون إلى محكمة جنح محرم بك بالإسكندرية والتي قضت بالحكم السابق الإشارة إليه في فبراير 2007 وتم تأييد الحكم من محكمة الجنح المستأنفة في مارس 2007. ورغم أن محامين عن الشبكة العربية لمعلومات حقوق الإنسان طعنوا بالنقض على الحكم في مايو 2007 إلا أن المحكمة لم تبدأ في نظره إلا في شهر أغسطس 2009. يذكر أن فريق الأمم المتحدة المعني بالاحتجاز التعسفي قد أصدر في 23 مارس 2009 قراراً اعتبر فيه احتجاز السلطات المصرية لكريم عامر إجراءاً تعسفياً يخالف القانون الدولي وطالب بإخلاء سبيله