سادساً: تقارير وإصدارات وأنشطة

40. نظمت مجموعة (مصريون ضد التمييز الديني) المؤتمر الوطني الأول لمناهضة التمييز الديني يومي 11 و12 إبريل 2008 تحت شعار "مصر لكل المصريين." وقال المنظمون إن المؤتمر استهدف "بلورة مفهوم واضح للمقصود بالتمييز الديني، وفهم الشائعات ودورها في تصعيد الصراع الطائفي، وما ينتج عنه من تمزيق للوطن."

وقد تضمن البيان الختامي للمؤتمر استعراضاً للأوراق التي ناقشها على مدى اليومين، في محاور تضمنت التمييز القانوني والدستوري،  والتمييز في مجالات التعليم، والتوظيف، والإعلام. غير أن البيان أيضاً لاحظ تنامي القوى المناهضة للتمييز الديني من أحزاب ومنظمات أهلية ومبادرات شبابية. ورغم اعتراف البيان بوجود أشكال عديدة للتمييز بين المصريين على أساس الفقر والنوع الاجتماعي والرأي السياسي، إلا أنه اعتبر أن التمييز الديني هو أخطرها جميعاً، "لأنه يقوض دعائم الوطن والمواطنة ويعصف بأسس التقدم الحقيقي التي ترسّخت عبر التاريخ."

وخرج عن المؤتمر عدد من التوصيات، تضمنت مطالبة مؤسسات الدولة بحماية المساواة بين المواطنين، والدعوة إلى تعديل المادة الثانية من الدستور، بحيث تتضمن الإشارة إلى مقاصد الشريعة الإسلامية جنباً إلى جنب مع كافة القيم الإنسانية التي تضمنتها جميع الأديان ومواثيق حقوق الإنسان كمصدر رئيسي للتشريع، وإصدار قانون لتجريم التمييز على أي أساس، وقانون موحد لإنشاء وترميم دور العبادة دون تفرقة على أساس الديانة، وتنقية مناهج التعليم من المواد التي ترسخ التقسيم الطائفي، وحث أجهزة الإعلام على نشر ثقافة التسامح والعيش المشترك. 

يذكر أن المؤتمر قد عقد بمقر حزب التجمع اليساري، بعد أن كان من المُقرر عقده في قاعة مستأجرة بنقابة الصحفيين. غير أن سبعة من الصحفيين، بينهم واحد على الأقل من أعضاء مجلس النقابة، أغلقوا أبواب النقابة صباح المؤتمر ومنعوا انعقاده بالقوة احتجاجاً على تضمين برنامج المؤتمر كلمة لممثلة عن المصريين البهائيين، فضلاً عما اعتبره المحتجون تقسيماً طائفياً لمصر عبر إثارة مزاعم "مشبوهة" بشأن التمييز ضد الأقباط. ولم تفلح محاولات نقيب الصحفيين في إقناع المحتجين بالسماح بعقد المؤتمر، مما أدى إلى تغيير مكان الانعقاد. وقد تمت إحالة الصحفيين السبعة بعدها إلى مجلس تأديب داخل النقابة لازالت أعماله مستمرة حتى وقت كتابة هذا التقرير.

41. عقد (التيار العلماني القبطي) - وهو مجموعة بحثية تضم عدداً من المثقفين الأقباط الداعين إلى إصلاح الكنيسة القبطية – مؤتمرهم الثالث بعنوان "نحو تأصيل ثقافة المواطنة"، وتحت شعار "المواطنة الكاملة من أجل مجتمع العدل والرفاهية" في يومي 21 و22 يونيو 2008. وقد انتقد منظمو المؤتمر اختزال مفهوم المواطنة لدى البعض في دائرة حقوق الأقباط "بينما هو يتجاوز هذه الدائرة على أهميتها." وهو ما دفع المنظمين إلى عقد المؤتمر الذي تناول تعزيز مفهوم المواطنة في المؤسسات الدينية الإسلامية والمسيحية، ودور كل من الدولة ومؤسسات التعليم والثقافة والإعلام في هذا الصدد.

42. كما شهدت الفترة التي يغطيها التقرير تنظيم عدد من الفعاليات لمناقشة قضايا حرية الدين والمعتقد في مصر. فقد نظم منتدى الشرق الأوسط للحريات، وهو مؤسسة غير حكومية، في يوم 4 يونيو 2008 ندوة بعنوان "الحريات الدينية في مصر." كما استضاف حزب الجبهة الديمقراطية في يوم 18 يونيو 2008 ندوة حملت عنوان "مصر في مواجهة الفتنة الطائفية". وفي يوم 24 يونيو 2008 نظم مركز القاهرة لدراسات حقوق الإنسان ندوة بعنوان "مستقبل الأقباط في مصر في ضوء الأحداث الطائفية المتوالية". وفي يوم 29 يونيو 2008 عقدت مجموعة مصريون ضد التمييز الديني ندوة بعنوان "من أجل قانون لتجريم التمييز في مصر"، لمناقشة مشروع المجلس القومي لحقوق الإنسان حول الدعوة لإصدار قانون لمناهضة التمييز وضمان تكافؤ الفرص.

43. في يوم 2 مايو 2008 صدر التقرير السنوي للجنة الأمريكية الخاصة بالحريات الدينية في العالم، وهي هيئة رسمية استشارية من خبراء مستقلين يقوم بتعيينهم كل من الرئيس الأمريكي وقيادات الكونجرس. وتضمن التقرير فصلاً حول الأوضاع في مصر، حيث رأت اللجنة أن "مشكلات جدية تتعلق بالتمييز وعدم التسامح وغيرهما من انتهاكات حقوق الإنسان الموجهة إلى الأقليات الدينية والمسلمين المخالفين للمعتقدات السائدة لا زالت تنتشر على نطاق واسع في مصر."

وبينما رحبت اللجنة بصدور بعض الأحكام القضائية المؤيدة للحرية الدينية، وباتساع الفضاء العام المتاح لمناقشة قضايا الحريات الدينية مقارنة بالأعوام الماضية، فإنها عبرت عن قلقها بشأن السيطرة الكاملة للدولة على كافة المؤسسات الدينية الإسلامية، بما فيها المساجد والأوقاف، واستخدام مادة "ازدراء الأديان" بقانون العقوبات في تقييد حرية المعتقد، واستمرار سريان حالة الطوارئ. كما تضمن التقرير توثيقاً لحالات العنف الطائفي ضد الأقباط خلال عام 2007 في كل من أرمنت، وبمها، والإسكندرية، وإسنا. واستعرض التقرير حالات التمييز ضد الأقباط والبهائيين وشهود يهوه، وانتقد نشر وإذاعة مواد تقوم بالإساءة إلى اليهود في وسائل الإعلام. وتعرض التقرير كذلك للحظر القانوني المفروض على جماعة الإخوان المسلمين والانتهاكات الموجهة ضدهم. كما انتقد التقرير حالات الاعتقال الإداري والتعذيب الممارس بحق آلاف من معتقلي الجماعات الإسلامية.

واستمرت اللجنة في تصنيف مصر، من بين سبع دول، في "قائمة المراقبة." واختتم التقرير بتقديم عدد كبير من التوصيات الموجهة إلى الحكومة الأمريكية من أجل حث الحكومة المصرية على الالتزام بها. كما أوصى التقرير بأن يتضمن القرار السنوي للكونجرس بشأن المساعدات الأمريكية لمصر مطالبة وزارة الخارجية الأمريكية بتقديم تقرير سنوي حول مدى التقدم الذي أحرزته الحكومة المصرية بشأن القضايا المتضمنة في تقرير لجنة الحريات الدينية.
 
ولم تصدر الحكومة المصرية تعقيباً على التقرير، غير أن وزير الخارجية المصري أحمد أبو الغيط أكد في إجابة على سؤال لأحد الصحفيين أن "مصر لا تهتم بالتقرير وأنها لا تستمع سوى للصوت المصري ولا يحكمها إلا الضمير المصري."