أولاً: الأحكام القضائية والمحاكمات

1. قضت محكمة جنايات القاهرة برئاسة المستشار عدلي محمود حسن في جلستها المنعقدة يوم 14 أكتوبر 2009 في القضية رقم 444 لسنة 2009 جنايات الوايلي، بمعاقبة (أ.ر.س) بالحبس مع الشغل لمدة سنة واحدة لاتهامها بالتزوير في استمارة الرقم القومي الخاصة بها عن طريق انتحال اسم وبيانات فتاة مسيحية متوفاة، واستعمال تلك الاستمارة لاستصدار بطاقة رقم قومي بهذه البيانات. كما عاقبت المحكمة (ب.س.ر) ـ شقيقة الفتاة المتوفاة ـ غيابياً بالسجن المشدد لمدة خمس سنوات لقيامها بالتوقيع على استمارة الرقم القومي الخاصة بالمتهمة الأولى بما يفيد أنها شقيقتها وبصحة البيانات الواردة بالاستمارة وذلك على خلاف الحقيقة.


ووفقا لما جاء بأسباب الحكم ـ الذي حصلت المبادرة المصرية للحقوق الشخصية على نسخة منه ـ فقد "استقر بيقين المحكمة على وجه القطع واليقين أن (المتهمتان) وهما ليستا من أرباب الوظائف العمومية ارتكبتا تزويراً في محرر رسمي هو استمارة الرقم القومي المنسوب صدورها إلى مصلحة الأحوال المدنية وكان ذلك بالاشتراك مع موظفين عموميين حسني النية هم موظفو الجهة سالفة الذكر بجعلهما واقعة مزورة في صورة واقعة صحيحة مع علمهما بتزويرها، بأن انتحلت المتهمة الأولى اسم (المتوفاة) ودونت بياناتها الشخصية ووقعت بتوقيع مزور نسبته كذباً إليها بالاستمارة سالفة الذكر، وقامت المتهمة الثانية بالتوقيع عليها بما يفيد صحتها خلافاً للحقيقة ثم قام موظف المصلحة باعتمادها بما يفيد مراجعتها فتمت الجريمة بناء على تلك المساعدة."


وفي تقرير حول الحكم نشرته صحيفة الشروق اليومية في عددها الصادر بتاريخ 18 أكتوبر 2009 فإن "المتهمة تنصرت منذ 10 أعوام، واختفت من منزل أسرتها بالمنصورة، وقامت والدتها بالإبلاغ عن اختفائها، ولم تتمكن الشرطة من معرفة سبب اختفائها طيلة هذه السنوات حتى اكتشفت مصلحة الأحوال المدنية تزويرها بطاقتها الشخصية، وحاولت المباحث القبض عليها، ولكن لم تعثر عليها. ولدى توجه المتهمة إلى مطار القاهرة للهرب إلى دولة جنوب أفريقيا ألقت أجهزة الأمن القبض عليها، وأبلغتها أنها متهمة في قضية تزوير، ومطلوبة للمحاكمة."


2. قضت محكمة جنايات القاهرة برئاسة المستشار انتصار نسيم في جلستها المنعقدة بتاريخ 21 أكتوبر 2009 بحبس السيدة (أ.س.م) ـ المتحولة من الإسلام إلى المسيحية ـ لمدة سنة مع الشغل، وذلك بعد إدانتها بالاشتراك في تزوير عقد زواجها من مسيحي عن طريق اتخاذها اسماً وهمياً مسيحياً في عقد الزواج. كما أدانتها المحكمة بالاتفاق والاشتراك في تزوير شهادة ميلاد لابنها وبطاقة عائلية لها عن طريق استخدام عقد الزواج المزور. وعقب صدور الحكم صرحت المحكوم عليها لصحيفة الشروق اليومية في عددها الصادر بتاريخ 22 أكتوبر "أنها تنصرت وبصدد إقامة دعوى قضائية أمام محكمة القضاء الإداري لإلزام وزير الداخلية بتغيير اسمها إلى مارولا كي تثبت شرعية زواجها وإنجابها للطفل."


3. بتاريخ 13 ديسمبر 2009 قضت الدائرة السادسة بمحكمة القضاء الإداري برئاسة المستشار أنور إبراهيم خليل بوقف تنفيذ قرار رئيس جامعة عين شمس منع تسكين الفتيات المنتقبات بالمدينة الجامعية، وذلك في الدعويين المسجلتين برقمي (2008 و2009 لسنة 64 ق)  المقامتين من فتاتين منتقبتين ضد رئيس جامعة عين شمس. وألزمت المحكمة الجامعة بتسكين المدعيتين بالمدنية الجامعية لجامعة عين شمس خلال العام الدراسي 2009 /2010.


وقالت المحكمة في أسباب حكمها ـ الذي حصلت المبادرة المصرية للحقوق الشخصية ـ على نسخة منه إنه "من المقرر في قضاء محاكم مجلس الدولة أن المشرع أضفى سياجاً من الحماية على الحرية الشخصية وعلى الحقوق والحريات العامة، ولما كان ارتداء النقاب بالنسبة للمرأة المسلمة هو أحد مظاهر هذه الحرية فإنه لا يجوز لجهة الإدارة أو أي جهة أخرى حظر ارتدائه حظراً مطلقاً. ويجوز عندما تقتضي الضرورة والصالح العام التحقق من شخصية المرأة نزولاً على مقتضيات الأمن العام أو لتلقي العلم والخدمات المختلفة أو لأدائها أو لغير ذلك من الاعتبارات التي تتطلبها الحياة اليومية المعاصرة والتي تستوجب التحقق من شخصية المرأة متى طلب منها ذلك من الجهات المختصة." وأشارت المحكمة في أسباب حكمها إلى حكم دائرة توحيد المبادئ بالمحكمة الإدارية العليا في الطعن رقم 3219 لسنة 48 ق ع والصادر بتاريخ 9 يونيو 2007 والذي كان قد انتهى إلى السماح للطالبات المنتقبات بدخول الجامعات.


وأكدت المحكمة على أن "الحماية التي كفلها الدستور للحق في التعليم تمتد إلى كل العناصر التي يتألف منها، ولا يجوز التمييز بين الطلبة في كل صور التعامل. ويشتمل حق التعليم على حق الانتفاع بالمرافق والخدمات."


يذكر أن المجلس الأعلى للجامعات برئاسة الدكتور هاني هلال وزير التعليم العالي والدولة للبحث العلمي قرر في نهاية العام الماضي منع ارتداء النقاب داخل المدن الجامعية، ذلك وفقا لتصريحات صحفية الهلال. وقد بدأ التنفيذ الفعلي للقرار مع بداية العام الدراسي الحالي. وبرر هلال القرار في تصريحات خاصة لجريدة الأهرام في عددها الصادر بتاريخ 12 أكتوبر بقوله "إن حرية الإنسان ليست مطلقة ويجب ألا تتعدى على الآخرين، والجامعات ترى أن من واجبها حماية أمن جميع الطالبات داخل المدن الجامعية ... ويجب أن تلتزم الطالبات بالقواعد المنظمة داخل هذه المدن والإقامة التي تحددها الجامعة لمصلحتهن." وأكد هلال على أن القرار "لا رجعة فيه حماية لطالبات المدن الجامعية خاصة أن جميع الموجودين بنات فما الحاجة إلى ارتداء النقاب داخل هذه المدن وضرورة أن تتعرف المشرفات على الطالبات قبل الدخول والسكن بالمدن الخاصة بالطالبات وذلك بعد ضبط‏ 15‏ حالة لرجال ارتدوا النقاب ودخلوا المدن الجامعية‏."


ومع بدء التطبيق الفعلي للقرار في بداية العام الدراسي شهدت عدد من الجامعات المصرية مظاهرات نظمتها طالبات منتقبات للمطالبة بإلغاء قرار حظر تسكينهن في المدن الجامعية.


4.  قضت محكمة أمن الدولة العليا بجلستها المنعقدة بتاريخ  16 ديسمبر 2009  بإلغاء قرار وزير الداخلية باعتقال المدون هاني نظير، صاحب مدونة (كارز الحب). وكانت وزارة الداخلية قد قامت باعتقال هاني نظير في 3 أكتوبر 2008 على خلفية شائعات سرت في قرية العيلة بمركز أبو تشت التابع لمحافظة قنا حول قيامه بنشر مواد مسيئة للإسلام على مدونته (انظر الفقرة 20 من تقرير أكتوبر- ديسمبر 2009). وقد استأنفت وزارة الداخلية قرار المحكمة ولكنها قضت بجلسة 10 يناير 2010 برفض الاستئناف وتأييد قراراها السابق وإلغاء قرار الاعتقال الإداري.


5. في 19 ديسمبر 2009 قضت محكمة جنايات القاهرة برئاسة المستشار سعد بدوي حماد بمعاقبة رامي خلة وعمه عاطف خلة (مسيحيان) بالإعدام شنقاً وذلك لاتهام الأول بقتل زوج شقيقته والتي سبق أن اعتنقت الإسلام وتزوجت من المجني عليه، وكذلك الشروع في قتل شقيقته وابنتها، بمساعدة من عمه.


كان المحكوم عليه الأول قد قام في 6 أكتوبر 2008 بإطلاق الرصاص من سلاح آلي على أسرة شقيقته التي كانت قد تحولت إلى الإسلام قبل عامين وتزوجت من مسلم وأنجبت طفلة تبلغ من العمر 10 أشهر. وقد لقي الزوج المسلم مصرعه من جراء الاعتداء، بينما أصيبت الطفلة بجراح وتعرضت شقيقة القاتل لإصابة في ذراعها الأيسر قام الأطباء على إثرها ببتره. وهرب المتهم بمساعدة عمه المتهم الثاني الذي كان ينتظره بسيارة بجوار موقع الحادث) انظر الفقرة رقم 9 من تقرير أكتوبر ـ ديسمبر 2008). ولم تكن حيثيات الحكم المكتوبة قد صدرت حتى صدور هذا التقرير.


6. قضت محكمة جنايات القاهرة في جلستها المنعقدة يوم 22 ديسمبر 2009 برئاسة المستشار أمين صفوت برفض الطعن بالنقض (رقم 321 لسنة 2007) المقام من المدون عبد الكريم نبيل سليمان، الشهير بكريم عامر، على الحكم الصادر ضده من محكمة جنح مستأنف محرم بك بالإسكندرية بالحبس لمدة أربع سنوات لإدانته بازدراء وتحقير الدين الإسلامي، وإهانة رئيس الدولة، ليصبح بذلك الحكم باتاً.


كانت أجهزة الأمن قد ألقت القبض على المدون في نهاية أكتوبر 2006، بسبب آراء نشرها على المدونة الخاصة به. وبعد أن أفرجت عنه السلطات الأمنية قامت جامعة الأزهر التي يدرس بها بفصله من الدراسة، وقدمت بلاغاً ضده للنيابة العامة، وتم التحقيق معه بواسطة نيابة أمن الدولة العليا. وقد أحالته النيابة إلى محكمة جنح محرم بك بالإسكندرية، التي أصدرت حكمها بحبسه 4 سنوات، وأيدتها في ذلك محكمة الاستئناف (انظر الفقرة رقم 6 من تقرير يوليو ـ سبتمبر 2009). وقد قام محامو الشبكة العربية لمعلومات حقوق الإنسان نيابة عن كريم عامر بالطعن على الحكم أمام محكمة الجنايات المختصة بنظر نقض الجنح، وهو الطعن الذي تم رفضه.


7. بتاريخ 26 ديسمبر 2009 قضت الدائرة السابعة بمحكمة القضاء الإداري برئاسة المستشار حمدي ياسين عكاشة برفض الدعوى (رقم 13033 لسنة 54 ق) المقامة من أحد أفراد طائفة (شهود يهوه) المسيحية التي لا تعترف بها الدولة كطائفة دينية في مصر. وكانت الدعوى تطالب بإلغاء قرار صادر من مصلحة الشهر العقاري يحظر على مكاتب التوثيق أو فروعها القيام بأي إجراء من إجراءات التصديق على التوقيعات أو إثبات التاريخ أو أي أوراق صادرة من جمعية (شهود يهوه).


كان المدعي وآخرون يريدون تأسيس جمعية تدعى "جمعية شهود يهوه المسيحية الثقافية لتنمية المجتمع". وقد تقدم المدعي إلى أحد مكاتب التوثيق لإثبات تاريخ عقد إيجار شقة باسم الجمعية ـ تحت التأسيس ـ إلا أن مصلحة الشهر العقاري رفضت ذلك استناداً إلى وجود المنشور رقم 9 لسنة 1985 الصادر منها بتاريخ 21/8/1985، والذي يتضمن حظراً على مكاتب التوثيق مفاده "عدم إجراء أي توثيق لعقود الزواج التي يقر فيها أحد الزوجين أو كلاهما أن ديانته مسيحي (شهود يهوه)، وكذلك عدم جواز قبول القيام بأي إجراء من إجراءات التصديق على التوقيعات أو إثبات تاريخ أي أوراق صادرة من جمعية (برج المراقبة للكتاب المقدس) والتي هي نفسها جمعية شهود يهوه"، وذلك وفقا لما جاء بحيثيات الحكم التي حصلت المبادة المصرية للحقوق الشخصية على نسخة منه.


وقد تطرقت المحكمة في أسباب حكمها إلى مدى مشروعية جمعية شهود يهوه وفقاً للنظام القانوني المصري فقالت إن "جمعية شهود يهوه ولئن اعتبرت نفسها والمنتميين إليها من المسيحيين، إلا أنها لا تمثل مذهباً من المذاهب المسيحية التي اكتسبت الشخصية الاعتبارية وفقاً للنظام القانوني المصري كالمذهب الأرثوذكسي والمذهب الكاثوليكي والمذهب البروتستانتي ... ومن ثم ولئن كان لها وفقاً لحرية العقيدة وممارسة الشعائر الدينية أن تعتقد ما تشاء في العلاقة بينها وبين ربها، إلا أنها كجماعة لا تنتمي إلى التنظيم القانوني المصري، ومن ثم فإن حق الأفراد الراغبين في تأسيس الجمعية في تكوين الجمعيات وحق إثبات التاريخ على جميع تصرفاتهم إنما يكون لما يتم بصفتهم الشخصية كأفراد دون أن يكون لهم الحق في تشكيل جمعيات لجماعات دينية لا تنتمي للنظام القانوني المصري."


وأضافت المحكمة أن "تأسيس الجمعيات ولئن كان حقاً دستورياً واجب الحماية إلا أن مناط كفالته ألا يخالف الغاية المستهدفة من تأسيس الجمعية قواعد النظام العام المحققة للمصلحة العامة للبلاد، والتي تتعلق بالوضع الطبيعي المادي أو المعنوي لمجتمع منظم، وتعلوا فيه على مصالح الأفراد، والتي تقوم فكرته على أساس حماية المجتمع من الفتن الطائفية والحفاظ على مقومات الوحدة الوطنية، وبخاصة حين تضحي كل من حرية العقيدة وحق تكوين الجمعيات وثيق الصلة بالنظام القانوني والاجتماعي المستقر في ضمير الجماعة بحيث يتأذى الشعور العام عند تهديد أي عقيدة أو جمعية للنظام العام."


وقد ناقشت المحكمة معتقدات شهود يهوه من خلال عرض رؤية معتقدات أخرى لهم، حيث استندت المحكمة إلى معتقد ورؤية "قداسة البابا شنودة بطريرك الكرازة المرقسية للأقباط الأرثوذكس"، وقالت المحكمة إنه وصفهم بأنهم "ليسوا بدعة واحدة تأسست منذ قرن وربع، بل مجموعة من البدع وتحريف للكتاب، وأنهم ضد الدين عموماً وأنهم ليسوا مسيحيين على الرغم من إيمانهم بالأناجيل الأربعة ... لم ينتسبوا للمسيح بل ليهوه أحد أسماء الله في العهد القديم." وارتأت المحكمة أن معتقدات جماعة شهود يهوه تتصادم مع النظام العام، حيث قالت إن "الكثير من معتقدات جماعة شهود يهوه إنما تتصادم مع النظام العام، سواء في إنكارهم جميع الأديان، وما يرونه من أنها كلها من عمل الشيطان، وأن الذي أسسها هو النمرود..." واسترسلت المحكمة في انتقاد معتقدات شهود يهوه وقالت إن فيها "تهديد بالفتن الدينية والطائفية وهدم أسس الوحدة الوطنية التي يقوم عليها نسيج المجتمع المصري."


وانتهت المحكمة إلى أنه "ولئن كان لجماعة شهود يهوه أو لغيرها حرية العقيدة وممارسة الشعائر الدينية في العلاقة بين مريديها وبين الله وفقاً لأحكام الدستور، إلا أن وجودها القانوني وحقها كجماعة في التمتع بالحقوق والحريات منوط بكونها جزء لا يتجزأ من النظام القانوني المصري على النحو سالف بيانه، وهي لم تصبح كذلك بما يجعل دعواها على غير سند من القانون واجبة الرفض."


8. قضت محكمة القضاء الإداري في جلستها المنعقدة بتاريخ 29 ديسمبر 2009 بعدم قبول دعويين قضائيتين كان مواطنون مسيحيون قد أقاموهما للمطالبة بإلزام رئيس الوزراء بإصدار قرار باعتبار عيد القيامة المجيد عيداً وطنياً وعطلة لمصالح ومؤسسات الدولة والقطاع العام.
وقالت المحكمة في أسباب الحكم ـ التي حصلت المبادرة المصرية للحقوق الشخصية على نسخة منه ـ إنه ليس هناك "التزاماً قانونياً على الحكومة باعتبار عيد القيامة المجيد عيدا رسمياً تعطل فيه وزارات الدولة ومصالحها، ولا يشكل امتناعها عن اعتبار العيد كذلك قراراً سلبياً مما يجوز الطعن عليه."


وفي إطار رد المحكمة على ما دفع به المدعون من أن عدم اعتبار عيد القيامة  عيداً رسمياً للدولة يشكل تمييزاً بين المواطنين على أساس الديانة بسبب احتفال الدولة بالكثير من الأعياد الدينية الإسلامية، قالت المحكمة إن "الحكومة لا تضفي الجلال على الأعياد الدينية للمسلمين دون الطوائف الأخرى ولا تفرق بين الأعياد الدينية من ناحية قدسيتها والاحترام الواجبين لها، ولا تعارض حق المواطنين على اختلاف أديانهم في أداء مراسم أعيادهم الدينية متحللين من قيود العمل والوظيفة."

وفسرت المحكمة اتخاذ بعض الأعياد الدينية الإسلامية أعياداً رسمية دون عيد القيامة فقالت إن "غاية ما في الأمر أنها (الحكومة) إذ قررت ملائمة تعطيل العمل في الوزارات والمصالح في الأعياد الدينية للمسلمين، إنما تنزل على حكم الواقع، ذلك أن غالبية موظفيها من المسلمين، وكذلك غالبية السكان، ولذلك كان من المتعذر عملاً تكليف الموظفين بالعمل في إدارتها ومكاتبها، ومن ثم لا يكون ذلك تمييزا من الحكومة للمسلمين على غيرهم من الطوائف الدينية الأخرى ... ومع ذلك فإن هناك مرافق ومصالح لا تتعطل إعمالها لمسيس حاجة الناس إليها، منها مرفق المواصلات ومرفق النيابة ومرافق الإنارة والمياه، وغني عن البيان أن أغلب القائمين على تلك المرافق وعمالها من المسلمين، وليس في تكليف هؤلاء بالعمل أيام أعيادهم الدينية ما ينافي قدسية هذه الأعياد."


وتطرقت المحكمة إلى أوضاع غير المسلمين فقالت "أما غير المسلمين، فإن الموظفين منهم قلة لا يؤثر غيابهم أيام أعيادهم على سير العمل وانتظامه كما أن انصرافهم عن دور الحكومة إلى التمتع بأعيادهم لا يشل حركة العمل فيها، ومن ثم فإن القول بأن القرار المطعون فيه صدر عن نزعة دينية أو قصد  منه التفرقة وعدم المساواة بعيد عن الصواب، إذ مما لا جدال فيه أن هناك كثيرا من الأعياد والمراسم الدينية للمسلمين لا تعطل فيها الوزارات والمصالح، أما الاحتفال رسميا ببعض تلك الأعياد، فإنه راجع إلى اعتبارات تاريخية واجتماعية وواقعية."


وضربت المحكمة مثلاً بدول أخرى قالت إنها تتبع نفس النهج ووصفتها بأنها "أرقى الأمم الدستورية"، فقالت المحكمة إن "الدول الغربية تحتفل رسمياً بأعياد دينية مسيحية ولا تحتفل بأعياد غير مسيحية، مع أنها تضم بين مواطنيها طوائف غير مسيحية، ولم يقل أحد أن في ذلك تعصباً دينياً يخل بمبدأ المساواة وحرية العقيدة أو إساءة لمركز تلك الدول الحضاري، كما أن غير المسلمين يتمتعون في أعيادهم الدينية بمثل ما يتمتع به المسلمون في أعيادهم، فلهم حرية إقامة شعائر أديانهم في دورهم وكنائسهم ومعابدهم في تلك الأعياد، كما يتغيب الموظفون منهم عن أعمالهم في وزارات الحكومة ومصالحها، ومن ثم فلا إكراه عليهم بمنعهم من إقامة شعائرهم وهم في ذلك مع المسلمين سواء بسواء ومن ثم فالمساواة وحرية العقيدة مكفولتان لهم وليس هناك أي مساس بهما."