شنت القوات الموالية للمجلس الوطني الانتقالي الليبي الأربعاء معارك من بناية إلى بناية في مدينة سرت ضد آخر ما تبقى من جيوب كتائب الزعيم الليبي السابق العقيد معمر القذافي.
وقال رئيس المجلس التنفيذي، محمود جبريل، في مقابلة مع صحيفة الشرق الأوسط إن القذافي لا يزال قادرا على إلحاق الأذى بالليبيين من مخبئه والتسبب لهم في متاعب.
ونقلت الصحيفة عن جبريل قوله إن القذافي يتنقل ما بين النيجر والجزائر وصحراء ليبيا الواسعة في جنوب البلاد في محاولة لتجنيد مقاتلين من السودان لمساعدته في بناء دولة في الجنوب أو زعزعة استقرار النظام الجديد في الشمال.
وتابع جبريل قائلا إن "القذافي أمامه خياران: إما زعزعة استقرار أي نظام جديد في ليبيا أو إعلان قيام دولة منفصلة في الجنوب" مضيفا أن هناك أدلة على هذا التوجه لكنه لم يدل بمزيد من التفاصيل.
ويرى محللون أن عدم القبض على القذافي الذي فر من طرابلس رفقة اثنين من أبنائه قبيل وقوعها في أيادي الثوار في أواخر أغسطس/آب الماضي يؤجج المخاوف من أن القذافي وأنصاره قد ينظمون تمردا في البلاد.
وقالت وزيرة الخارجية الأمريكية هيلاري كلينتون الجمعة بعبارات صريحة غير معهودة خلال زيارتها إلى طرابلس أن الولايات المتحدة ترغب في رؤية العقيد معمر القذافي خلف القضبان أو ميتا.
ورغم مرور شهرين على فرار القذافي من طرابلس، فإن القيادة الليبية الجديدة أحجمت عن إعلان "تحرير البلاد" حتى تسيطر على سرت التي حولها القذافي من قرية للصيد إلى مدينة حديثة عندما استولى على السلطة عام 1969.
وكانت قوات المجلس الانتقالي دخلت من ناحية الشرق الثلاثاء إلى سرت واستولت على سوق للخضروات رغم أنها تعرضت لوابل من الرصاص من قبل القناصة وقذائف الهاون انطلاقا من أسطح بعض البنايات السكنية والمنازل الواقعة في الشوارع الرئيسية بالمدينة.
وقال وسام بن حمادي وهو أحد القادة الميدانيين في بنغازي الأربعاء إن الثوار يحاصرون أنصار القذافي في منطقة سكنية تبلغ 700 متر مربع لكنهم لا يزالون يواجهون نيران القذائف والأسلحة الثقيلة من القناصة الذين يتحصنون في البنايات المجاورة.
مساعدات
وعرضت إدارة الرئيس الأمريكي باراك أوباما تقديم مساعدات بقيمة ملايين الدولارات إلى ليبيا بمناسبة زيارة كلينتون إلى طرابلس التي شجعت القيادة الليبية الجديدة على "الالتزام بمستقبل ديمقراطي يخلو من الانتقام".
وقالت في هذا الصدد أمام حشد من الطلبة ومواطنين ليبيين آخرين "نأمل أن يلقى عليه القبض أو يقتل سريعا حتى لا تظلوا تخافون منه مستقبلا".
وأضافت قائلة "أنا فخورة بالوقوف هنا فوق تربة ليبيا المحررة. الولايات المتحدة فخورة بالوقوف معكم في معركتكم من أجل الحرية".
والتقت كلينتون مع رئيس المجلس الوطني الانتقالي، مصطفى عبد الجليل، وعرضت مساعدة بقيمة 11 مليون دولار كمساعدة إضافية لليبيا.
وكانت واشنطن تعهدت منذ بدء الثورة على القذافي في فبراير/شباط الماضي بتقديم نحو 135 ألف مليون دولار.
وتشمل حزمة المساعدات الجديدة مساعدات طبية للجرحى من المقاتلين وتخصيص مساعدات إضافية لتأمين الأسلحة التي كانت في مخازن القذافي.
وكانت الولايات المتحدة تجنبت حتى الآن الدعوة إلى قتل القذافي إذ قال مسؤولون أمريكيون مرارا إنهم يريدون رؤية القذافي يخضع لمحاكمة عادلة.
وجاءت زيارة كلينتون إلى ليبيا في أعقاب زيارة الرئيس الفرنسي، نيكولا ساركوزي ورئيس الوزراء البريطاني، ديفيد كاميرون إليها.
وأجرت كلينتون مباحثات مع كبار المسؤولين في المجلس الوطني الانتقالي ومن بينهم رئيس المجلس التنفيذي، محمود جبريل ووزير ماليته، علي الترهوني.
كما أجرت كلينتون لقاءات مع قادة في الحركات النسائية والشبابية والمجتمع المدني.
وقال مسؤولون أمريكيون إن الزيارة تهدف إلى إظهار دعم الإدارة الأمريكية للمجلس الانتقالي والشعب الليبي وبدء بناء علاقات وطيدة مع ليبيا.
وسافرت كلينتون إلى طرابلس من مالطا حيث التقت برئيس وزرائها، لورانس كونزي، لمناقشة الوضع في ليبيا وشكر السلطات المالطية على مساعدتها خلال الأزمة الليبية.
وكانت مالطا مركزا لتقديم مساعدات إنسانية لللشعب الليبي وإجلاء العمال الأجانب من ليبيا.
ويُذكر أن كلينتون هي أرفع مسؤولة أمريكية تزور مالطا بعد زيارة الرئيس الأمريكي السابق جورج بوش الأب مرفوقا بوزير خارجيته جيمس بيكر إليها بهدف الاجتماع مع الزعيم السوفييتي السابق، ميخائيل جورباتشيف عام 1989.