بغداد / نينا/ تقرير خاص من وكالة الانباء الصينية (شينخوا) .. قتل العقيد معمر القذافي، الذي حكم ليبيا لمدة 42 عاما بيد من حديد، يوم امس الخميس في مسقط رأسه بمدينة سرت على أيدي مقاتلي المجلس الوطني الليبي الذين سيطروا على المدينة بعد أسابيع من المعارك الضارية. وجاء مقتل القذافي الذي أعلنه المجلس الوطني الانتقالي رسميا، بعد ثمانية اشهر من انطلاق الانتفاضة ضد نظامه في شباط الماضي وبعد شهرين من سقوط العاصمة طرابلس بأيدي الثوار وتواريه عن الأنظار منذ ذلك الوقت.
وقتل القذافى بينما كان مقاتلو المجلس الوطني الانتقالي يخوضون المعركة الأخيرة ضد فلوله في سرت للسيطرة على المدينة، أخر معاقله، بعد أسابيع من المعارك الضارية. واعلن خليفة حفتر، قائد القوات البرية في المجلس الانتقالي ان سرت "تحررت بالكامل" يوم امس الخميس. لقد كتب مقتل القذافي نهاية حكمه وأفراد أسرته لليبيا، كما يعنى ذلك دخول الأوضاع الليبية إلى مرحلة جديدة. وسيؤثر مقتله لا شك على تطور الأوضاع الليبية وعلاقات ليبيا مع المجتمع الدولي في المستقبل. غير ان هذه ليست النهاية فى ليبيا. فالهدف الاساسي الذي خرج الليبيون من اجله الى الشوارع لم يتحقق بعد، ألا وهو ليبيا جديدة عصرية قائمة على الدستور والقانون والعدالة والتعددية الحزبية. وما زالت توجد تحديات كثيرة أمام السلطة الانتقالية لتحقيق هذا الهدف. تأثير مقتل القذافي على الأوضاع العسكرية والسياسية الليبية في المستقبل
من الناحية العسكرية، يمكن القول ان مقتل القذافي وضع نهاية للحرب الليبية، على الرغم من أن حفنة من أنصاره قد تقوم بأعمال عنف متفرقة في المستقبل. فالوضع على الأرض الآن، يشير الى سيطرة المجلس الوطني الانتقالي عسكريا على جميع أنحاء البلاد، وهذا من شأنه قطعا ان يساعد المجلس فى تسريع إعادة الاستقرار والأمن في ليبيا.
ومن الناحية السياسية، يرمز مقتل القذافي الى نهاية كاملة لحقبة حكمه في ليبيا، وبالتالى زوال العوامل التى حالت دون اعتراف بعض الدول بالمجلس الانتقالي الوطني الليبي فى الفترة الماضية كممثل شرعي ووحيد للبلاد.
فقد اعترفت عشرات البلدان بالفعل بالمجلس ويتوقع ان تعلن الدول التي رفضته اعترافها به وان يحظى بمزيد من الدعم السياسي الدولي خلال المرحلة المقبلة، مما يمكنه من دفع جهوده في إعادة البناء السياسي والاقتصادي والاجتماعي فى ليبيا.
-- صعوبات امام تحقيق هدف المجلس الانتقالي الوطني
بمقتل القذافي تكون قد زالت عقبة رئيسة أمام المجلس الانتقالي الوطني لتحقيق أهدافه، لكن هذا لا يجب ان يخلق دافعا للاسترخاء والراحة فى المرحلة المقبلة، فرحيل القذافي لا يعنى مستقبل مشرق بالنسبة لليبيا.
اليوم، تشهد ليبيا فوضى اجتماعية وانعدام الأمن الأساسي بعد الحرب. وهناك احتمالات بان لا يستجيب اتباع القذافى بسهولة لدعوات المجلس وتسليم أسلحتهم الى الجهات المسئولة مما يشكلوا خطرا أمنيا كبيرا، في وقت تشكل فيه عناصر متطرفة ومتشددة تهديدا فعليا على الاستقرار والأمن في البلاد. إضافة الى ذلك، قد تثير الصراعات القبلية والخلافات بين الفصائل نزاعا جديدا وتزيد من حدة الاضطرابات الاجتماعية. لذلك، يواجه المجلس الانتقالي الوطني اخطر التحديات فى كيفية استعادة الأمن الداخلي.
ولعل التحدي الأخر الذي يواجهه المجلس الانتقالي الوطني يتمثل في كيفية ممارسة الحكم في أقرب وقت ممكن. اذ يفتقد المجلس الى "إجماع" الليبيين عليه وتنقصه الخبرة فى الحكم، وسيواجه صعوبات سياسية كثيرة خلال إتمام مهمته. ولإتمام عملية الانتقال السياسي، لابد ان يشكل المجلس الأحزاب السياسية والحكومة ويعد الدستور الجديد ويجرى الانتخابات العامة. وهذه المهام ليست مشروعات سياسية هينة.
علاوة على ذلك، يتوقع ان يواجه المجلس صعوبات كبيرة في تشكيل الحكومة الجديدة. التى تأجل تشكيلها عدة مرات بسبب التناقضات الداخلية.
وتجاوز المجلس الخلافات داخل النظام الجديد، له أهمية كبيرة في إعادة اعمار البلاد. وفى حال فشل النظام الجديد في التعامل مع توزيع السلطة والمصالح، ستثار صراعات جديدة على الأرجح. وهناك ما لا يقل عن 150 قبيلة في ليبيا. وسوف تطرح هذه القبائل تطلعاتها السياسية أثناء عملية إعادة البناء الوطني في المستقبل. واخيرا، ستصبح كيفية التعامل مع مسؤلي النظام السابق بشكل مناسب قضية حساسة بالنسبة للمجلس الانتقالي الوطني. واستبعاد هؤلاء من المشهد السياسي فى البلاد، لن يؤدى إلا الى الانتقام وعدم الاستسلام مما ينذر بتكرار النموذج العراقي ./انتهى
|