برامج اليوم
09:00 المداوية
09:30 الصقيع
10:00 الزيانة
11:00 سر أرخبيل الغولاغ
يعرض الآن على شاشة الجزيرة الوثائقية 12:00 على طريق جنوب افريقيا
13:00 تاريخ السيارات المميزة
14:00 استكشاف غينيا الجديدة
15:00 روائع براري الأكيتين
16:00 المصارعة بالذراع
17:30 تحت الركام
اقرأ المزيد في (المجلة)
المجلة
أرسل الى صديق طباعة Share article
بدايات الوثائقي السوري في"الحياة اليومية".
آخر تحديث : الخميس 06 يناير 2011   12:50 مكة المكرمة

 فجر يعقوب

منذ الأمتار الأولى تبدو ( الحياة اليومية في قرية سورية ) 1974 للمخرج السينمائي السوري عمرأميرالاي ، وكأن ثمة مايشي بالفعل أن البداية تكمن هنا ، وبخاصة في تلك الكادرات في " ذهب " الصحراء الذي لايهدي سوى الرمال فقط . ثمة أيدي " بريئة " مخشوشنة هنا تقوم بالفعل الشائن نيابة عن هذه الصحراء المتوحشة ، حين تنحّل ذرات الرمال وتتذوب أمام عدسة الكاميرا في أسلوبية قلقة يعلن عنها الفيلم السوري بصراحة ، ولايخفي تردداتها ، وكأن كل التصورات البصرية التي وضعها المخرج برفقة المسرحي الراحل سعد الله ونوس عن أهل قرية  مويلح ، الواقعة شمال شرق سورية ، ستشكل بداية السينما الوثائقية الحقيقية ، أقله هنا في سورية ، وكأن حكاية هذه السينما تبدأ هنا ، ويراد لها أن تنتهي هنا ، اذ يبدو أن "  الأشباح " المستغرقين في كادرات الأسود والأبيض ليسوا على عجلة من أمرهم ، وانما من يبدو مستعجلا في واقع الأمر ليس إلا الشريط المصور  ، ذلك أن شبحية الصورة تظل هي لغة الوصل بين الفلاحين الذين يتنقلون بين بيوتهم الطينية الموجودة في خلاء عازل ، كما لو أنهم يقومون بعمليات توليف الفيلم من داخل الفيلم نفسه .
لاشك أن ( استخدام ) هذا الفليم كذريعة للحديث عن بدايات السينما الوثائقية السورية ،  وإن سبقتها ( محاولة عن سد الفرات ) 1972 للمخرج نفسه ، يشكل سانحة ذهبية للقول إن هذه السينما بدأت مع ( الحياة اليومية ) ، وأن هذا الفيلم سوف يستمر من بعد ذلك بفتح الرموز المغلقة التي تتشكل منها حيوات أهل قرية مويلح على افتراض ، وهذا سوف يقال حرفيا ، إنه نوع قائم بذاته ، ذلك أن الأيدي التي تقوم بين الفينة والأخرى بتخيل الرمل لا يبدو أنها ستدخل في عراك مع ذرّاته ، حتى لوأنها كانت تذروها على مهل على عظام جيفة متموتة ، أو في لقيا حذاء مقطّع .
الريح التي تهب على أهل مويلح من جهة الشرق ولاتحمل لهم سوى وعودا بالغبار ، تجعل منهم بشكل أو بآخر ممثلين يقفون أمام كاميرا أميرلاي ليعيد تنقيط تلك العلامات بصمت ، كما في صور العائلة المجتمعة على " وليمة " الخبز والشاي ، ليخبرنا الفيلم أن زاد يومهم يبدأ في الواقع هنا ، وأن على المشاهدين ، أن يتوقعوا أن انصراف أفراد هذه الأسرة إلى العمل في الأرض والحقول القحطة على وقع الأهازيج الخاصة بتلك المنطقة ، انما للتأكيد على أن مصائرهم لن تكون بعد اليوم إلا معلقة في ذلك " الخواء " المستقطع كلية من صمت مستحدث وبائن ، ولايقوم سوى على هداية الصحراء ، فالفيلم عموما يمكن له أن يظهر من قبل وجودهم كممثلين أو من بعد هذا الوجود  ، وهذا قد لايشكل فارقا جوهريا ، طالما أن أهل مويلح يمكنهم حجز أمكنة اضافية فيه للتثبت من يقين الرمال ومصير الزراعة الآيلة إلى تفكك التربة وعدم صلاحها ، فهنا المعلم الذي سيقوم من بعد كل ذلك على رطانة اللغة المدرسية في الصفوف الابتدائية ، ويقوم بتلقينها للطلاب الصغار في هذا المقلب الآدمي ، وهي ذاتها الكلمات التي لن تجدي ، ذلك أن مراد الجميع يتعدى هذه الرطانة اليومية إلى ماهو أبعد من شبحية اللغة التي يبصر بها المعلم طريقه إلى غرفة الصف الطيني .
كل هذه الموجودات والتفاصيل الصغيرة التي ينشأ عنها الفيلم ، تخبر من زاوية أخرى أن اللقاء مع المختار الأمي جاسم الذي ورث " المخترة " عن أبيه عام 1952 لايملك راديو ، وسيلة الاتصال المباركة في تلك الأيام مع العالم المحيط ، ليعرف متى حلت هزيمة حزيران ، إنما تشكل أسلوبية تجمع هنا بين المزاج التوثيقي وايقاع القصة الروائية التي جعلت من أهل مويلح مادة لها ، وهذا المفتاح الأسلوبي – إن جاز التعبير – الذي اعتمده المخرج ، وربما المونتيير قيس الزبيدي لاحقا أعطى المشاهد وقتا للتأمل في مجرى العملية ، كما لو أن الجميع هنا يتعاطون مع الواقع المرّ في لعبة تمثيلية ، وأنهم ليسوا مجرد فلاحين بسطاء يقومون بلعب أدوارهم الصغيرة الثانوية أمام الكاميرا ، وأنه يتوجب على الشريط الوثائقي أن يسجل بحرفية مايدور أمامه من أحداث وأفعال دون الحاجة الفعلية إلى تصورات أميرالاي – ونوس – الزبيدي ، وهذا في الواقع ينجزه القطع بين الرموز  الكثيرة التي تتجمع على أرض بائرة تتشكل بهدوء على مرأى من أهل مويلح ، وبين المستقدمين إليها من معلمين وأطباء وبيروقراطيين . هذا القطع يشكل أيضا في وجه منه " فلترا " يقوم على تنقية الدور الواقعي الذي ينشده هؤلاء الفلاحين في مواجهة لعبة السينما الوثائقية المصورة ، ويقدمهم بوصفهم أولئك الممثلين الذين يمتلكون عوالم داخلية حارة تزيد من حضورالصورة وتكويناتها الشفافة الأنيقة ، ذلك أن عنوان الفيلم لايشي من الآن فصاعدا عن حدث يدور في قرية بعينها .

كامل المقال

الى الأعلى
تعليقات القراء: + - 
التعليقات لا تعبر إلا على رأي أصحابها.
1   موته اريح من الحياه مكبوت
كاتم العبرات     الاثنين 03 اكتوبر 2011   22:25  مكة المكرمة 
رحم الله الاستاذعمر حسب مشاهدتي لفلم الحياة اليومية كان هدفه ايصال صوت العالم المنسي للحكومةومساعدتهم لهذا تهمشت افلامه في سورية ولو انه اخرج افلام يجسد فيهامنجزات البعث الوهمية والنفاق ويمجد الحكومة لكان من اشهر مخرجين الوطن العربي مشكوركاتب المقال كيف يمكنني مشاهدة افلامه الاخرى ارجو الرد
  تعليقك على الموضوع:
الاسم:*
البريد الإلكتروني:
عنوان التعليق:*
محتوى التعليق:*
(*) هذه الحقول مطلوبة