برامج اليوم
00:00 عوالم فريدة
01:00 حلول افريقية
01:30 تاريخ الفروسية
يعرض الآن على شاشة الجزيرة الوثائقية 02:00 إيغر - جدار الموت
03:00 الكتيبة الخضراء
04:00 صيد التونة الحمراء
05:00 الحياة خلف الجدار
06:00 مسلمو تشام
07:00 رحلة من بطرسبورغ إلى موسكو
08:00 محطات موسيقية
اقرأ المزيد في (المجلة)
المجلة
أرسل الى صديق طباعة Share article
تطبـــيق الدال على المدلــــول ..
آخر تحديث : الخميس 07 ابريل 2011   16:02 مكة المكرمة

الجزيرة الوثائقية نموذجا

حسام الدين السيد

مات منذ حوالي ألفين وخمسمائة عام (479 ق.م ) ، ولو كان عاش ليومنا لغير رأيه الأشهر بين كل ما قاله ، هو كونفوشيوس حكيم الصين وصاحب ديانتها المسماة على اسمه حينما قال "لا يهمني من يضع للناس شرائعهم مادمت أضع أنا لهم أغانيهم" ، لكننا وبعد خمسة وعشرين قرنا من هذا الكلام ، لنا حق تغييره قليلا " فلا يهمنا من يضع للناس شرائعهم مادمنا نصنع نحن لهم صورهم ".
نعيش عصر الصورة بامتياز وفق رأي عالم الاتصال الكندي الشهير "

مارشال ماكلوهان
" ، وأيضا وفق رأي كثير من الفضائيات التي سدت علينا أفق السماء ، ومن بين هذا الكم الهائل من الفضائيات العربية قليل جدا الذي يسعى ليقدم الصورة متكاملة مع وسائط الاتصال الأخرى ، ومن بين هذا القليل وجدنا ضالتنا في قناة الجزيرة الوثائقية، التي وإن كانت بعد وليدة، لكنها بالجهد تبدو واعدة .
المبادرة التي أخذتها شبكة الجزيرة بإطلاقها أول قناة  مفتوحة متخصصة في الوثائقيات ، لم تساهم فقط في نشر هذا النوع من الأعمال التلفزيونية والثقافية، بل ساهمت في تعديل الفهم الكلاسيكي عن مفهوم التوثيق، وانطباق الدال "الفيلم الوثائقي" على مدلوله "عملية التوثيق"، بما يجاوز ضيق التعريف المعجمي والمصطلحي، الذي حصر الدلالة في رصد ما جرى تاريخيا ونقشه على شريط ،وبذلك أسهمت الجزيرة الوثائقية في خلق السوق وتوفير التمويل ونشر الوعي وصنع الرأي ونقل العمل الوثائقي أو التوثيقي من دائرة الأحفوريات إلى اتساع المجتمع وحياته اليومية، وهي إذ تقوم بذلك يشوب التفاصيل ما هو مألوف من عدم اكتمال ونقص، وشوائب ومعوقات. ونحن في محاولتنا هنا نحاول التوقف عند ما يمكن أن نسميه "الدلالات المعرفية  لتأثير الجزيرة الوثائقية" ، نتوقف عند عدد من العناصر التي نراها مهمة :
ـ الرؤية المعرفية للصورة وتأثيرها في صياغة الروح الثقافية للمجتمع
ـ انطباق الدال على المدلول وعلاقته بالصناعة الوثائقية وصناعة الوعي
ـ تحديات الممارسة ومعوقات الاكتمال.

الرؤية المعرفية للصورة الوثائقية :

مع مطلع العام 2011 أتمت الجزيرة الوثائقية عامها الرابع وتبدأ الخامس، وهي ترفع شعار "وراء كل صورة حكاية " ، وتبدو الصورة على شاشة القناة بينما حكايتها  في التعريف على موقعها الإلكتروني :
 الجزيرة الوثائقية –  www.aljazeera.net/doc

وتعرف القناة نفسها  على موقعها بأنها :
 "قناة ثقافية متخصصة في عرض الأفلام الوثائقية.  تعد الأولى من نوعها على مستوى العالم الناطق باللغة العربية وتنطلق من اهتمام أساسي قوامه الإنسان وبيئته المعاشة والتفاعل الحاصل فيما بينهما."
تهدف الوثائقية لإشاعة الثقافة التوثيقية في عالم اللغة العربية، وإلى رعاية مبدعيها وصانعيها وإلى خلق صناعة وثائقية، وتسعى لشراكة حقيقية مع روادها حول العالم..أملا في تحقيق إعلام وثائقي مختلف يخدم الإنسان وبيئته برؤية حضارية ذات رسالة وروح تنشر الأمل وتشيع ثقافة التواصل بين الشعوب والحضارات.
بما يعني أن القناة ملتزمة بروح ومفهوم تعريف الاتحاد الدولي للسينما الوثائقية الصادر قبل أكثر من نصف قرن (1948 ) ، والذي يعرف الفيلم الوثائقي باعتباره :" كافة أساليب التسجيل على أي مظهر للحقيقة، يعرض إما بوسائل التصوير المباشر،أو بإعادة بنائه بصدق ،وذلك لحفز المشاهد لعمل شيء ما، أو لتوسيع مدارك المعرفة والفهم الإنساني أو لوضع حلول واقعية لمختلف المشاكل في عالم الاقتصاد أو الثقافة أو العلاقات الإنسانية "
  وتعمل القناة الوثائقية على أن تكون هي النافذة التي يطل منها جمهورها العربي والناطق بالعربية أينما كان على العالم فيرى من خلالها الآخر أيا من يكون، ويرى  أيضا نفسه على ذات الشاشة فيتعرف على العالم من حوله ويحافظ في نفس الوقت على هويته وعلى ثقافته وحضارته .

تقول القناة على موقعها إن رؤيتها تنسجم مع الرؤية العامة التي أرستها شبكة الجزيرة، والتي تحتفي بالإنسان وتضعه في مركزها وتنحاز إلى قضاياه عبر الكلمة والصورة.  ولما كانت الجزيرة الوثائقية ناطقة باللغة العربية فإنها تولي اهتمامها بالدرجة الأولى للمشاهد العربي أينما كان، وتسعى من خلال إنتاج الأفلام الوثائقية وأنشطتها المختلفة إلى تقديم خدمة ترفيهية مرتبطة ارتباطا وثيقاً بقيم إنسانية وثقافية تحترم المشاهد، وتلتزم بميثاق الشرف الصحفي .
هذه الرؤية التي  ينعكس فيها التأكيد على الثقافة العربية، وعلى اتساع الرؤية للعالم ، هي المحدد الذي يمكن من خلاله الالتفات لما تقدمه شاشة الوثائقية بالفعل من منتجات ، فرغم غلبة الافلام المترجمة والاجنبية بنسبة كاسحة على الشاشة ، إلا أن اختيار هذه الأفلام للعرض محكوم بهذه الروح التي اولا تخدم فضول المعرفة عند المشاهد العربي ، ثانيا تثقف هذا المشاهد وتقوم بالدور التنويري المنوط بالإعلام ، بحيث تعرض له العالم كما يجري الآن وليس فقط تاريخه القديم او احداثه الفائتة ، ويتجلى هذا في التنوع الملموس في "جغرافيا" العرض والأفلام من فنزويلا وكوبا والأرجنتين إلى كندا والولايات المتحدة إلى قلب أوروبا وتاريخها، ثم شرقا إلى الجوار العربي في إيران وأفغانستان امتدادا إلى الصين واليابان ، وبالطبع أفريقيا حاضرة بنسبة ما أيضا ، أتوقف هنا عند الجغرافيا وليس عند القضايا أو الموضوعات التي تقدمها تلك الأفلام، لأن الصورة في الجغرافيا هي أول علامات الرؤية المعرفية في الإدراك ، فلو لم تكن صورة الشرق الأقصى حاضرة مثلا، فلن يتحقق أي وعي معرفي بأي من قضاياه، وهذا تحديدا ما تقوم به الجزيرة الوثائقية بمجرد التنويع الجغرافي ، إنها تستحضر في الوعي البصري الوجود الحقيقي للعالم المتنوع، فترسم بذلك معالم الإدراك المعرفي في فهم الآخر وإدراك طبيعته، ومن ثم إدراك الذات بالضرورة ، وهذه النقلة الثقافية والحضارية يصعب جدا على القنوات الإخبارية فضلا عن قنوات الترفيه والمنوعات أن تقدمها بهذا العمق والتأثير، وبالتالي تواكب الوثائقية بذلك ضرورات التغير في الإدراك البشري، وفي وسائل الاتصال التي ألغت الجغرافيا وجعلت العالم في راحة اليد، فيد الجزيرة بهذا المعنى مبسوطة تمسك البلورة السحرية لمن أراد أن يفهم العالم ويدركه.
ـ العنصر الثاني في صياغة الإدراك المعرفي للعقل العربي ، هو تكوين ما يسميه علماء الاتصال "العادة الاتصالية" ، حيث يشير الكاتبان دايان لارسن و فريمان عندما يتكلمان في كتابهما عن "أساليب ومبادئ في تعليم اللغة" : الهدف هو تنمية مقدرة الفرد الاتصالية في اللغة بطريقة أوسع من الطرق الأخرى . فالمقدرة على الاتصال تقتضي الإلمام باستعمال اللغة المناسبة في الوقت المناسب ، لذا يحتاج الطالب إلى معرفة التراكيب اللغوية والمعاني والدور الذي يؤديه .
ففي هذه المقولة يظهر لنا تماما أهمية التدرب على كيفية استعمال اللغة بدل تعلم معلومات عنها، واللغة هنا ليست فقط المفردات المنطوقة، لكن كل المفردات والمكونات التي تدخل في الإطار الدلالي للفرد المتلقي والمتواصل بها، ومن أهم المفردات الصورة والذاكرة البصرية المشكلة للوعي والإدراك المعرفي، كما أن معرفة اللغة يتطلب معرفة استخدام السياق المناسب في الوقت المناسب والمكان المناسب،  فوجود القناة وتقديمها لبث مستمر على مدار الساعة ، وتنوع الموضوعات التي تقدمها بتناول قضايا اجتماعية وثقافية وفنية وتاريخية وسياسية ودينية ...، يساعد بالضرورة وبالتعريف على تراكم جمهور منتظم يتابع كل يوم في ساعات معينة ما يوافق اهتمامه وما يأتي على هواه، هذا الجمهور يقينا يتشكل وعيه بالمتابعة والتراكم، والتعود على "الفرجة"، فهي عملية تدريب غير مقصودة لكنها مؤثرة وفعالة على تعلم لغة الصورة من ناحية، وتشكيل الوعي والإدراك من ناحية أخرى، وتسهم الوثائقية في عملية التشكيل الايجابي للوعي التوثيقي باستمراريتها وتطورها ومحافظتها على جمهورها المتزايد الذي يناهز الآن العشرين مليون مشاهد .

كامل المقال

الى الأعلى
تعليقات القراء: + - 
التعليقات لا تعبر إلا على رأي أصحابها.
1   سواح لا يغادرون محيط بيوتهم
محمد إبراهيم محمد     الثلاثاء 12 ابريل 2011   11:06  مكة المكرمة 
(لا يهمنا تفاوت الناس في دخولهم ما دمنا نقدم لهم سياحةً مجانية حول العالم وهم مسترخون داخل دورهم).في نفس السياق أقول أن مشاهداتي المتكررة لشاشة الجزيرة الوثائقية عمقت من معرفتي وإدراكي للعالم من حولي وأضاءت لي بالدال والمدلول من خلال الصورة الحية كثير من ظلال آيات القرآن الكريم فجذرت الإيمان في جوانحي أكثر وأكثر.
  تعليقك على الموضوع:
الاسم:*
البريد الإلكتروني:
عنوان التعليق:*
محتوى التعليق:*
(*) هذه الحقول مطلوبة