الفيلم حصد جوائز ويحقق ايراد جيدا في البيع وهذا يشجع أي منتج للسينما الوثائقية
القاهرة – محمد حسن
فاز الفيلم التسجيلي "جلد حي" للمخرج الشاب فوزي صالح بجائزة "رضوان الكاشف للعمل الاول القصير" في مهرجان الاقصر الدولي للسينما الافريقية , وذلك بالمناصفة مع الفيلم الكاميروني "استعارة الكثافة" , وعلى الرغم من ان هذا الفيلم سبق ان فاز بعدة جوائز دولية الا ان مخرجه يعتز بهذه الجائزة تحديدا ويعتبرها وسام على صدره – على حد تعبيره .
يرصد الفيلم على مدار 52 دقيقة تسجيلية – هي مدة عرضه – المخاطر التي يتعرض لها الاطفال العاملين في مدابغ الجلود بسبب تعرضهم لمواد كيماوية تجعلهم عرضة للامراض الصدرية والتشوهات الجلدية , ويسلط الفيلم الضوء على صبر هؤلاء الاطفال وكيف يتحملون كل هذا العناء من اجل حفنة قليلة من الجنيهات يواجهون بها فقر المعيشة , في الوقت الذي تنتهك طفولتهم دون ان يدروا .
وخلال حوار خاص ل"الجزيرة الوثائقية" قال فوزي :"فيلمي سبق ان فاز بثلاث جوائز دولية اخرها في مهرجان ابو ظبي , لكن لهذه الجائزة – اقصد جائزة مهرجان الاقصر - مكانة خاصة عندي لعدة اسباب اهمها انه مهرجان مصري وثانيها ان هذه هي دورته الاولى , وسيسجل التاريخ انني فزت بجائزة في اولى دورات هذا المهرجان الهام الذي يهتم بالسينما الافريقية .
واضاف فوزي :"منتج هذا الفيلم هو الفنان محمود حميدة , وقد تكلف انتاج هذا الفيلم حوالي 200 الف جنيه , وكنت اتعجب من هذا الرجل الذي ينفق ماله في عمل تسجيلي قد لا يدر له ايراد فيما بعد , ولكنني تأكدت بعد ذلك ان محمود حميده يحب السينما ويعطيها دون انتظار المقابل , والاجمل من هذا ان هذا الفيلم حقق ايرادات واسعه بعد ان تم بيعه خلال اسطوانات مدمجة داخل وخارج مصر , كما انه حصد ولا يزال يحصد الجوائز المالية والادبية , وكل هذا بمثابة تحفيز وتشجيع لاي منتج على الاقبال على انتاج هذه النوعية من السينما".
اشار فوزي الى ان فيلمه كان قد حصل على منحة قدرها 10 الاف دولار من الصندوق العربي للثقافة والفنون بالتعاون مع معهد صن دانز للافلام الوثائقية , وهذه الجهات المانحة لا تعطي الدعم الا لافلام محددة وهذا يعني اننا فزنا بثقة تلك الجهات المانحة , قبل ان نفوز بالجوائز بعد اتمام الفيلم .
وتحدث فوزي صالح عن كواليس التصوير فقال :"هذا العمل صورناه في ابريل 2010 , لكن التحضير والاعداد له من جمع المعلومات وخلافه بدأ في يوليو 2009 , وكانت الصعوبة الوحيدة التي واجهتنا اثناء التصوير هي الفكرة السائدة لدى معظم الناس بخصوص تجريم تصوير هؤلاء الاطفال , فالناس كانت تعتقد ان كل من يحمل كاميرا ويصور هؤلاء الاطفال هو شخص مأجور وعميل ويهدف الاساءة الى سمعة مصر , وهذه كانت مشكلتنا الوحيدة خلال التصوير , لكننا عملنا على تذليل الصعوبات وحاولنا تغيير هذا المفهوم الخاطئ لدى الناس , والحمد لله نجحنا وأتممنا التصوير بخير , وها نحن الان نحصد الجوائز .
"ارتفاع تكاليف انتاج الفيلم لم يكن مشكلة" .. هكذا يتحدث المخرج عن ميزانية "جلد حي" ويضيف قائلا :"الميزانية تعتبر مرتفعة لسببين الاول ان هناك اماكن تصوير متعددة وهذا التنقل يرفع الميزانية كما هو معروف , والسبب الثاني ان هذا الفيلم عمل به فريق عمل من الباحثين والمعدين وفنيي الاضاءة وفنيي التصوير , وكل هؤلاء لهم اجور , واعتقد ان اجورنا التهمت نصف الميزانية تقريبا , بينما التهمت باقي عناصر الانتاج النصف الاخر للميزانية .
وتحدث المخرج عن دراما الفيلم فقال :"الفيلم يسرد باستفاضة اغتيال البراءة والمخاطر الكبيرة التي يتعرض لها هؤلاء الاطفال بسبب ملامستهم ماء الجير الحي و"الاجزا" وغيرها من المواد الكيماوية الضارة التي تستخدم في دبغ الجلود , والاكبر من هذا كله ان هؤلاء الاطفال غير مؤمن عليهم , وبالتالي حين يمرض احدهم يعالج نفسه على نفقته الخاصة وربما تلتهم تكلفة علاجه اضعاف ما تقاضاه كأجر نظير عمله بهذه المهنة الخطيرة .
اشار فوزي الى انه يستعد لاخراج اول فيلم روائي طويل بعنوان "ورد مسموم" يبدأ تصويره نهاية مايو المقبل , وقال :"هذا الفيلم مأخوذ عن رواية "ورود سامة" للكاتب احمد زغلول الشيطي , والاحداث في زمن ما قبل ثورة 25 يناير وتدور في العالم السفلي لمدينة القاهرة في احدى المناطق الفقيرة , حيث ينتحر شابا ويكون الفيلم عبارة عن رحلة بحث عن اسباب ذلك الانتحار من خلال مقابلة العديد من الشخصيات , والاحداث كلها تدور خلال يوم واحد فقط هو الزمن الدرامي للفيلم .
اختتم فوزي صالح كلامه قائلا : الاعتراف بوجود مشكلة هو اول خطوات الحل , وهذا الفيلم يعترف بوجود مشكلة خطيرة تتعلق بعمالة الاطفال , واتمنى ان يكون خطوة على طريق الحل , وأحب ان اؤكد ان الدول التي تريد ان تتقدم تعترف بأخطائها وتحلها , بينما الدول التي تدفن رؤوسها في الرمال تظل متخلفة .