فن التفاوض

د.حمدى عبد العظيم عميد أكاديمية السادات للعلوم الادارية سابقا قال لموقع أخبار مصر إنه لابد من تغيير طريقة اختيار القيادات وتأهيلهم للتعامل مع العاملين والمواطنين واستيعابهم والتفاوض معهم قبل أن يصلوا لمرحلة الانفجار وهذا يتطلب تغيير قوانين العمل وعدم الترقية بالاقدمية والتخصص فقط وانما لابد من اجراء اختبارات لمقومات الشخصية .

وأضاف د. عبد العظيم أن سبب تفاقم الأموروتطور المظاهرات الى حوادث اقتحام يرجع الى تجاهل المسئولين لمشكلات المواطنين أو العاملين أو عجزهم عن ادارة الأزمات أو فشلهم فى انجاح التفاوض بتحقيق مكاسب للطرفين ، ما يؤدى الى تسرب اليأس الى المتضررين من أوضاع مهنية أو مجتمعية معينة ويدفعهم الى ارتكاب جريمة يعاقب عليها القانون معتقدين من واقع تجارب سابقة أن هذا أسرع طريق لتوصيل أصواتهم والضغط على المسئولين .

وأوضح خبير العلوم الادارية أن الاحتجاج له آليات تنظمه وأدبيات تحكمه ، حرصا على مصلحة العمل ، فالقانون يعاقب من يعطل العمل سواء بالغرامة أو التعويض عن الخسائر ، بعد التحقيق فى عواقب الاضراب ويحق لصاحب العمل تقدير الموقف والتماس العذر أو رفضه بل يحق للسلطة المختصة خصم أجر العامل عن كل يوم اضراب .

وأشار الى أن الذى يبدد وقت العمل فى الاعتصام لا يدرك معنى الانتاج وتيسير الخدمات وتشجيع الصناعة المحلية ،وبالتالى لا بد من تثقيف العمال والاهتمام بنوعية الانتاج وربط الحافز بالمنافسة فى السوق لردع المتجاوزين.

التهاون وتكرار الظاهرة

وفيما يتعلق بسبب تكرار الظاهرة مثل قطع طرق السكة الحديد ومحاصرة مكتب رئيس الشئون المالية بالهيئة بسبب الحوافز دون مبالاة بالعواقب ، أوضح المهندس هانى حجاب رئيس الهيئة القومية للسكة الحديد أنه حتى الآن لم يتم تحويل أحد من العاملين المحتجين للتحقيق لمراعاة الظروف الاقتصادية الصعبة ولاعتبارات اجتماعية وحرصا على استقرارهم المهنى ،ما ترتب عليه تكرار الحوادث وكذلك الوضع بالنسبة للأهالى المحتجين لأنهم خارج سيطرة الهيئة منوها أن الشرطة أو مباحث السكة الحديد مسئولة عن محاسبتهم حيث إن خطوط السكة الحديد خط أحمر لايجب الاقتراب منه .

وأشار الى أن قطع الطرق جريمة قد تصل عقوبتها الى الأشغال الشاقة لأنهم يتسببون فى خسائر بملايين الجنيهات بإيرادات هيئة السكة الحديد وتعطيل مصالح المواطنين الذين منهم المريض والشيخ العجوز مطالبا بالتحقيق مع المتجاوزين وتطبيق عقوبة رادعة عليهم لانهاء الظاهرة .

تفعيل القانون والأمن

أما عماد عبد المقصود المحامى بالاستئناف العالى ومجلس الدولة ، فيلقى الضوء على هذه الظاهرة مؤكدا أن القانون يتضمن نصوص تجرم التظاهرات التى يترتب عليها تعطيل العمل واتلاف الممتلكات والمنشآت العامة والتى تتطور الى التعدى على القيادات.

وأكمل : لكن للاسف هذه النصوص غير مفعلة لأن الثورة هى التى تحكم المرحلة الانتقالية واحتشاد مجموعة من المحتجين يصعب مهمة التحقيقات بالنيابة العامة بسبب شيوع الاتهام وصعوبة توافر شهود وعادة مايتم حفظ القضية لعدم تعاون أطرافها أو لعدم ثبوت الادلة أو لعدم امكانية تحديد الفاعل الاصلى والمحرض على الجريمة.

وأشارعماد الى أنه على سبيل المثال سبق أن شهدت شركة الغزل والنسيج بكفر الدوار أحداثاً مؤسفة فى فبراير2011 حيث اقتحم العاملون بالشركة مكتب نائب رئيس مجلس الادارة والعضو المنتدب واعتدوا عليه بالضرب داخل مكتبه حتى فارق الحياة وغيرها من حوادث اقتحام لمنشآت مهمة دون أن نسمع عن توقيع عقوبات لشيوع الاتهام .

ثم استدرك عماد عبد المقصود قائلا : حتى اذا ثبتت التهمة على أحد أو بعض المحتجين المتجاوزين ، فالقضية تعتبر مجرد جنحة عقوبتها 3 سنوات سجن أو غرامة اذا كانت الممتلكات التى تم اتلافها لا تتجاوز قيمتها 500 جنيه .

وأوضح المحامى بالاستئناف العالى أن هناك لبسا بين حق التظاهر تعبيرا عن الرأى والبلطجة حيث إن قانون العمل الجديد رقم 12 لسنة 2003 قيد حق اضراب العاملين بشروط ، منها أن يكون الاضراب أو الدعوة اليه عن طريق اللجنة النقابية ان وجدت ،أو النقابة العامة ، و ان يتم إخطار صاحب العمل والجهة الادارية قبل موعده بعشرة أيام ،وأن يشتمل الاخطار على أسباب الاضراب والمدة الزمنية المحددة له وغيرها مشيرا أيضا الى أن كثيرا من المتظاهرين لا يحصلون على رخصة بالتظاهرولا حسيب ولا رقيب .

ويرى المحامى بالاستئناف أن اسدال الستار على هذه الظاهرة غير الحضارية يحتاج الى الاستقرار والامن لتفعيل القانون وحسم القيادات والارتقاء بسلوكيات الشعب وتغيير فكرته فى ان البلطجة هى الطريق وليس القانون .

ثقافة الحوار والقدوة

وترى د.نجوى عبدالله استشارى الطب النفسى أن أساس المشكلة يكمن فى افتقاد الشعب والمسئولين أيضا لثقافة الحوار والتظاهر الحضارى واجادة فن التفاوض العلمى فى ضوء معطيات الواقع لحسم المشكلات .

وأضافت د. نجوى أن السبب الاخر يرجع الى بحث الصغارعن نموذج للقدوة بين الكبار ،فاذا لم يجدوا النموذج المقنع رفضوا نصيحتهم ولم يحترموا قراراتهم ،ويظهر ذلك فى مواقف كثيرة داخل الأسرة والمدرسة والجامعة ومؤسسات العمل .

وأبدت الخبيرة النفسية استنكارها لافتقاد الكثير من رؤساء مؤسسة العمل والقيادات هيبتهم واحترامهم بعد اعتراض المرءوسين عليهم ،ولم تقتصر المسألة على النقد أو توجيه الاتهامات أو المطالبة بالاقالة بل تطورالأمر ببعض المظاهرات الفئوية الى الاعتداء بالضرب .

وتعتقد خبيرة الطب النفسى أن انتخاب القيادات الادارية المحنكة التى تحظى بقبول وثقة يقلل احتمالات حدوث اشتباكات أو اضرابات تعرقل العمل واذا تبين للناس خطأ الاختيار يتم انتخاب قيادة جديدة فوراً حتى تعود الهيبة مع استقرار السلطة وتفعيل القوانين وتحقيق مبدأ العدالة .