آخر الأخبار :

إعداد: حسني ثابت
تسلم فلاديمير بوتين في حفل رسمي الاثنين 7 مايو/آيار السلطة في روسيا، بعدما قام بأداء اليمين الدستورية بقاعة "سان أندرو" ليعود إلى عرش الكرملين رئيسًا لولاية ثالثة خلفًا لحليفه ديميتري ميدفيديف بعد أربعة أعوام قضاها في منصب رئيس الوزراء، وحضر المراسم بطريرك الكنيسة الأرثوذكسية الروسية الذي بارك بوتين، وتم تسليم بوتين شفرات الإطلاق الخاصة بالسلاح النووي الروسي.
وقد شهدت روسيا في الرابع من مارس/آذار الماضي حسمًا لجدل دام أربع سنوات كاملة، بشأن احتمالات عودة الرئيس الروسي السابق فلاديمير بوتين للرئاسة مرة أخري، بعد فترتين قضاهما فيها (2000- 2008).
فعلى الرغم من بقائه صاحب الكلمة العُليا في روسيا على مدى السنوات الأربع الماضية سيسترد بوتين - رجل المخابرات السابق - رسميًا زمام السلطة التي تخلى عنها لحليفه ديمتري ميدفيديف في 2008 بعد أن قضى ثماني سنوات رئيسًا.
وقبل أن يصل إلى مكتبه في الكرملين أصدر بوتين مرسومًا بتعيين سلفه في الرئاسة ديميتري ميدفيديف رئيسًا للحكومة المُقبلة، وبذلك يكون الثنائي الحاكم وفيا لسيناريو تبادل المواقع منذ الخريف أنهما سيتبادلان منصبيهما مع الانتخابات الرئاسية في مارس/آذار التي فاز فيها بوتين بـ 63.6% من الأصوات منذ الجولة الأولى.
وسيعود بوتين للسلطة وقد ضعفت سلطته بسبب أشهر من الاحتجاجات التي استقطبت روسيا وتركته يواجه معركة لإعادة تأكيد نفسه أو المُجازفة بأن يُهمشه قطاع الأعمال القوي والنخبة السياسية التي يعد تأييدهما مهما.
ووفقا لتعديلات أدخلت مؤخرًا على الدستور الروسي فإن فترة الرئاسة ستستمر ست سنوات، وكان بوتين قال إنه سوف يفكر في الترشح لفترة رابعة إذا ما أيد الشعب الروسي ذلك.

السيرة الذاتية:

فلاديمير بوتين (7 أكتوبر/تشرين الأول 1952)، الرئيس الرابع لجمهورية روسيا الاتحادية، تخرج من كلية الحقوق جامعة لينينجراد عام 1975، وأدى خدمته العسكرية في جهاز أمن الدولة، وعمل في جمهورية ألمانيا الشرقية في الفترة "1985-1990"، تولى منصب مساعد رئيس جامعة لينينجراد للشئون الخارجية منذ عام 1990، ثم أصبح مستشارًا لرئيس مجلس مدينة لينينجراد، تولى منصب رئاسة لجنة الاتصالات الخارجية في بلدية "سانت بطرسبورج" - لينينجراد سابقًا - منذ يونيو/حزيران 1991، وفي الوقت نفسه تولى منصب النائب الأول لرئيس حكومة مدينة سانت بطرسبورج منذ عام 1994.
أصبح بوتين نائبًا لمدير الشئون الإدارية في الرئاسة الروسية منذ أغسطس/آب 1996، ثم أصبح نائبًا لمدير ديوان الرئيس الروسي ورئيسًا لإدارة الرقابة العامة في الديوان منذ مارس/آذار 1997، وفي مايو/آيار 1998 أصبح نائبًا أول لمدير ديوان الرئيس الروسي، وعُين في يوليو/تموز 1998 مديرًا لجهاز الأمن الفيدرالي في روسيا الإتحادية، وتولى في الوقت نفسه منصب أمين مجلس الأمن في روسيا الإتحادية منذ مارس/آذار 1999، وفي أغسطس/آب 1999 أصبح رئيساً لحكومة روسيا الإتحادية وذلك باختيار من الرئيس "بوريس يلتسن".
تولى بوتين اختصاصات رئيس روسيا الإتحادية بالوكالة منذ 31 ديسمبر/كانون الأول 1999 بعد استقالة الرئيس بوريس يلتسن، وانتخب في 26 مارس/آذار 2000 رئيسا لروسيا الإتحادية، وتولى منصبه في 7 مايو 2000، وأعيد انتخابه للرئاسة في 14 مارس/آذار 2004، وشغل بوتين منذ 8 مايو/آيار عام 2008 منصب رئيس وزراء روسيا الاتحادية حتى 4 مارس/آذار 2012.
فلاديمير متزوج من "لودميلا بوتينا" ولهما ابنتان: ماريا - ولدت عام 1985 وكاترينا- ولدت عام 198، وكان قد التقيا عندما كان بوتين لا يزال طالبًا، وكانت لودميلا تعمل كمضيفة طيران وتقيم في مدينة لينينجراد.
وقد أعيد انتخابه رئيسًا لجمهورية روسيا الاتحادية في 4 مارس/آذار 2012، وكانت جهات من المعارضة قد اتهمته بتزوير الانتخابات وخرج على أثرها مظاهرات عدة.
بطل رياضي:
عُرف بوتين ليس فقط كشخصية سياسية حاكمة لروسيا ولكن أيضاً كبطل رياضي فقد أحب رياضات الدفاع عن النفس، والتي شغلت حيز من اهتمامه أثناء فترة شبابه، ففي عام 1973 أصبح أستاذًا في لعبة السامبو وهي إحدى فنون الدفاع عن النفس الروسية، ثم تحول منها إلى لعبة الجودو والتي تألق بها حاصلاً على الحزام الأسود، كما فاز بعدد من بطولات السامبو والتي أقيمت في سانت بيترسبرج.

ولاية ثالثة ووعود جديدة:

وعد الرئيس الروسي فلاديمير بوتين بعد أدائه اليمين الدستورية في السابع من مايو/آيار، روسيا بمرحلة جديدة من التطور مُعتبرًا خلال حفل تنصيبه بأن ولايته الجديدة ستحدد مصير البلاد لعقود قادمة.
ودعا بوتين إلى الوحدة في بداية ولايته الجديدة التي تستمر ست سنوات، حيث يُواجه خلالها مُعارضة مُتزايدة ومشاكل اقتصادية وخصومات سياسية حادة، حيث قال بوتين: إننا اليوم ندخل في مرحلة جديدة من التطور الوطني، سيكون علينا تولي مهام بأبعاد ومستويات جديدة، وأن السنوات المُقبلة ستكون حاسمة لمصير روسيا وعلينا أن ندرك أن حياة أجيال المستقبل والآفاق التاريخية لدولتنا مسئولية في أعناقنا.
وذكر بوتين أن روسيا كانت ولا تزال تخضع لعملية التحديث التي تم تحفيزها خلال حُكم الرئيس ميدفيديف، مُحدداً جملة محاور، بينها مواصلة إنماء الاقتصاد الوطني وتنمية الثروة البشرية وتعزيز الديمقراطية، بينما على صعيد مجال السياسة الخارجية حدد بوتين إحدى مهامه في جعل روسيا قطبًا مركزيًا لأوراسيا، وشريكاً أميناً لباقي العالم، كما وقع مرسوماً ينص على أن موسكو ستسعى لتوثيق علاقاتها مع الولايات المتحدة، لكنها لن تتهاون في التدخل في شئونها، وأنها تريد ضمانات أكيدة على أن الدرع الصاروخية الأمريكية ليست موجهة ضد روسيا.
كما وقع مرسومًا يقضي ببذل كل الجهود لتتقدم روسيا من المرتبة الـ 120 إلى لـ 20 في ترتيب البنك الدولي لمناخ الأعمال، وطالب بوتين أيضًا باخضاع المهاجرين اعتبارًا من سبتمبر/أيلول المُقبل لامتحانات في اللغة والثقافة الروسية باستثناء "المتخصصين ذوي الكفاءات العالية.
كذلك كلف بوتين وزارة الخارجية، وعبر مرسوم رئاسي، بضرورة العمل على تخطي الأزمات الداخلية في بلدان الشرق الأوسط عبر وقف العنف أيًا كان مصدره، ويجب على وزارة الخارجية الروسية، حسب المرسوم، بذل الجهود لتخطي الأزمات الداخلية في دول هذه المنطقة بما فيه من خلال إجراء حوار وطني شامل من دون شروط مُسبقة، وعلى أسس احترام السيادة والاستقلال وعدم التدخل في شئونها الداخلية.
وبعد ساعات من عودته إلى الكرملين، وقع بوتين سلسلة مراسيم تتعلق بتحديث القوات المسلحة والاستثمارات، وتعهد بوتين بألا ينتظر أي فرد أكثر من 15 دقيقة في الطوابير أمام المكاتب الإدارية اعتبارًا من 2014 وأن تبلغ نسبة رضا الشعب الروسي من خدمة القطاع العام 90% في 2018، وتنص المراسيم أيضًا على مُضاعفة الرواتب الفعلية بـ 1.4 و 1.5" بحلول 2018، وتجهيز الجيش بنسبة 70% بأنظمة عسكرية حديثة أو حتى إيجاد "25 ألف وظيفة بحلول العام 2020.

ردود الفعل لعودة بوتين للرئاسة:

فعلى المستوى المحلي لروسيا شهدت الساعات الأخيرة وقبل تخليه عن منصبه، اصدار ميدفيديف أمراً قضى بإجراء تغييرات على مستوى القيادة في القوات الجوية والبحرية، أصبح بموجبها الأميرال فيكتور تشيركوف قائدًا جديدًا للبحرية، بينما بات الجنرال فيكتور بونداريف قائدًا جديدا للقوات الجوية.
وفي أول ردود الفعل الدولية على تولي بوتين مهام الرئاسة، هنأ الرئيس السوري بشار الأسد بوتين على توليه منصب الرئاسة، فقد ذكرت وكالة الأنباء السورية "سانا" أن الأسد عبر عن خالص تهانيه القلبية للرئيس بوتين مُتمنياً له النجاح والتوفيق في تحمل مسئولياته الرفيعة وللشعب الروسي الصديق المزيد من التقدم والازدهار.
ومن جانبه قال المتحدث باسم وزارة الخارجية الصينية، نقلاً عن الرئيس هوجينتاو، إن الجانب الصيني يعتقد أن الشعب الروسي سيحقق إنجازات أكبر في عملية التنمية الوطنية خلال المرحلة المُقبلة، مُشدداً على أن الشراكة بين موسكو وبكين ستحقق تقدماً جديداً وتفيد البلدين والشعبين، فضلاً عن الإسهام في مزيد من السلام والأمن والاستقرار في المنطقة والعالم.

إنجازات في عهد بوتين:

شهدت روسيا مراحل متتالية من الإنجازات في عهد بوتين كان أخرها النجاحات التي حققها في المضمار السياسي، ، ترأسه لقائمة حزب روسيا الموحدة في الانتخابات البرلمانية التي أجريت في ديسمبر/كانون الأول 2007، والتي فاز بها بنجاح ساحق، وحصل الحزب على أغلبية ساحقة من مقاعد البرلمان 315 مقعدًا من أصل 450 مقعدًا من إجمالي عدد المقاعد، هذا في مقابل 57 مقعدًا للحزب الشيوعي الروسي، بالإضافة لكل من الحزب الليبرالي الديمقراطي والذي حصل على 40 مقعدًا، وحزب روسيا العادلة والذي حصل على 38 مقعدًا.
وفي خلال فترة رئاسته لفترتين سابقتين عمل بوتين على تعزيز السلطة المركزية، وإحداث التوازن في العلاقات يبن الجهاز التشريعي ووكالات تطبيق القانون، والحفاظ على نمو اقتصادي مستقر.
كما بلغ معدل النمو في الناتج المحلي الإجمالي في روسيا حوالي 7% سنوياً، هذا بالإضافة للانخفاض الملحوظ لكل من التضخم والبطالة، وارتفع الدخل الحقيقي للسكان بنسبة 50%، كما عملت الحكومة على تسديد ديون خارجية تبلغ قيمتها 50 مليار دولار، ووصل الاحتياطي الأجنبي للبنك المركزي إلى رقم قياسي وهو 84 مليار دولار مما يدل على الانتعاش المالي التي حظيت به روسيا في عهده، فقد أصبح الاقتصاد الروسي واحدًا من أكبر عشر اقتصاديات في العالم.
كما سعى بوتين من أجل مُضاعفة الناتج المحلي والحد من الفقر، وتحديث القوات المسلحة لضمان التنمية الوطنية، وإعادة السيطرة على عدد من القطاعات الهامة في الدولة مثل قطاعي النفط والغاز.
هذا بالإضافة إلى المُساهمة في الحد من التدهور السياسي الداخلي الذي عانت منه البلاد في أواخر التسعينيات قبل أن يتولى بوتين الحُكم، وفي مجال السياسية الخارجية برز دور روسيا في العديد من القضايا والأمور السياسية العالمية مما أعاد لها وضعها مرة أخرى كإحدى القوى المؤثرة في الخريطة السياسية للعالم.

10/05/2012

تعليق علي الموضوع إرسال لصديق طباعة الصفحة

 

شروط النشر