برامج اليوم
10:00 مكافحو الأوبئة
11:00 انشاءات ضخمة
12:00 انقاذ الأرض
12:30 مؤسسة الطبيعة
13:00 علوم الإجرام
يعرض الآن على شاشة الجزيرة الوثائقية 14:00 رحلات مع الطبيعة
15:00 الأماكن الأكثر زيارة في فرنسا
16:00 الحقيقة الكاملة
17:00 أبناء عصرنا
18:00 الجريمة السياسية
اقرأ المزيد في (سينمات)
سينمات
أرسل الى صديق طباعة Share article
هنا أعيش وهناك أحيا !
آخر تحديث : الاحد 13 مايو 2012   10:05 مكة المكرمة

أمستردام – محمد موسى
تتفاعل كثير من الافلام التسجيلية مع الاحداث والنقاش السياسي والاجتماعي الذي تمر به دول ومجتمعات، فيستجيب مخرجيها للاثار المتنوعة التي تتركها هذه الاحداث في محطيها. لكنها، وعلى خلاف معظم التغطيات التلفزيونية لتلك الاحداث، تبحث هذه الافلام عن مقاربات تسعى لكشف التعقيد الذي تتضمنه ظواهر معينة، بتقربها من الذاتي للشخصيات التي تقدمها، وربط الانساني بالقضايا السياسية والاجتماعية، والذي يقود الى كثيرا الى خلاصات تظهر عدم صواب التبسيط الذي يحيط بالعادة تغطيات الاعلام لاحداث كالتي تتناول أفعال مجموعات من البشر.
يعد فيلم " هنا أعيش وهناك أحيا" للمخرجة الهولندية من الاصول المغربية فاطمة جبلي الوزاني والذي عرض مؤخرا في هولندا، مساهمة سينمائية في النقاش الاعلامي والشعبي بموضوعة الجنسية المزدوجة لأبناء المهاجرين في هولندا، والذي إشتعل مع صعود الاحزاب السياسية اليمينية قبل عشرة اعوام تقريبا، ويجد من يصب الزيت عليه بين فينة واخرى. فقبل اسابيع قليلة عاد النقاش من جديد مع اهتمام الاعلام الهولندي برفض لاعبين كرة قدم من اصول مغربية اللعب في المنتخب الهولندي، وتفضيل فريق بلد آبائهم، رغم ان هؤلاء اللاعبين ولدوا وتدربوا في فرق هولندية حياتهم كلها.
شخصيات فيلم " هنا أعيش وهناك أحيا " لن تكون من اجيال المهاجرين المغاربة، بل من الاتراك، والذي يشكلون مع المغاربة الجالية الاضخم في هولندا. وهم تعرضوا بدورهم في السنوات الاخيرة الى انتقادات كبيرة من حزب "الحرية" اليميني، والذي يتزعمه السياسي المثير للجدل خيريت فيلدرز، بسبب رفض سياسيات من اصول تركية التخلي عن جواز سفرهن التركي رغم عضويتهن في البرلمان الهولندي، وإنهن شغلنّ مناصب رفيعة في الحكومات الهولندية في السنوات الاخيرة.
                                    فاطمة جبلي الوزاني

يقدم الفيلم اربع شخصيات نسوية من اجيال مختلفة من المهاجرات التركيات، فهناك السيدة المسنة والتي تمثل الجيل الاول من الهجرة التي بدأت منذ نهايات الخمسينات من القرن الماضي، في حين تنتمي السيدات الثلاث الاخريات الى اجيال لاحقة، بعضهن ولدن في هولندا، او يعشن هناك اغلب حياتهن. تهيمن اسئلة الهوية وبلد الاجداد والبلد الثاني على حياة سيدات الفيلم. بعضهن، كالسيدة المسنة، حسمت النقاش، فالبلد الاصلي الذي تركته عندما كانت شابة، سيبقى بلدها المفضل، فلسانها لا يجيد سوى لغة البلد الاول، ولولا الابناء والاحفاد الذين يعيشون في هولندا، لكانت عادت الى تلك القرية. وهي اختارت منذ زمن طويل ان تدفن هناك. شخصية أخرى من الفيلم، تمثل مجموعة صغيرة من المهاجرين الذين بدئوا بالعودة لبلدانهم الاصلية بسبب تغير المناخ الليبرالي العام في هولندا في السنوات الاخيرة. هذه السيدة التي تجاوزت عقد الثلاثينات، قررت العودة بعد ان كانت تقضي اجازة عادية في تركيا، قبل يسلب روحها جمال بلدها، لتبقى هناك، وتعمل دليلة سياحية هناك. اما الشابة المحجبة التي تعمل كممرضة في هولندا، فتتمنى ان تنتقل الى تركيا لتعمل مع مرضى من ابناء بلدها. في حين حددت الهوية الجنسية للمرأة الرابعة من خياراتها، فاصبح البلد الذي يمنحها فرصة العيش كما تشاء، هو خيارها الاول.
يمكن تتبع بعضا من فصول الهجرة المسلمة الى اوربا من قصص السيدات الاربع. فالسيدة المتقدمة في العمر هي احدى نتائج السياسية الاوربية المتساهله مع المهاجرين وقتها، فالانعزال الذي عاشته السيدة التركية، والعالم الضيق الذي احاطت نفسها به، كان يعود في بعضه الى قله الانتباه الذي اولته دول اوربية لاشراك مهاجرين بالحياة العامة، ودفعهم الى تعلم لغة البلدان الجديدة، وكما يحدث حاليا، في حين تمثل الشخصيات الثلات الآخريات احدى تمظهرات علاقة المسلم مع الدول الاوربية، فمكانة الدين في تلك العلاقة لا يمكن تجاهل ابعادها العميقة، وخاصة في السنوات الاخيرة، والتي شهدت تبدلات في البلدان الاوربية اضافة الى اخرى لا تقل جدية في البلدان الاصلية لهؤلاء المهاجرين. فعندما تتوجه الممرضة التركية الاصلية الى الكاميرا وتبوح بانها تفضل بخدمة مرضى اتراك عن هولندين، فهذا يشير في جزء منه الى الجو المتعكر في هولندا. اما الشخصيتان الآخريتان فهما بعنادهما وبحثهما المستمر عن الذات والسعادة تمثلان تاثيرات الحياة الاوربية بمرجعياتها وفلسفاتها على سكانها.
يخصص الفيلم مساحة طويلة نسبيا للمرأة التي تركت بلدها وإختارات العيش في بلد آبائها. فتجربتها هي نموذج لظاهرة حديثة العهد وتستحق انتباها مضاعفا. تروي المرأة التركية صعوبة الاشهر الاولى بعد عودتها، وكيف عانت وبسبب لغتها التركية المكسرة وقتها، من معاملة مهينة من أبناء بلدها. وكيف اكتشفت سريعا ان تركيا التي كانت تزورها في عطل سريعة، هو بلد يملك مشاكله وتعقيداته، وانها ورغم انها ما زلت غير نادمة على قرارها العيش في تركيا، لكنها تملك كثير من الحنين لشوراع هولندا واسلوب الحياة هناك، وربما تعود يوما الى هناك، فالحياة لسيدة اعمال قوية الشخصية ليست سهلة ابدا في تركيا وحسب شخصية الفيلم.

يقدم الفيلم صورة قاتمة عن الافق المسدود لحياة المهاجر، وضياعه الابدي بين البلدان. وحتى العودة الى البلد الاصلي لاتمنح حلا جاهزا للسعادة. كأن ما قاله الشاعر اليوناني قسطنطين كفافيس عن الذي " خرب حياته في زقاق ما في العالم " ، ينطبق في كل مكان وزمان. كما يؤكد الفيلم على إختلاف تجارب اندماج المهاجرين المسلمين والعرب مع الدول التي اختاروا العيش بها عن تلك لابناء ثقافات آخرى، وهو الامر الذي تدعمه ايضا بحوث واحصائيات من دول اوربية واخرى من العالم الجديد، كالولايات المتحدة الامريكية ، استراليا ، كندا.
ولدت المخرجة والصحفية فاطمة جبلي الوزاني في المغرب وهاجرت مع اهلها الى هولندا وهي في العاشرة من عمرها. بعد أن رفضت الزواج التقليدي عندما كانت في الثامنة عشر، نبذها والدها لاكثر من 15 عاما، وهو الامر الذي همين على فيلمها التسجيلي الاول " في بيت أبي" الذي عرض في عام 1997، والذي عادت فيه الى تجربتها الشخصية المؤلمة وهي تسجل تحضيرات لزواج "مرتب" لفتاة هولندية من اصول مغربية في احدى القرى المغربية. كما قامت في عام 2000 باخراج فيلم "الخطيئة من جديد" عن مكانة "عذرية النساء" في المجتمعات العربية.
الى الأعلى
تعليقات القراء: + - 
التعليقات لا تعبر إلا على رأي أصحابها.
  تعليقك على الموضوع:
الاسم:*
البريد الإلكتروني:
عنوان التعليق:*
محتوى التعليق:*
(*) هذه الحقول مطلوبة