السماوة/نينا/ لا يخفى على احد إن الدول المتطورة تنظر إلى الطفولة بأنها البذرة التي ترسم ملامح البلد وتقدمه.وان لكل طفل فرصتان يرسمها الطريق النفسي في حياته ، الفرصة الأولى هي البيت والثانية المدرسة؟حيث نرى بعض العوائل تدفع بفلذات أكبادها للعمل وترك الدراسة خشية إملاق.لكن ظاهرة التسرب يحاسب عليها القانون وهو منسجم مع الإعلان العالمي لحقوق الإنسان.
يقول الطفل/حسن نعيم/"ولدت يتيما في بيت تجاوز وتحملت المسؤولية لإعالة والدتي المريضة".مضيفا"تعثري بالنطق وعدم معرفة ما يقوله المعلم هو سبب أخر لوجودي في هذا السوق.
أما الطفل/كاظم سلمان/فيقول"أحب المدرسة وأبي يريدني أن اعمل في الحي الصناعي وأتعلم مهنة وحبي للمدرسة كبير وأملي بالتفوق .
يقول جواد كاظم الوائلي مدير مدرسة المفيد الأهلية في المثنى لـ/نينا/ إن"مجالس الآباء والمعلمين هي الحجر الأساس في معالجة تسرب التلاميذ من المدرسة".مضيفا ان"هناك بعض الأسباب التي أدت إلى انتشار هذه الظاهرة منها شعور بعض أولياء الأمور بعدم جدوى التعليم،أو وفاة احد الوالدين أو كليهما،وأيضا اضطرار بعض التلاميذ للعمل على معاونة اسرهم ، وكذلك ضعف متابعة الطلبة المتغيبين عن الدوام ، هذا بالإضافة إلى ضعف الجانب الإعلامي من قبل الدولة حول اضرار ظاهرة التسرب من المدرسة.
الدكتور عماد العتابي/أخصائي الإرشاد النفسي في جامعة المثنى/ يقول"إضافة إلى الحالة المادية والثقافية هناك عوامل كثيرة لها تأثير كبير في التحصيل الدراسي.موضحاً ان"حقيقة الكائن الحي هو كائن متشعب متعدد القدرات والقابليات وأيضا متعدد الحاجات،ولكي أحقق أي مستوى مطلوب،مثلا التحصيل الدراسي والمستويات الأخرى يجب ان اشبع كافة الحاجات والرغبات وان أحقق كافة الأهداف،حين ذاك ممكن أن نطلب أو نناقش مستوى متدن للطالب،وان نسبة التحصيل الدراسي متأثرة والإنسان كائن حي يتأثر بالعوامل ككل وليس تأثير أحادي.
ويضيف العتابي : إذا كانت الحالة النفسية للأب سيئة فهي تؤثر عل مستوى التحصيل الدراسي وهكذا مع كافة الظروف الأخرى".مشيراً الى"كل ماهو حديث وجديد في طرائق التدريس يحد من ظاهرة التسرب،إضافة إلى ذلك هناك عدة أسباب منها طرق التشويق المحببة التي تتناغم مع رغبات وحاجات الطالب،وهي أيضا من العوامل الأكيدة للطالب ان لا يفكر بالتسرب او ترك المدرسة،ويجب ان نتعامل مع هذه الظاهرة الخطيرة تعامل كلي وتوفير كافة العوامل والمسببات".
واوضح إن"ظاهرة التعلم الحديثة وحدها لا تحد من ظاهرة التسرب إلا بنسبة معينة خصوصا بعض الطلاب،فنرى رغم ظروف الطالب الاقتصادية وحاجة الأهل ورغم المغريات الموجودة في الشارع،هناك من لم يفرط في المدرسة وهو ينجز الأعمال ويكمل الدراسة،وهناك الكثير من العلماء والأساتذة كانوا ينفذون رغبات الأهل ويتفوقون في الدراسة .
وعن المنهج المطور يؤكد العتابي ان"التعليم الابتدائي تحت الصفر، والتعليم بتعريفه الأكاديمي الموجود في علم النفس التربوي،هو كل الإجراءات والنشاطات التي تتم وفق خطة محددة بغية تنفيذ أهداف معينة لإكساب الكائن الحي المهارات الضرورية لكي يلبي حاجاته ورغباته ويتعايش مع الحياة،ونحن في الابتدائية، المتوسطة،الإعدادية وفي الجامعة لا يوجد لدينا خطة او أهداف،وأيضا لا نسير على منهج معين ولم ننتمي إلى أي أسلوب علمي ولم نلتمس منهج متطور في التدريس الحديث ، لذلك ليس لدينا تعليم".مؤكداً "لدينا تعلم بصورة غير مقصودة في داخل المدرسة وخارجها، ولكن تعليم لا يوجد،وان عدد الطلاب يتناقص من الابتدائية وصولا الى الجامعة".
واشار الى ان"هناك قوانين متعارف عليها ونحن لدينا قانون أخلاقي ينص على ان الأسرة مسؤولة عن إطعام واكساء وإيواء الطفل، وان المدرسة مسؤولة عن التعليم وتعديل سلوك الطفل وتربيته ونحن ملزمون بما اقسمنا على هذا القانون،ولكن لا ينفذ وهناك الكثير من التجاوزات وعشرات الحقوق ضائعة عندنا .
فيما يقول صبار داخل محمود/اختصاص علم نفس في جامعة المثنى/ان"هناك عدة أسباب لتسرب الأطفال من هذه الأسباب المستوى الثقافي للأسرة والفقر المتدني وعدم متابعة الأهل لأطفالهم هذا يؤدي إلى فرصة سهلة في انخراط الأطفال إلى الشارع".مبيناً"عندما يأتي الطفل إلى البيت وعدم مطالبته بالمأكل والملبس وسكوت الأهل، هذا يشجع على استمراره في التسيب ، وأيضا قلة المدارس والتعليم الإلزامي والاستعمار والحروب كلها من العوامل الأساسية لتفكك المجتمعات ، وبالتالي يكون التأثر الأكبر من حصة الطفل.
ويتابع محمود إن"التعاون بين العائلة والمدرسة يحقق غاية الطفل الدراسية،واذا لم يتحقق ذلك فان الطفل يستغل اضعف المجالين سواء في البيت او المدرسة لممارسة انحرافه عن النهج السوي".لافتاً الى ان"المدرسة تعطي الطفل فرصة أكثر من البيت كي يظهر كما هو في مستواه العقلي ومزاجه وسلوكه في اللعب،وان تعامله مع إقرانه يتوجب على كل مدرسة أن ترصد هذه النواحي في مسيرة الطفل الدراسية وتسعى إلى تقويم الاتجاهات الخاطئة التي تظهر على الطفل وبالتعاون الوثيق مع البيت،وان إخفاق المدرسة في القيام بهذه المهمة يعني ضياع الفرصة الثانية والأخيرة للطفل وإذا حدث ذلك فيصعب إصلاح ما حدث في وقت لاحق.
اما لطيف عبد الحسين/مدير قسم القانونية في جامعة المثنى/فيقول"إذا أخذنا الضمانات القانونية نلاحظ بان الدستور العراقي في المادة (30) فقرة أولا تعطي كفالة للفرد والأسرة وبخاصة الطفل والمرأة ، والكفالة تعني إن يعيش ذلك الطفل في أجواء طبيعية صحية تؤمن الدولة فيها الرعاية الاجتماعية ، إذا لم يكن الطفل تحت رعاية أسرة ، فيكون تحت كنف الدولة حيث تقوم برعايته في كل تفاصيل حياته هذا ما نص عليه دستور العراق في (2005)،وهذه تعتبر من الضمانات الدستورية للفرد العراقي مطبقة على ارض الواقع،والدستور العراقي لم يأت اعتباطا بل جميع الأنظمة في العالم جاءت منسجمة مع الإعلان العالمي لحقوق الإنسان الذي يعطي واجب الدولة رعاية الأطفال من التشرد والآفات الاجتماعية".
واضاف : ان"الدستور لم يكن غريبا أو بمعزل عن الدول المتحضرة وهو متقدم ومنسجم مع الإعلان العالمي لحقوق الإنسان،حيث أصبحت حقوق الطفل والمرأة مرآة عاكسة للدولة التي ترعى حقوق الأفراد .
ويشير عبد الحسين الى اننا نشاهد إن الموجود على ارض الواقع هناك تسرب كثير،حيث توسعت حالة الفقر،وذلك حسب التقرير الأخير لوزارة التخطيط حيث حددت نسبة الفقر في مدننا وخصوصا محافظة المثنى (49) والحقيقة النسبة أكثر من ذلك وهذه النسبة عالية جدا بالتركيبة الاجتماعية نتيجة الإفرازات الطبيعية لمثل هكذا آفة،وهي كلما ينتج من مخرجات الفقر والجريمة والتسيب وغيرها من الآفات الاجتماعية ، وهذه تحتاج إلى عمل مؤسسات الدولة الكبيرة ./انتهى
|