الأحد 9 شباط 2014 التوقيت المحلي للبصرة: 11:10 ص درجة الحرارة بالبصرة: 11°
ترددات راديو المربد |
  • البصرة: 93.3
  • ذي قار: 101.3
  • ميسان: 89.4
  • بابل وكربلاء والنجف والديوانية: 98.8
  • المثنى: 97.7
  • واسط: 98.7

يتامى الفرطوسي .. عائلة بصرية تسكن في ناقلة نفط مهجورة بالقرب من القصور الحكومية

السبت 1 شباط 2014 - 9:50 م
ام محمد الفرطوسي تقف مع يتاماها على ناقلة النفط المجهورة بالقرب من القصور الحكومية

المربد/ حيدر الجزائري

على الضفة المقابلة لقصور البصرة الحكومية (الرئاسية) الفخمة التي يسكنها مسؤولون في الدولة، التجأت أم محمد الفرطوسي مع أيتامها السبعة لتسكن في ناقلة نقط قديمة (دوبه) راسية على ضفة شط العرب بعدما هجرها تجار النفط واستأنست بها كمأوى رحب أخير رغم رطوبتها وبرودتها، بعدما جارت الدنيا عليها، وتركها الدهر طريدة الفقر وآهاته، تقتات على صيد السمك الصغير (الزوري) بقاربها الصغير الذي تزاحمه حركة البواخر التجارية المحملة بالخيرات، لينتهي يومها وهي ترمق العمران الذي لم يكن لها منه نصيبا، وسط إهمالها من أية رعاية حكومية واهتمام المنظمات الإنسانية، في صورة أشبه بحكايات العصور الأولى التي لا تمت بصلة لمدينة تقبع على بحر من النفط والغاز والخيرات والثروات.

راديو المربد، وفي مهمة صحفية خاصة، أوفد مراسله ليلتقي بهذه العائلة المحرومة ، ويتعرف عن كثب على حكايتها،  اذ تحدثه ايمان محمد حاتم المعروفه بأم محمد الفرطوسي قائلة "نحن من عائلة بسيطة وفقيرة مكونة من ثمانية أفراد، ثلاثة منهم أولاد، اكبرهم من مواليد 1992، ورب الاسرة كان صياد للسمك، وافته المنية اثر مرض عضال منذ عامين، ما زاد الطين بلة، ولم نتمكن من استئجار الدار التي كانت تأوينا في ذلك الحين، وكرامتنا وعزة نفسنا تأبى العيش مع الآخرين، فأضطررنا للجوء الى ناقلة النفط المهجورة، ونلتحف من غرفتها الوحيدة الصغيرة وهي (قمرة القيادة) سكنا لعائلتنا، ونستخدم ممرها الضيق مطبخاً لطهي طعامنا".

وتضيف "الناقلة باردة في النهار وأبرد في الليل كونها من حديد، كما ان الرطوبة لاترحم أيتامي، أما في الصيف فهي كالجمر اللاهب، فيما تعصف بنا الرياح يمينا وشمالاً، وليس لدينا مولد كهرباء، ونستخدم الشموع لنضيء الليل، ونشتري الماء من مركز المدينة بالذهاب له عبر الزورق، ونستخدم ماء شط العرب للغسيل".

وتبين الفرطوسي انها "تبدأ من الصباح مع ابنها محمد وقاربهم الصغير بصيد السمك الصغير (الزوري) عبر الشباك، لتبيعه في الأسواق بأبخس الاثمان، لترجع إلى سكنها ببعض الخضروات والحاجيات، فيما تمر عليهم أيام لا يأكلون فيها شي عندما تمرض أو يضطرب الجو أو لسبب آخر يمنعهما من الصيد".

وعن ذكرياتها المريرة، تتحدث مراسل المربد ام محمد الفرطوسي ان "ابنتي فاطمة الصغيرة أصابها مرض الصرع من شدة الحزن ، وبعد ايام احترق ساعدها الأيسر عندما هبت شعلة من النار عليها من موقد المطبخ وتشوهت يدها من اثر ذلك ، ولايمكن عودة يدها على وضعها الطبيعي كالسابق الا بأجراء عملية جراحية، وذلك لتقلص لحم ساعدها ومنعها من الحركة والتمدد بشكل تام".

يتامى ام محمد يحلمون جميعهم بالالتحاق بالمدرسة التي هي أشبه بحلم بعيد المنال، فلا إمكانية مادية لديهم ، ولا مدرسة قريبة على سكنهم ، ويقضون اكثر أوقاتهم بالنظر إلى أمهم وأخيهم إثناء الصيد ينتظرون عودتهم ، أما في الليل فيسرحون بما تبقى من حلمهم نوماً ، بينما يحرسهم أخيهم الاكبر (محمد) حتى الصباح من الزواحف او الحشرات، أو طوارق الليل الأخرى".

أما ابنها محمد فيقول لمراسل المربد "يعتصر قلبي الألم حينما أنظر الى حركة البواخر المحملة بالبضائع التي تمر بجانبنا وهي ترعب اخواني واخواتي، وأحياناً ارمق مجمع القصور الرئاسية والابنية التي تشيد فيه، ويقال انها (فنادق) فأقول هل لنا فيها ياترى نصيب؟ ام أنها ستحتضن الأجانب والمترفين دون أبناء البصرة، ومع ذلك فأننا راضون بقدرنا الذي يختزله العيش في ناقلة نفط فارغة وموحشة ومهجورة كالقبر، وكأن الخير لغيرنا فحسب".

ويختتم قوله "انني محروم من الدراسة والزواج، واقراني حظوا بزوجة وعمل، لكني مهموم ومشغول بحماية عائلتي من الغرباء ومن مصيرنا المجهول".

قصة أم محمد الفرطوسي ويتاماها، قد لاتكون الأولى والأخيرة التي تحكي معاناة الفقر والإهمال في البصرة، لكنها قد تكون النادرة التي تسكن على ناقلة نفط أمام مرأى ومسامع القادة المحليين، وعيون الفقراء تنظر اليهم لتوظيف خيرات هذه المدينة التي ترفد العراق من شماله حتى جنوبه.

شارك برأيك

أصدقاؤك يفضلون