|   

استراتيجية كازاخستان 2050: توجه سياسي جديد للدولة المكتملة

Print A+ a-
الخميس، ٢١ آذار ٢٠١٣ (١٧:٤٨ - بتوقيت غرينتش)
الخميس، ٢١ آذار ٢٠١٣ (١٩:٢ - بتوقيت غرينتش) الآستانة – باسل الحاج جاسم

حققت كازاخستان خلال21 عاماً مضت على استقلالها، صفة الدولة المكتملة القوية التي تتمتع باحترام دولي يتجلى بوضوح من خلال التزايد الملموس في المؤشرات الاقتصادية والسياسية للبلاد. ولا تألو الدولة جهداً من أجل الحفاظ على الاستقرار الاقتصادي والمالي، إذ يعتبر المناخ الاستثماري في كازاخستان من أفضل أجواء الاستثمار على صعيد رابطة الدول المستقلة.

تعتمد الاستراتيجية الكازاخية على اقتصاد ثابت يطبق أحدث الأساليب العلمية المبتكرة وسياسة خارجية نشطة ركيزتها الوضع السياسي الداخلي المستقر.

كما استطاعت الدولة، إبان سنوات الاستقلال جذب 160 بليون دولار كاستثمار أجنبى، ولا تتجاوز معدلات التضخم والبطالة 6٪ . وفي عام 2012 بلغ إجمالي الناتج المحلي للفرد 12 ألف دولار أميركي، وبدأت كازاخستان بالفعل التحول إلى تنمية الاقتصاد المبتكر.

تعكس سمعة كازاخستان الدولية ثقة المجتمع الدولي بها لما تلعبه الدولة من دور نشط في المنظمات الدولية والتكاملية لحل الأمن الإقليمي والدولي، ما أضاف المزيد لنفوذ أستانة على الصعيد العالمي، وجاء هذا التقدم كناتج طبيعي للتخطيط الاستراتيجي والسياسة الطويلة الأمد التي حددها رئيس كازاخستان وزعيم «الأمة الكازاخية» نورسلطان نازارباييف في السنوات الأولى من استقلال كازاخستان.

ووفقاً لتصنيف المنتدى الاقتصادي الدولي، حلت كازاخستان في عام 2012 في المرتبة 51، ما يبعدها خطوة واحدة فقط عن تحقيق هدفها الطموح، وهو انضمامها إلى الـ 50 دولة الأكثر تنافساً في العالم.

أعلن نازارباييف أن عام 2050 ليس مجرد تاريخ رمزي، بل هو الموعد الحقيقي الذي يرتكز اليه اليوم المجتمع الدولي، ووضعت الأمم المتحدة «خطة شاملة لتنمية الحضارات حتى عام 2050». وأعلنت منظمة الغذاء العالمي « تقرير تنبئي حتى عام 2050».

«استراتيجية 2050» في كازاخستان تنقسم إلى ثلاثة أقسام رئيسية، القسم الأول يقدم تحليلاً موضوعياً للنتائج الاجتماعية والسياسية والاقتصادية التي تم إحرازها خلال السنوات الماضية، هذا القسم يعطي اهتماماً خاصاً للاعتراف بكازاخستان من قبل المجتمع الدولي ودور أستانة النشط في عدم انتشار الأسلحة النووية. وجدير بالذكر أن كازاخستان تخلت طواعية عن ترسانتها النووية، بعدما كانت رابع أكبر ترسانة نووية في العالم. وقدمت أستانة المبادرة الخاصة بإنشاء منطقة آسيا الوسطى الخالية من الأسلحة النووية لمنع التحديات الأمنية المحتملة، واقترحت إعلان يوم 29 آب (أغسطس) يوماً دولياً لمناهضة التجارب النووية وتبنته الأمم المتحدة بالإجماع.

وحدد رئيس كازاخستان عشرة تحديات عالمية للقرن الحادي والعشرين للدولة في القسم الثاني من «استراتيجية كازاخستان 2050» وهي كالآتى: 1- تسارع الزمن التاريخي. 2- عدم التوازن الديموغرافي العالمي. 3- تهديد الأمن الغذائي العالمي. 4- نقص المياه الحاد. 5- أمن الطاقة العالمي. 6- الموارد الطبيعية القابلة للنضوب. 7- الثورة الصناعية الثالثة. 8- عدم الاستقرار الاجتماعي المتزايد. 9- أزمة قيم حضارتنا. 10- خطر زعزعة الاستقرار العالمي الجديد.

في القسم الثالث والأساسي من «استراتيجية كازاخستان 2050» تجسدت الرؤية والبصيرة السياسية الحكيمة والخبرة العريضة والعناية الحقيقية لمستقبل الأمة، وحدد فيها نازارباييف المجالات الرئيسية للدولة بأكملها، بهدف انضمامها إلى الـ 30 دولة الكبرى في العالم، والتغلب على كل أنواع الأزمات، واستمرار المضي على «الطريق الكازاخستاني» الفريد من نوعه.

الأولويات الرئيسية التي تحددها «استراتيجية 2050» هى: 1- تشكيل السياسة الاقتصادية للاتجاه الجديد. 2- دعم شامل للأعمال. 3- تطوير سياسة اجتماعية جديدة. 4- تشكيل كوادر الموظفين المحترفين على أعلى مستوى. 5- تعزيز نظام الدولة وتنمية الديموقراطية في كازاخستان. 6- استمرار السياسة الخارجية المتوالية. 7- تعزيز الروح الوطنية الكازاخية.

تكشف السياسة الاقتصادية للاتجاه الجديد البراغماتية الاقتصادية الشاملة التي سيتم على ضوئها اتخاذ القرارات على أسس الجدوى الاقتصادية وتنمية قابلية كازاخستان للتنافس العالمي، وسيتم الوصول إلى الحد الأدنى لمشاركة الدولة في تنظيم الأعمال التجارية. وتم تطبيق الخصخصة على نطاق واسع وزيادة حصة القطاع الخاص في كل مجالات النشاط تقريباً، وسياسة القروض النقدية ستخضع للإصلاحات اللازمة، وعلى الصندوق الوطني أن يصبح قاطرة التحول إلى سياسة اقتصادية جديدة وسيتم الإنفاق منها على مشاريع البنية التحتية الاستراتيجية الطويلة الأمد في مجالات التكنولوجيا المبتكرة وتكنولوجيا المعلومات.

تشمل خطة المرحلة القادمة من التصنيع عملية تجديد كاملة، مع التوسع في الأصول الإنتاجية في كازاخستان حتى 2050، وتطوير قطاع الاقتصاد غير الخام واستيراد الطاقات الصناعية وتبادل التكنولوجيا العالية، ومن المهم تعزيز المجال الفضائي، فضلاً عن تكثيف تنمية مجموعتي الابتكار، وهما « بارك التكنولوجيات المبتكرة» و «جامعة نازارباييف».

ووفقاً للاستراتيجية المشار إليها، تسرع كازاخستان في الانتقال إلى «الاقتصاد الأخضر»، فبحلول عام 2050 حوالى 50٪ من إجمالي استهلاك الطاقة في البلاد يجب أن يقع على مصادر الطاقة البديلة والمتجددة، وفي هذا الصدد يعطي انعقاد المعرض الدولي «إكسبو-2017» في كازاخستان فرصة لجذب التكنولوجيات العالمية في مجال الطاقة البديلة لتأخذ مكانها الصحيح في هذا الاتجاه الجديد، وتم تحديد المبادئ المحدثة للسياسة الاجتماعية بما فيها الضمانات الاجتماعية الدائمة والمسؤولية الشخصية للمواطنين.

تعد حماية الأمومة والطفولة من أهم اتجاهات السياسة الاجتماعية، ومن الأولويات الرئيسية في مجال تعزيز نظام الدولة التطور الديموقراطي التدريجي والمكافحة الشاملة للفساد ولامركزية الحكم وتشكيل جهاز المديرين والموظفين من ذوي درجات الاحتراف العالية وانشاء نموذج الشراكة بين القطاعين العام والخاص.

تقع الأهمية الكبرى في تنفيذ الأولويات الاستراتيجية للبلاد على الشركاء الدوليين لكازاخستان، وهم روسيا والصين ودول آسيا الوسطى والولايات المتحدة والاتحاد الأوروبي والعالم العربي وآسيا والمؤسسات الأمنية الدولية، مثل حلف شمال الأطلسي ومنظمة الأمم المتحدة ومنظمة الأمن والتعاون في أوروبا ومنظمة معاهدة الأمن الجماعي ومنظمة شانغهاي للتعاون، ومنظمة السيكا ومنظمة التعاون الإسلامي وغيرها. وتعزيز الاتحاد الجمركي مع روسيا وروسيا البيضاء ومنظمة الفضاء الاقتصادي الموحد (وهي منظمة اقتصادية تشمل كلاًّ من روسيا وكازاخ``ستان وروسيا البيضاء)، ينبغي أن يؤدي إلى إنشاء الاتحاد الاقتصادي الأوراسي، حيث يجب أن تحل كل المسائل بتوافق الآراء مع الحفاظ على السيادة السياسية الكاملة للبلدان الأعضاء.

ويتم تعريف «اللغة الكازاخية» باعتبارها الجوهر الروحي للمجتمع، وبدءاً من العام 2025 تخطط الدولة للانتقال من الحروف الروسية إلى الحروف اللاتينية، وفي الوقت نفسه تتخذ كازاخستان إجراءات نشطة خاصة بتوفير الظروف المناسبة لتدريس اللغتين الإنكليزية والروسية جنباً إلى جنب مع اللغة الكازاخية، وأصبحت دراسة ثلاث لغات معياراً للجيل الجديد من الكازاخ.

في السنوات الأخيرة، أولت الدولة اهتماماً كبيراً لخطر التطرف الراديكالي والإرهاب، وفي هذا الصدد من المتوقع تطوير «برنامج الدولة لمكافحة الراديكالية والإرهاب والتطرف» ومواصلة الاستفادة من مؤتمر زعماء الأديان العالمية والتقليدية الذي يتم عقده دورياً في أستانة لمنع الصراعات وحلها على أسس دينية صحيحة.

 

Tags not available