أولاً: الأحكام القضائية والمحاكمات

1. أصدرت محكمة جنايات الجيزة في يوم 12 أكتوبر 2008 حكماً بالسجن المشدد لمدة خمس سنوات على خمسة متهمين من بينهم كاهن مسيحي، وذلك بتهم تتعلق بتزوير أوراق رسمية. وكانت المحكمة قد بدأت نظر الجناية (رقم 4829 لسنة 2007- جنايات قسم إمبابة) في شهر يونيو 2008 حيث واجه المتهمون تهماً تتعلق بمساعدة امرأة مسلمة على استخراج أوراق ثبوتية مزورة تثبت اعتناقها المسيحية لتمكينها من الزواج من شاب مسيحي خلال عام 2005، فضلاً عن استخدامها تلك الأوراق في عقد زواجها واستخراج جواز السفر الذي استخدمته المتهمة للسفر مع زوجها إلى الأردن (انظر الفقرة رقم 8 من تقرير حرية الدين والمعتقد في الربع الثاني من عام 2008).


وقد صدر الحكم غيابياً ضد كافة المتهمين ـ ومن بينهم الزوجان ـ باستثناء الكاهن (متاؤس عباس وهبه) الذي صدر الحكم بحقه حضورياً والذي يقضي حالياً العقوبة المقررة في سجن طره بضواحي القاهرة.


وفي أعقاب صدور الحكم نقل عدد من الصحف انتقادات على لسان البابا شنودة الثالث والذي عبر عن "استيائه الشديد من الحكم" بسجن الكاهن، وأعلن تكليفه لأحد المحامين بالطعن على الحكم. وفي يوم 15 نوفمبر 2008 قام المحامي رمسيس النجار بتقديم طعن على الحكم أمام محكمة النقض، تم إيداعه برقم 220 لسنة 2008. ولم تحدد المحكمة جلسة لنظر الطعن حتى وقت صدور هذا التقرير.


2. في قضية مشابهة أصدرت محكمة جنايات شبرا، في يوم 11 نوفمبر 2008، حكماً حضورياً بالسجن لمدة ثلاث سنوات على ثلاثة متهمين في الدعوى رقم 12201 لسنة 2006 (جنايات شمال القاهرة- دائرة شبرا). وقد أدانت المحكمة المتهمين الثلاثة بمساعدة امرأة مسلمة، في غضون عام 2002، على استخراج بطاقة للرقم القومي تحوي بيانات مزورة لتسهيل زواجها من مسيحي، بالإضافة إلى الشهادة على عقد زواجهما بموجب البيانات المزورة (انظر الفقرة رقم 8 من تقرير حرية الدين والمعتقد في الربع الأول من عام 2008).


وكانت المحكمة قد أصدرت في 17 يناير 2008 حكماً غيابياً في نفس الدعوى بالسجن لمدة عشر سنوات ضد المتهمين الثلاثة فضلاً عن الزوجين الهاربين. وقد بدأت إجراءات إعادة المحاكمة في 12 فبراير الماضي بحضور المتهمين الثلاثة الذين يقضون العقوبة حالياً في سجن المرج العمومي. وقد تقدم محامو المتهمين بطعن على الحكم أمام محكمة النقض، غير أن المحكمة لم تحدد جلسة لنظر الطعن حتى وقت صدور هذا التقرير.


3. في يوم 11 نوفمبر 2008 أصدرت محكمة القضاء الإداري في القاهرة برئاسة المستشار محمد أحمد عطية حكماً بإلزام مصلحة الأحوال المدنية بوزارة الداخلية بإصدار بطاقة الرقم القومي للمواطن البهائي هادي حسني القشيري، مع ترك خانة الديانة خالية أو وضع علامة (ــ) أمامها. وكانت المبادرة المصرية للحقوق الشخصية قد أقامت الدعوى (رقم 14124 لسنة 62 ق) في شهر يناير من عام 2008 بعد أن تعرض هادي القشيري (21 عاماً) للفصل من كلية الزراعة بجامعة الإسكندرية حيث كان مقيداً في الفرقة الثالثة. وقد أقدمت الجامعة على فصل الطالب بعد أن عجز عن تقديم أوراق تأجيل الخدمة العسكرية الإلزامية والتي رفضت وزارة الدفاع إصدارها ما لم يقدم الطالب بطاقة الرقم القومي. ولما كان الطالب يحمل شهادة ميلاد تثبت ولادته لأبوين مصريين بهائيين، فقد رفضت مصلحة الأحوال المدنية إصدار بطاقة الرقم القومي للطالب ما لم يقبل تغيير ديانته إلى الإسلام أو المسيحية.


يذكر أن المحكمة نفسها كانت قد أصدرت في 29 يناير 2008 حكمين مماثلين برئاسة رئيسها السابق، المستشار محمد الحسيني، قضت فيهما للمرة الأولى بحق المواطنين البهائيين في الحصول على الأوراق الرسمية الثبوتية دون تسجيل أية ديانة. ولم تقم وزارة الداخلية بتنفيذ هذين الحكمين حتى وقت صدور هذا التقرير في يناير 2009 (انظر الفقرة 1 من تقرير حرية الدين والمعتقد في الربع الأول من عام 2008).


4. قررت اللجنة الأفريقية لحقوق الإنسان والشعوب، التابعة للاتحاد الأفريقي، في جلستها نصف السنوية التي انعقدت في مدينة أبوجا بنيجيريا من10 إلى 24 نوفمبر 2008 قبول نظر الدعوى المقامة ضد الحكومة المصرية بشأن تغيير ديانة الطفلين ماريو وأندرو رمسيس من المسيحية إلى الإسلام، ونزع حضانتهما عن والدتهما المسيحية، وذلك بعد تحول والدهما إلى الإسلام. وتتهم الدعوى (رقم 363 لسنة 2008) الحكومة المصرية بانتهاك أربعة من مواد الميثاق الإفريقي لحقوق الإنسان والشعوب، والذي صدقت عليه الحكومة ومجلس الشعب في عام 1984. حيث تعرضت والدة الطفلين ـ السيدة كاميليا لطفي ـ للتمييز على أساس الدين (المادة 2)، ولانتهاك حقها في المساواة في الحماية القانونية (المادة 3)، نتيجة لحرمانها من حضانة طفليها القاصرين. كما تتهم الدعوى الحكومة بانتهاك حق الطفلين في حرية الدين والمعتقد (المادة 8)، ومخالفة الالتزام باحترام حقوق الطفل (المادة 18-3). وقد قررت اللجنة قبول الدعوى والبدء في نظرها في الجلسة القادمة في شهر مايو 2009، على أن يقوم كل من الشاكين والحكومة المصرية بتقديم مذكراتهم الأولية قبل يوم 8 مارس 2009. وقد أقامت الدعوى كل من المبادرة المصرية للحقوق الشخصية والمركز الدولي للحماية القانونية لحقوق الإنسان في لندن. 


وكانت محكمة استئناف الإسكندرية قد أصدرت في 24 سبتمبر الماضي حكماً نهائياً بضم الطفلين ماريو وأندرو (14 عاماً) إلى حضانة والدهما الذي كان قد تحول إلى الإسلام في عام 2000 وأقدم على تغيير ديانة الطفلين في الأوراق الرسمية في عام 2006. وقد استند الحكم إلى تفسير المحكمة لمبادئ الشريعة الإسلامية، رغم أن المادة 20 من قانون الأحوال الشخصية تنص على بقاء الطفل في حضانة الأم حتى سن الخامسة عشرة، دون إشارة لديانة الأم الحاضنة (انظر الفقرة رقم 8 من تقرير حرية الدين والمعتقد في الربع الثالث من عام 2008). وقد تقدمت والدة الطفلين في يوم 5 نوفمبر 2008 بطلب للنائب العام (رقم 18308 لسنة 2008) للطعن على الحكم، لم يتم اتخاذ قرار بشأنه حتى وقت صدور هذا التقرير.


5. في يوم 29 نوفمبر 2008 أصدر النائب العام قراراً بوقف تنفيذ الحكم الصادر بالسجن ثلاث سنوات ضد السيدة بهية السيسي، بتهمة استعمال محرر مزور مع العلم بتزويره، وذلك لحين الفصل في الطعن المقدم أمام محكمة النقض. وكانت محكمة جنايات شبرا الخيمة قد أصدرت الحكم المذكور في يوم 20 سبتمبر 2008 (في القضية رقم 14223 لسنة 1996)، على خلفية اتهام بهية السيسي باستخراج بطاقة شخصية تثبت اسمها وديانتها المسيحيين عام 1994 رغم أن والدها كان قد تحول من المسيحية إلى الإسلام في عام 1964 (انظر الفقرة رقم 7 من تقرير حرية الدين والمعتقد في الربع الثالث من عام 2008).

وقد قامت النيابة العامة في أعقاب إخلاء سبيل بهية السيسي بالطعن على الحكم أمام محكمة النقض، بتاريخ 24 ديسمبر 2008. كما كان محاميها قد أقام طعناً مماثلاً في 13 نوفمبر 2008. وحتى وقت كتابة هذا التقرير لم يتم تحديد جلسة لنظر الطعن.

يذكر أن حركة "مصريون ضد التمييز الديني" ـ وهي مجموعة من المتطوعين الناشطين في مجال التسامح الديني ـ قد أصدرت في يوم 5 نوفمبر بياناً تضامنياً مع السيدة بهية السيسي، مطالبين النائب العام بوقف تنفيذ عقوبة الحبس الصادرة بحقها، لحين الفصل في الطعن أمام محكمة النقض.

 
6. قضت محكمة القضاء الإداري بالإسكندرية، في يوم 18 ديسمبر 2008، بحق فتحي لبيب يوسف في الحصول على بطاقة تحقيق شخصية تثبت عودته للمسيحية بعد أن كان قد اعتنق الإسلام. وكان المدعي قد أقام دعواه – رقم 2293 لسنة 60 ق – في نوفمبر 2005 ضد كل من رئيس مجلس الوزراء ووزير الداخلية ورئيس مصلحة الأحوال المدنية، طالباً وقف تنفيذ القرار الصادر برفض إثبات تغيير ديانته، حيث كان المدعي قد تحول من المسيحية إلى الإسلام في 1974 ثم عاد إلى المسيحية في مايو 2005 بعد موافقة المجلس الإكليركي للكنيسة القبطية الأرثوذكسية.

وقد استند الحكم في حيثياته التي اطلعت عليها المبادرة المصرية للحقوق الشخصية إلى وجوب المساواة بين كافة المواطنين في الحقوق والواجبات العامة، وحظر أي تمييز بينهم بسبب الدين أو العقيدة، وأن الحكم بغير ذلك يناقض مبدأ حرية العقيدة الذي أناط به الدستور. كما أضافت المحكمة أن قانون الأحوال المدنية يوجب على جهة الإدارة إثبات أي تغيير يطرأ على حالة الشخص المدنية ببطاقة تحقيق الشخصية، طالما ثبت هذا التغيير بوثيقة صادرة من جهة الاختصاص، حتى تكون هذه البطاقة معبرة بصدق عن الحالة المدنية الحقيقية للشخص.

وكانت المحكمة الإدارية العليا برئاسة المستشار السيد نوفل قد قضت للمرة الأولى في 9 فبراير 2008 لصالح اثني عشر مواطناً مسيحياً يرغبون في استخراج بطاقات تحقيق الشخصية التي تثبت عودتهم للمسيحية بعد أن كانوا قد تحولوا إلى الإسلام (انظر الفقرة رقم 2 من تقرير حرية الدين والمعتقد في الربع الأول من عام 2008). غير أن وزارة الداخلية لم تقم بتنفيذ أي من هذه الأحكام حتى وقت صدور هذا التقرير في يناير 2009. وتنظر المحكمة الدستورية العليا حالياً دعوى (رقم 92 لسنة 30 ق دستورية) أحيلت إليها من محكمة القضاء الإداري بالقاهرة للفصل في مدى دستورية المادة 47 من قانون الأحوال المدنية والتي تسمح بتغيير الديانة في الأوراق الرسمية دون قيود (انظر الفقرة رقم 3 من تقرير حرية الدين والمعتقد في الربع الأول من عام 2008 والفقرة 3 من تقرير حرية الدين والمعتقد في الربع الثالث من نفس العام).


7. ذكرت صحيفة الأهرام اليومية في 29 ديسمبر 2008 أن محكمة استئناف القاهرة للأحوال الشخصية قد أصدرت "لأول مرة" حكماً "بحق الزوجة المسيحية في ضم حضانة طفلها المسلم إليها مادام الزوج المسلم كان يعلم أنها مسيحية الديانة عند زواجه منها." ووفقاً لتقرير الصحيفة فقد قضت المحكمة "بضم حضانة طفل مصري الجنسية إلى أمه الفرنسية، وقالت المحكمة إن قانون الطفل .. نص على أن تكون لحماية الطفل ومصالحه الفضلى الأولوية في جميع القرارات المتعلقة بالطفولة." ولم يكن نص الحكم متاحاً حتى وقت صدور هذا التقرير.