نبض لبنان

كيف يواجه اللبنانيون الهجمات العنصرية؟

p
بقلم
بإختصار
تكافح حركة مناهضة العنصرية من أجل ضحايا العنصرية في لبنان عبر تقديم الدعم والمساعدة لهم وكشف التصرفات العنصرية في البلاد.

بيروت — قالت روزميري التي وصلت من كينيا إلى بيروت منذ أربعة أعوام: "نعتوني بالعاهرة واعتبروني حيواناً". تُعتبر قصّتها التي نُشرت على موقع حركة مناهضة العنصرية الإلكتروني من بين حوادث التنابز بالألقاب والاعتداء الجسدي واللفظي على كلّ امرأة ذات بشرة سوداء تعيش في لبنان.

لم تفصح روزميري عن شهرتها وأخبرت المونيتور أنّ زوجها النيجيري وطفلها رحلا من الشقة في أوائل أيلول/سبتمبر بعد سلسلة اعتداءات من الجيران. أضافت أنها جاءت إلى لبنان لتكون عاملة منزل والتقت بزوجها هنا وأنجبا طفلة. عندما كانت روزميري حاملاً في شهر آب/أغسطس 2015، انتقلا إلى شقة صغيرة في حيّ النبعة المهمّش.

بسبب حملها، كانت روزميري تشعر بالتعب والمرض، فبدأت تطهو على الشرفة لافتقادها الطاقة لصعود ونزول سلالم الشقة لتصل إلى المطبخ الصغير والضيّق والسيء التجهيز في الطابق السفلي. اعترض الجيران وهم من أقارب صاحب المبنى ويتألّفون من امرأة لبنانية أرمنية وابنها وكنّتها على رائحة الطعام ورموا الماء المتّسخ في وجهها.

تابعت للمونيتور: "أخذت أطهو في غرفتي ولكن لم يكُن ذلك كافياً لهم. تسبّبوا لي بمشاكل من جديد. بعد أن أنجبت طفلتي، نظّفت ورتّبت المطبخ لأنّ صاحب المبنى لم يساعدني. مع ذلك استمرّت جارتنا بالتذمّر. فسألتها عمّا تريده مني. أجابت إنها لا تحبّ ذوي البشرة السوداء وتعتبرهم حيوانات. ساءت الأمور مع الوقت وفي كلّ مرة كانت المرأة وابنها يمرّان بقرب نافذة المطبخ، كانا ينعتانني بالساقطة".

مهما فعلت روزميري، كانت الجارة تجد شيئاً تنتقده. تارة، تتذمّر من صوت الغسّالة المزعج وطوراً من رائحة الأكل وإلى ما هنالك. باتت حياة روزميري وعائلتها مليئة بالإحراج والغضب والخوف من تحوّل الاعتداء الشفهي إلى اعتداء جسدي لاحقاً.

بحسب القصة المنشورة على موقع حركة مناهضة العنصرية، "تحوّلت مخاوفهم إلى واقع في 29 آب/أغسطس. اقتحم الجيران منزل الثنائي وتعدّوا عليهما وضربوهما وشدّوا شعر الزوج فاقتلعوا من جدائله وأهانوا الطفلة ونعتوها بالـ"الكلب الأسود والصغير" بينما نعتوا الأمّ بالـ"الساقطة". وهدّدوا بقتلهما إذا لم يتركا المنزل فوراً مع الطفلة". وقد التُقطت القصة بالصوت والصورة.

شعرت المرأة وزوجها بالإحباط واتّصلا بموظف في القنصلية الكينية وبقائد المجتمع النيجيري في البلاد. حين وصلا إلى الشقة، تعرّضا هما أيضاً إلى هجوم لفظي فاتصلا بالشرطة. رأت الشرطة الأدلّة عمّا حصل أي شعر الزوج والكدمات والتسجيلات بعد وصولها إلى الشقة ولكن كانت النتيجة بحسب الموقع كالتالي: "الأفضل للجميع أن تفعل العائلة الإفريقية ما يُطلب منها وتترك المنزل حالاً لـ"سلامتها الخاصة". لم تُتّخذ أيّ إجراءات بحقّ المعتدين.

بعد نشر الحادثة، تهافتت عروض المساعدة وتمكّنت العائلة من الانتقال إلى شقة جديدة. قالت روزميري للمونيتور إنها تشعر بالسلام والارتياح من دون أن تضطرّ إلى تحمّل الإهانات يومياً".

تعكس القصص التي تشبه قصة روزميري جوهر رسالة الحركة المناهضة للعنصرية المتجذرة في لبنان. أفادت روزميري إنها لم تواجه عنصرية كبيرة في لبنان باستثناء تلك التي عاملها بها جيرانها على الرغم من صدور تقارير كثيرة عن التمييز العنصري في البلاد خصوصاً ضدّ ذوي البشرة السوداء وعن تعنيف العمّال الأجانب في المنازل اللبنانية.

تضيف: "لديّ أصدقاء لبنانيون وسوريون أرمنيون وأفريقيون. بعض الأشخاص يتقرّبون مني ليعرفوا إذا كنت إثيوبية لأنّ عاملات المنازل بأغلبهنّ من إثيوبيا، فيتفاجؤون بأنني كينية ولديّ لون البشرة نفسه كالإثيوبيات".

قالت فرح صلقا، المدير التنفيذي للحركة، للمونيتور: "أعتقد أن روزماري لديها درجة عالية من التسامح عندما يتعلق الأمر بالعنصرية"، موضحةً أن "روزميري تعرضت لأعمال عنصرية ولكنها لم تعتبرها كذلك باستثناء العنف الذي تعرضت له على يَد جيرانها السابقين. إن الوضع الذي تمر به مألوف ويحصل كلّ أسبوع. وعلق الكثير من الناس على المنشور، خصوصاً النساء اللواتي كنّ في الوضع نفسه بسبب لون بشرتهنّ. بالأمس، أرسلت لي امرأة من الكاميرون تزوجت من لبناني رسالة لأنها منعت من دخول حديقة مع ابنتها. أرى الكثير من حالات العنصرية الصارخة والعنيفة. هذا أمر محزن جداً".

مع مشاركة روزميري، جمع نشطاء الحركة مبلغ 700 دولار لمساعدة العائلة على الانتقال. ساعدهم بعض الناس في العثور على مكان سكن، عرض عليهم البعض الآخر سياراتهم لمساعدتهم على نقل الأغراض. بعثت هذه النشاطات بصيص أمل في قلب صلقا.

قالت: "نتشكّر جميع مَن ساعدنا. نريد أن نواصل العمل مباشرة مع الأشخاص المتضررين من العنصرية وتوثيق تجاربهم، لأنه مع مرور الوقت، يدرك عدد متزايد من الناس خطورة الوضع. وإذا لم يقبل الناس ما يجري ويدافعوا عن المساواة، سيُضطر صناع السياسات إلى وضع قانون على جدول الأعمال سيشكّل ضغطاً من المستحيل تجاهله. نحن نسير في الاتجاه الصحيح حتى ولو ببطء".

تعتبر أسرة روزميري نفسها محظوظة بفضل المساعدة والدعم الذي تلقته. وأصرّت روزميري على التالي: "جميعنا بشر، والطريقة التي تعامل بها جارك سوف ترتدّ عليك، لذلك لا تتخلَّ عن إنسانيتك".

فلورانس ماسينا هي صحفيّة مقيمة في بيروت تكتب حول المسائل الاقتصاديّة، والثقافيّة والاجتماعيّة. درست العلوم السياسيّة والصّحافة في تولوز في جنوب فرنسا، وهي تسافر متنقّلة في المنطقة منذ العام 2010. تركّز ماسينا بشكل أساسي على التراث وقضايا المرأة، فضلاً عن تقديم أفكار إيجابية للبنان.

x