نبض فلسطين

محمود عباس قد يخسر في الانتخابات و"فتح" لا تزال بأمان، بحسب استطلاعات للرأي

p
بقلم
بإختصار
بحسب استطلاعات للرأي أجريت مؤخراً، إذا قرّر الرئيس محمود عبّاس الترشّح للانتخابات، فقد تكون فرصه في الفوز ضئيلة فيما قد تحقّق حركة "فتح" نتائج أفضل في الانتخابات التشريعيّة.

قال مستطلع الآراء الفلسطينيّ البارز ومدير المركز الفلسطينيّ للبحوث السياسيّة والمسحيّة في رام الله، خليل الشقاقي، لـ "المونيتور" إنّ استطلاعات الرأي الحاليّة تظهر أنّ حركة "فتح" قد تحقّق نتائج أفضل في الانتخابات النيابيّة، لكنّ الرئيس محمود عبّاس قد لا يفوز. وبحسب الشقاقي، إنّ زعيم "فتح" الوحيد الذي يمكن أن يفوز في انتخابات حالياً هو مروان البرغوثي الذي يقضي عقوبة طويلة في سجن إسرائيليّ.

وقال الشقاقي إنّ بيانات استطلاعات الرأي تبيّن أنّ مشاكل عباس تعود إلى العام 2014. وبحسب الاستطلاع الأخير الذي أجراه المركز الفلسطينيّ للبحوث السياسيّة والمسحيّة بين 14 و16 أيلول/سبتمبر، ومسح شمل 1270 شخصاً من سكّان الضفّة الغربيّة وقطاع غزة، "يريد 67% من الفلسطينيّين استقالة الرئيس عباس، ويشعر 31% فقط بالرضا عن أدائه". وإذا نُظّمت انتخابات رئاسيّة بين عباس ورئيس المكتب السياسيّ لحركة "حماس"، اسماعيل هنية، فقد يحصل زعيم "حماس" على 50% من الأصوات مقارنة بـ 42% لعباس. وتماماً مثل عباس، قد يخسر هنية أمام البرغوثي، الذي من المتوقّع أن يحصد 59% من الأصوات مقابل 36% لهنية. وفي الانتخابات النيابيّة، قد تحصد حركة "قتح" 36% من الأصوات فيما قد تحلّ "حماس" في المرتبة الثانية مع 29% وتحصد الأطراف الثالثة مجتمعة 10%.

ويعتقد الشقاقي أنّه في حال نجحت المحاولة الحاليّة من أجل المصالحة بين "فتح" و"حماس"، قد تزداد فرص عباس في الفوز لكن بنسبة صغيرة. وقال: "بدلاً من رغبة ثلثي الفلسطينيّين المستطلعين في استقالته، قد تكون النسبة أقرب إلى 60% أو 55%. فما زال أكثريّة الفلسطينيّين يشعرون بخيبة كبيرة إزاء أداء الرئيس عباس".

ويعتبر الشقاقي أنّ خيبة الفلسطينيّين ليست ناجمة عن الإجراءات العقابيّة التي اتّخذها عباس ضدّ غزة فحسب، بل "هناك ثلاثة أسباب لهذه الخيبة. فبالإضافة إلى غضب الفلسطينيّين بسبب تراجع الدعم لسكّان غزة، هناك شعور بالخيبة لأنّ حكمه بات أكثر استبداداً ولأنّ عباس ضعيف في الوقوف في وجه الإسرائيليّين".

لقد قال عباس مراراً إنّه لا يعتزم الترشّح للرئاسة، لكنّ الشقاقي يعتبر أنّ البرغوثي هو الوحيد القادر على تحقيق نتائج أفضل في المنافسة المباشرة ضدّ هنية وأنّ "جميع قادة "فتح" الآخرين – بمن فيهم كلّ عضو في اللجنة المركزيّة لحركة "فتح" – يُعتبرون مرتبطين جداً بعباس وغير مستقلّين عنه، وبالتالي لا يحقّقون نتائج أفضل من عباس في استطلاعات الرأي".

ويعتبر الشقاقي أنّه في حال قرّر عباس عدم الترشّح للانتخابات، فعليه "التحرّك بسرعة من أجل توفير فرصة لبروز قيادة جديدة تُعتبر مستقلّة [عنه] وتكون قادرة على اعتماد مسار جديد واستراتيجيّة جديدة للاستقلال الفلسطينيّ".

وفيما تُعتبر أرقام عبّاس غير مشجّعة، تبيّن استطلاعات الرأي المتتالية أنّ الدعم الذي تحظى به "فتح" مستقرّ نسبياً. لكنّ الحركة التي يقودها عباس قد تحقّق نتائج أفضل في الانتخابات النيابيّة. وقال الشقاقي إنّ "أرقامهم ثابتة في الضفّة الغربيّة، لكن يتعيّن على "فتح" فعل شيء بشأن [محمد] دحلان في غزة".

فمن المرجّح أن يتسبّب دحلان، الذي طُرد من "فتح"، بانقسام الأصوات في غزة، ما قد يطرح مشكلة بالنسبة إلى الحركة هناك، بحسب الشقاقي الذي قال: "سيكون من الضروريّ بذل جهود كبيرة لتحسين موقف "فتح" في غزة. وقد تساعد المصالحة "فتح"، لكنّ سنوات حكم "فتح" تركت آثارها، وحركة "فتح" ضعيفة وغير موحّدة".

فبعد 10 سنوات من السيطرة التامّة على غزة، وافقت "حماس" على مجموعة كبيرة من التدابير التي تسمح للسلطة الفلسطينيّة في رام الله بالعودة إلى غزة وتوحيد الفلسطينيّين المنقسمين. وتشكّل الانتخابات الجديدة جزءاً من الاتّفاق. ويشعر الجيل الشابّ الذي يشكّل الأكثريّة في كلّ من غزة والضفّة الغربيّة باللامبالاة تجاه القادة الحاليّين، لكنّ الشقاقي يقول إنّه ما من بديل منظّم عن الفصائل الموجودة منذ زمن طويل.

وقال: "ما من مؤشّر حالياً على وجود أيّ شخص خارج "فتح" أو "حماس" قادر على تقديم مرشّح لديه فرصة فعليّة في الفوز في الانتخابات الرئاسيّة، أو لديه لائحة يمكنها الفوز بعدد كافٍ من الأصوات والتأثير على التوازن في المجلس التشريعيّ الفلسطينيّ".

إنّ موقف الناخبين الفلسطينيّين بحسب ما يقيّمه الشقاقي مشابه لنتائج استطلاعات أخرى للرأي أجريت حديثاً. فقد عكس استطلاع نشره مركز القدس للإعلام والاتّصال في 6 أيلول/سبتمبر هذا المستوى المرتفع من اللامبالاة وأظهر نتائج سلبيّة مشابهة لعباس لكن نتائج أفضل نسبياً لـ "فتح" على المستوى النيابيّ. وبيّن استطلاع آخر أجراه المركز نفسه بين 13 و21 آب/أغسطس "زيادة غير مسبوقة في نسبة الأشخاص الذين لا يثقون بأيّ جهة سياسيّة، ووصلت هذه النسبة إلى 42,8%".

وأظهر الاستطلاع أنّه إذا تمّ تنظيم انتخابات عامّة ولم يترشّح عباس، فسيحظى البرغوثي بالنسبة الأعلى من الدعم. وبحسب بيان صحافيّ نشره مركز القدس للإعلام والاتّصال، "قال 26,1% إنّهم سيصّوتون للبرغوثي – 25,8% في الضفة الغربيّة و26,7% في غزة – فيما قال 12,1% إنّها سيصوّتون لاسماعيل هنية – 9,3% في الضفة الغربيّة و16,7% في غزة. وقال 7,7% إنّهم سيصوّتون لمحمد دحلان – 1.5% في الضفة الغربيّة و18% في غزة".

وتختلف نتائج استطلاع مركز القدس للإعلام والاتّصال قليلاً عن نتائج استطلاع المركز الفلسطينيّ للبحوث السياسيّة والمسحيّة في ما يتعلّق بالمنافسة المباشرة بين قادة "فتح" و"حماس". فبحسب استطلاع مركز القدس للإعلام والاتّصال، "في حال ترشّح محمود عباس واسماعيل هنية، قال 34,8% إنّهم سيصّوتون لعباس فيما سيصوّت 27% لهنية".

ومع أنّ نتائج استطلاعات الرأي لا تبدو إيجابيّة بالنسبة إلى قيادة "فتح" الحاليّة، إلا أنّه من المستبعد أن تقوم القيادة بتأجيل الانتخابات لأجل غير مسمّى، خصوصاً أنّها تطالب منذ سنوات بتنظيم انتخابات. وإنّ السيناريو الأكثر احتمالاً هو أن تختبر القيادة الفلسطينيّة في رام الله الوضع من خلال تنظيم انتخابات بلديّة محليّة في غزة. (تمّ تنظيم انتخابات بلديّة في أيار/مايو في الضفة الغربيّة، لكن ليس في غزة). وهناك عامل آخر يتعلّق بما إذا كانت "حماس" تعتزم ترشيح أحد قادتها البارزين للرئاسة. وبما أنّ الفوز بالسلطة التنفيذيّة يشكّل عبئاً كبيراً بالنسبة إلى "حماس"، فمن المستبعد أن تفكّر الحركة الضعيفة، التي تحظى بدعم إقليميّ محدود، في تسمية مرشّح للرئاسة وأن تتحمّل بالتالي المسؤوليّة والتحدّي اللذين يرافقان الحكم.

وجد في : Governance

داود كُتّاب كاتب مساهم في صفحة "نبض فلسطين" في موقع المونيتور. إنه صحافي فلسطيني وناشط إعلامي، و"بروفيسور فيريس" سابق في الصحافة في جامعة برينستون، وهو حاليًا المدير العام لشبكة الإعلام المجتمعي، وهي منظمة غير ربحية تسعى لدعم الإعلام المستقل في المنطقة العربية. كُتّاب ناشط في الدفاع عن حرية الإعلام في الشرق الأوسط، وهو كاتب أعمدة في صحف "جوردان تايمز" و"جيروزالم بوست" و"ديلي ستار" اللبنانية، وشارك في إنتاج عدد من الأفلام الوثائقية الحائزة على جوائز وبرامج الأطفال التلفزيونية. نال عدة جوائز دولية، بما فيها جائزة حرية الصحافة من لجنة حماية الصحافيين في نيويورك، وجائزة لايبزغ للشجاعة في الحرية، وجائزة السلام عبر الإعلام من مؤسسة نيكست البريطانية.

x