• العبارة بالضبط

مواجهة التطبيع مع الكيان.. مقاومة

تحتاج القضية الفلسطينية إلى كل جهد عربي وإسلامي ودولي وعالمي، واستثمار وسائل وأساليب المقاومة كافة؛ من أجل تحرير أرض فلسطين وكنس الاحتلال الصهيوني عنها.

وتحيا القضية الفلسطينية هذه الأيام مؤامرات كبيرة بهدف محاصرة هذه القضية ضمن إطار محدد لا تتجاوزه، ووقف تصدُّرها الملفات العربية والدولية كقضية مركزية مقدسة في وطننا العربي؛ حيث تواجه القضية انحساراً في تصدرها المؤتمرات والمواقف والقرارات، وسط استمرار الكيان الصهيوني في ارتكاب جرائم القتل والتشريد والاعتقال بحق أبناء شعبنا الفلسطيني، والتغول على الأرض الفلسطينية من خلال الاستيطان والتهويد وسرقة التراث والتاريخ والمزيد من أرضنا الفلسطينية المباركة.

اقرأ أيضاً:

بوادر أزمة.. واشنطن تساوم السلطة الفلسطينية على مكتب منظمة التحرير

ويرى كاتب المقال أن ما يحدث في المنطقة والإقليم العربي المحيط في فلسطين، من تطورات سياسية وميدانية يومية، يعمل الكيان على تجنيدها لخدمة الأجندة الخاصة به؛ لذا يسعى الكيان منذ ثورات الربيع العربي لاستيعاب كل ما يجري في المنطقة العربية وتسخيره لصالحه، وقد حدثت في الآونة الأخيرة الكثير من التطورات والقضايا، يتابعها الكيان الصهيوني لحظة بلحظة ويعمل على الاستفادة منها. وهذه الأيام تتطلع "إسرائيل" لتوطيد العلاقات وتقويتها مع دولة الخليج، مستخدمةً قضية مواجهة الخطر "الإيراني"، وضرورة التعاون لوقف تمدد وتوسع النفوذ الإيراني في المنطقة، خاصة بعد تجهيز إيران قاعدة عسكرية كبيرة في سوريا تقترب على مسافة مئات الأمتار من الجولان السوري المحتل؛ ومنذ زمن بعيد يسعى الكيان لتقوية العلاقات مع دول الخليج بما يخدم مصالحه، حيث تجري "إسرائيل" زيارات وعلاقات تجارية مع عدد من دولة الخليج، وتعمل على تطوير هذه العلاقات تحت مسميات مختلفة.

وضمن سياسات الكيان التطبيعية مع دول الخليج، تحدثت وسائل الإعلام الصهيونية قبل أيام عن زيارة لمسؤولين خليجيين للكيان، تم فيها مناقشة عدد من القضايا، واللقاء مع رئيس الوزراء الصهيوني "نتنياهو"، كما زار صحفيون من الخليج الكيان الصهيوني؛ وحديثاً أجرت صحيفة "إيلاف" السعودية مقابلة صحفية، هي الأولى مع صحيفة عربية، قال فيها رئيس الأركان في الجيش الصهيوني، غادي إيزنكوت: "إن للسعودية وإسرائيل مصالح مشتركة ضد التعامل مع إيران".

وفي المقابل، هناك بالخليج مقاومة على أشدها لمواجهة التطبيع مع الكيان في دول الخليج، وهناك تحركات وفعاليات تشرف حركة مقاطعة (إسرائيل) في الخليج؛ لوقف استقبال الوفود الصهيونية ووقف المشاركة في نشاطات رياضية وفكرية وثقافية، حيث احتضنت دولة الكويت الشقيقة، قبل أيام، مؤتمراً حمل عنوان "مقاومة التطبيع في الخليج العربي"، أشرفت على تنظيمه "حركة مقاطعة إسرائيل في الخليج". شهد المؤتمر حضوراً لافتاً عربياً وخليجياً، وهدف المؤتمر -حسب المنظمين- تمثل في "الرد على التحركات الواضحة من بعض دول مجلس التعاون الخليجي، سواء بشكل مباشر أو غير مباشر، للتطبيع مع الكيان الصهيوني والوصول لصفقة مشبوهة معه، ونشر التوعية بين الشباب فيما يخص القضية الفلسطينية، ومعرفة ما هو تطبيع وما هو ليس تطبيعاً، خصوصاً مع الدعوات التي تصْدر من البعض للتطبيع في عالم الموسيقى والأدب والرياضة".

إن هذا المؤتمر يمثل رسالة هامة وخطوة كبيرة في مواجهة التطبيع مع الكيان والعمل على فضح جرائم الكيان وعزله، ويمثل مصدر إزعاج للكيان ويؤثر سلبياً على مخططاته للتطبيع مع دول الخليج، ويجب الاستمرارية في تنظيم مثل هذه الفعاليات الناجحة والمؤثرة في دول الخليج كافة، وضرورة أن يصاحب المؤتمر فعاليات عن ما يحدث في القدس والمسجد الأقصى من جرائم استيطان وتهويد من أجل تعرية العدو الصهيوني وفضح جرائمه بحق الإنسان والأرض الفلسطينية المباركة.

إن مواجهة التطبيع مع الكيان الصهيوني بحد ذاته وسيلة من وسائل مقاومة العدو الصهيوني والوقوف في وجه مخططاته الاستيطانية والتهويدية لفلسطين والوطن العربي بأكمله، واستمرار ملاحقة المسؤولين الصهيونيين ورفض استقبالهم والتعاون معهم في كل دول العالم.

إن مقاومة التطبيع تحتاج منا جهداً كبيراً ووقتاً كثيراً من أجل الانتصار على العدو، وسلاح مقاطعة (إسرائيل) سلاح قوي ومؤثر في مواجهة التطبيع الاقتصادي والثقافي والفكري، وقد بذلت حركة مقاطعة (إسرائيل) جهوداً ونشاطات كثيرة في بلاد العالم كافة، واستطاعت التأثير من خلال المؤتمرات القوية التي عقدتها في أوروبا، واستطاعت الإضرار بالكيان من خلال تفعيل المقاطعة الاقتصادية والمقاطعة الفكرية والثقافية في أوروبا، حيث تم وقف استيراد منتجات المستوطنات ووقف التبادل الأكاديمي مع الجامعات الإسرائيلية؛ ولقد شاهدنا الكثير من الرياضيين الأجانب والعرب يرفضون اللعب مع الرياضيين الصهاينة، كما شاهدنا تأثير سلاح المقاطعة في الكثير من المحافل الفكرية والثقافية التي شكلت صدمة في الكيان الصهيوني عندما واجهت الوفود الصهيونية الطرد والغضب ووصْفهم بقتلة الأطفال؛ هذه الجهود وغيرها هي مقاومة شعبية وفكرية تأتي ضمن جهود المقاومة من أجل تحرير أرض فلسطين.

إن سلاح المقاطعة يعد من الأسلحة ذات التأثير الكبير والفعال على الكيان في الخارج، وهو يشكل مصدر إزعاج دائم للكيان ويفضح سياسات الإجرام والقتل والتنكيل الإسرائيلية بحق أبناء شعبنا الفلسطيني، وهذا السلاح جزء هام من معركة تحرير أرضنا، وكنس الكيان الصهيوني عن أرضنا، وبناء دولتنا المستقلة على التراب الفلسطيني بالكامل، وعاصمتها القدس..