تعارض المبادرة المصرية للحقوق الشخصية عقوبة الإعدام من حيث المبدأ وفي جميع الأحوال بدون أي استثناءات، لِما تمثله العقوبة من انتهاك جسيم لحقوق الإنسان، ولأنها لا تحقق الردع المرجو منها، وتدين المبادرة تمسك الحكومة  المصرية بتنفيذ العقوبة وتدعوها إلى التوقيع والتصديق على البروتوكول الاختياري الثاني للعهد الدولي الخاص بالحقوق المدنية والسياسية والهادف إلى إلغاء عقوبة الإعدام.

تعارض المبادرة المصرية للحقوق الشخصية وآلاف المنظمات والجماعات حول العالم عقوبة الإعدام من حيث المبدأ وفي جميع الأحوال بدون أي استثناءات، لِما تمثله من انتهاك جسيم لحقوق الإنسان وعلى رأسها أول وأقدس حقوق البشر وهو الحق في الحياة، لأنها عقوبة فريدة من حيث كونها نهائية، لا رجعة فيها، فلو ظهرت براءة المتهم لاحقًا فإنه يستحيل إعادته إلى الحياة. وقد حدث بالفعل في مصر أن تم تنفيذ أحكام إعدام بمقتضى قوانين، حُكِم لاحقًا بعدم دستوريتها. فإن كانت شروط العدالة الكاملة والمطلقة صعبة أو مستحيلة التحقيق في أفضل ظروف الاستقرار، حيث تعمل مؤسسات الدولة وأجهزة العدالة بكفاءة وشفافية، فما بالك بأوقاتٍ كالتي نحن فيها حيث يغيب الحد الأدنى من أيٍّ من هذه الشروط.

 

بالطبع يستحقونها، ويحق لمن فقدوا أحباءهم في جرائم العنف أن يروا الشخص المسؤول يخضع للمساءلة في محاكمة عادلة، و معارضتنا لعقوبة الإعدام لا تعني أبدًا محاولة التقليل من جسامة الجريمة أو التغاضي عنها، إنما نشير إلى أنه لا يوجد دليل أن الإعدام يجلب الارتياح لعائلات الضحايا، بل قد يكون الأهم لديهم هو معرفة الحقيقة كاملة ومحاسبة جميع من تسبب في إيذاء ذويهم. وكثيرًا ما تلجأ السلطات إلى إصدار أحكام الإعدام كنوع من الرشوة أو الترضية عوضًا عن البحث الجاد عن المتسبب في الجريمة أو لأسباب تتعلق بحماية بعض الأطراف من ذوي الحيثية.

إن إعدام شخص ما لأنه قتل شخصًا آخر يعد انتقامًا وليس عدلًا، ولا يجب أن يتبنى المجتمع والسلطات التي تنوب عنه نفس الوسائل التي يتبعها المجرمون. كما أن فكرة إنزال عقوبة من نفس نوع الجريمة هي فكرة غريبة فالمغتصب مثلًا لا يعاقب بأن يتم اغتصابه ولا اللص بأن تتم سرقته، وعمومًا لا يجب أن تتبع أجهزة إقرار العدالة وسائل عقابية انتقامية لن تؤدي في أغلب الأحوال إلا إلى شيوع العنف واتساع نطاقه ولا تعود بأي فائدة على المجتمع.

لم تتوصل الدراسات العلمية إلى أي دليل على أن عقوبة الإعدام تشكل رادعًا للجريمة. على العكس فقد شهدت كثير من الدول انخفاضًا ملحوظًا في معدل القتل والجرائم العنيفة بعد إلغائها العمل بالعقوبة كما هو الحال في كندا على سبيل المثال، إن مرتكب جريمة قتل غالبًا ما يكون في حالة من عدم الاتزان النفسي لا تسمح له بالتفكير في عواقب فعلته. أما من يخطط للجريمة مسبقًا فهو يتصرف باعتقاد أن فعلته لن تنكشف لذا فهو يقدم عليها بغض النظر عن طبيعة العقوبة. لا يتحقق الردع إذًا من خلال عقوبة الإعدام بذاتها إنما بالعمل على رفع كفاءة طرق التحري والتحقيق بحيث يسود الشعور بأن يد العدالة قادرة دائمًا على الكشف عن مرتكب الجريمة ومعاقبته.

لا تشكل عقوبة الإعدام رادعًا فعالًا للإرهاب، ولا يبدو معقولًا أن من هو على استعداد لتفجير نفسه مثلًا سيحسب حسابًا لاحتمال إعدامه، بل إن إعدام المتهمين بالإرهاب غالبًا ما يأتي بنتائج عكسية، إذ يرفعهم مناصروهم إلى مَصَافِّ الشهداء فيصيرون رموزًا خالدة تعزز قوة الجماعات الإرهابية وتزيد من دوافع الثأر والانتقام وما يتبع ذلك من اتساع نطاق العنف.

الإعدام عقوبة نهائية لا رجعة فيها وهي بذلك تقطع الطريق على أية إمكانية لاستدراك أي خطأ في حال مثلًا ظهور أدلة جديدة تبرئ المتهم، كما أنها تحرم المتهم (في حال كونه مذنبًا بالفعل) من فرصة التوبة وتغيير مسار حياته وإعادة إدماجه في المجتمع. أما القول بأن الإعدام قد يكون أداة جيدة للحد من كثافة السجون وتقليل التكلفة المرتبطة بذلك فهي حجة لا إنسانية وتنطوي على قدر كبير من الاستهتار بقيمة الحياة.

    لا. فجافة أشكال وطرق الإعدام هي غير إنسانية بالضرورة، والقول بأن هناك طريقة "إنسانية" لقتل الأشخاص هي محاولة لجعل عمليات الإعدام تبدو أكثر قبولًا للشعوب التي يتم تنفيذ الإعدام باسمها، وجعل الحكومات التي تنفذ هذه العقوبة تبدو أقل إجرامًا من القتلة أنفسهم. كما تجدر الإشارة إلى أن القسوة الاستثنائية لهذه العقوبة لا تقتصر فقط على لحظة تنفيذ القتل وطريقته بل تمتد إلى فترة الانتظار التي يعيشها المحكوم عليهم في حالة رعب دائم لكونهم معرضين للقتل في أي لحظة.

يبدو للكثيرين أن عقوبة الإعدام تحظى في مصر بالفعل بدعم كبير لدى الرأي العام ويرى الكثيرون فيها حلًّا حاسمًا وجذريًّا لأشكال الانحراف السياسي والجنائي والوسيلة السحرية لاقتلاع الشرور من منابعها لتذهب إلى غير رجعة، والحقيقة أن هذه القضية لم تطرح للنقاش العام بما يكفي ولم يأخذ مجتمعنا فرصته في التعرف على جوانبها الإشكالية حيث توجد العديد من العوامل الحاسمة التي تكمن وراء كيفية تطبيق عقوبة الإعدام والتي تظل في كثير من الأحيان غير مفهومة ومعروفة من قبل الجمهور. وتشمل هذه المخاطر خطر إعدام شخص بريء، وعدم ضمان إجراءات محاكمة عادلة، والطابع التمييزي لهذه العقوبة.

نعم هناك اتجاه عالمي متزايد نحو إلغاء عقوبة الإعدام, حيث يبلغ عدد الدول التي ألغت عقوبة الإعدام في جميع الجرائم 104 دولة تمثل أكثر من 70% من دول العالم، من بينهم دولة جيبوتي (وهي عضو في جامعة الدول العربية)، وتعد الدولة العربية الإسلامية الوحيدة التي ألغت العقوبة، كما قامت سبع دول بإلغاء العقوبة بالنسبة إلى الجرائم الجنائية العادية، تاركة إمكانية الحكم بالإعدام للظروف الاستثنائية فقط.

 أما عن التنفيذ، فألغت عشر دول أخرى عقوبة الإعدام من خلال الممارسة، أي إنها أوقفت التنفيذ لأكثر من عشر سنوات، من بينهم خمس دول عربية: الجزائر والمغرب وموريتانيا واتحاد جزر القمر وتونس. ويعني هذا أن هناك أقلية متمثلة في 57 دولة حول العالم فقط ما زالت تطبق عقوبة الإعدام.