عام على احتجاز المدون القرآني رضا عبد الرحمن.. متى يعكس أداء الدولة تصريحات رئيس الجمهورية عن حرية الاعتقاد الديني؟

بيان صحفي

30 أغسطس 2021

تطالب المبادرة المصرية للحقوق الشخصية بإسقاط كافة التهم عن المدون والمدرس الأزهري رضا عبد الرحمن بعد مرور عام كامل على حبسه الاحتياطي، وتدعو إلى تدخل عاجل لوقف ملاحقة المنتمين إلى أفكار دينية مخالفة للسائد عبر المحاكمات بتهم ازدراء الأديان أو إساءة استخدام وسائل التواصل الاجتماعي أو اتهامهم في قضايا الانضمام إلى جماعة إرهابية بدون أية أدلة أو قرائن.

وتؤكد المبادرة أن التصريحات المتكررة لرئيس الجمهورية التي يستقبلها المواطنون باعتبارها تأكيدًا للحق في حرية الاعتقاد، وكان آخرها الأسبوع الماضي في مداخلة هاتفية لإحدى الفضائيات، لا تنعكس على أداء السلطة التنفيذية والأجهزة الأمنية التي تلاحق الاختلاف الديني باعتباره تهديدًا أمنيًا، وتدعو المبادرة إلى احترام ضمان الدستور لحرية الاعتقاد عبر سياسات واضحة وتبنّي تعديلات تشريعية لوقف الانتهاكات المتكررة لحرية الدين والمعتقد ولحرية التعبير.
 

وكانت محكمة جنايات الزقازيق المنعقدة في غرفة المشورة، قد قررت أمس تجديد حبس المدون القرآني رضا عبدالرحمن 45 يومًا على ذمة التحقيق في القضية رقم 3418 لسنة 2020. وبذلك تجاوزت مدة احتجاز رضا عبد الرحمن 12 شهرا منذ اعتقاله في 22 أغسطس لعام 2020 مع مجموعة من أفراد عائلة المفكر القرآني المعروف والمدرس السابق بجامعة الأزهر أحمد صبحى منصور. علمًا بأنه قد تم الإفراج عن باقي المعتقلين بعد أيام، في حين استمر حبس رضا عبد الرحمن حتى الآن، وأنه قد أحيل للنيابة بتهمة الانتماء لتنظيم داعش.

وكان رضا عبد الرحمن قد سبق اعتقاله أكثر من مرة، كان آخرها عام 2016. وقد تم التحقيق معه بسبب أفكاره التي يعلنها على مدونته تعبيرا عن مدرسة "الفكر القرآني" والتي تعارض بوضوح فكر الجماعات الإسلامية السياسية، ولكن يعتبرها الأزهر خروجًا عن ثوابت الإسلام.
وأنهت جامعة الأزهر في الثمانينات عمل أحمد صبحي منصور كمدرس بسبب أفكاره النقدية المختلفة عن التيار السائد في الأزهر. ويتضمن ذلك دعوته إلى "الفكر القرآني" الذي يحث المسلمين على الاعتداد فقط بنصوص القرآن ويرفض الاعتماد على المرويات في كتب الحديث كمصدر للتشريع. وقد اعتُقل منصور لفترات قبل أن يرحل إلى الولايات المتحدة الأمريكية في أوائل الألفية ويتقدم بطلب اللجوء السياسي حيث يعيش هناك حاليًا.
 

وقد أفادت مصادر مقربة من أسرة رضا عبد الرحمن بأنه يشكو من ظروف احتجاز قاسية بنقطة شرطة كفر صقر بمحافظة الشرقية، وأن حالته الصحية تدهورت وانخفض وزنه بشكل ملحوظ، وأنه نقل إليهم مخاوفه من ظهور أعراض فيروس كورونا على بعض المحتجزين معه. وشكت الأسرة من الصعوبات الكبيرة التي تواجهها في الزيارات حيث لا تتمكن من إدخال أغلب المتعلقات التي يحتاجها عبد الرحمن.
كما أضافت المصادر أن أسرته تخشى من فصل رضا من عمله كمدرس للتربية الرياضية بأحد المعاهد الأزهرية بعد صدور قانون بفصل الموظفين بغير الطريق التأديبي في حال تورطهم في قضايا تتعلق بالإرهاب. وذلك علمًا بأن أسرة المتهم لا تتقاضى أكثر من ربع راتبه فحسب، بسبب ظروف حبسه وانقطاعه الإجباري عن العمل، إضافة إلى اضطرار زوجته لتسليم المعهد إفادة بتجديد حبسه بعد كل قرار للنيابة.

وكان رضا عبد الرحمن قد عبّر عن صدمته من توجيه تهمة الانتماء لتنظيم "داعش" إليه، مشيرًا إلى أن مدونته ونشاطه السابق يشهدان أنه يتبنى اتجاهًا معاكسًا ومهاجمًا للتيارات الإسلامية السياسية، وأن مرات اعتقاله السابقة كانت بسبب انتمائه إلى الفكر القرآني أو ما يعرف بمذهب "القرآنيين"، وذلك في رسالة أرسلها من محبسه إلى أفراد من عائلته.

وقال رضا عبد الرحمن في رسالة كان كتبها بعد مرور ستة أشهر على احتجازه: "كتبت العديد من المقالات والأبحاث أثبتّ من خلالها تناقض فكر الجماعات الدينية في العالم مع تشريعات القرآن (...) كل هذا عبّرت عنه في مقالات على مدونتي الخاصة (العدل الحرية السلام) قبل أن يُطلب مني التوقف عن الكتابة. وكان آخر مقال كتبته في شهر يوليو 2015 بعد أن خرجت من اعتقال استمر يومًا واحدًا في نفس الشهر بنفس التهم، الانتماء للفكر القرآني ونشر الفكر القرآني.(...) إذن أنا معروف واتجاهي الفكري معلوم ومعروف وواضح وعبّرت عنه بكل وضوح على مدونتي حتى أمروني بالتوقف عن الكتابة في 7 / 2015، نفذت الأمر وتوقفت عن الكتابة منذ ذلك الحين على الرغم أن كتاباتي كانت تفضح الإرهاب وتكشف حقيقته وبُعده التام عن القرآن والإسلام (...) كتبت في هذا لكي أساعد الدولة في مواجهة الإرهاب سلميًا بالقلم والكلمة. وذلك حسب تعليمات السيد الرئيس عبدالفتاح السيسي، حين طالب بتجديد الخطاب الديني".

وتدعو المبادرة المصرية إلى وقف كل أشكال ملاحقة المنتمين إلى أفكار دينية مختلفة عن الأفكار السائدة في المجتمع أو التي تتبناها الدولة. وهو الأمر الذي يتناقض مع ضمان حرية العقيدة وحرية التعبير كحقوق يكفلها الدستور.
وتطالب المبادرة بالتدخل العاجل لوقف محاكمات "ازدراء الأديان" وفق المادة 98 (و) من قانون العقوبات التي تتم وفقها ملاحقة أصحاب طيف واسع من الأفكار والمعتقدات بدءًا من المذاهب الإسلامية المختلفة عن المذهب السني، مثل كل من المذهب الشيعي أو القرآني أو الأحمدي أو أصحاب الآراء النقدية للتراث الديني، وصولًا إلى ملاحقة أصحاب الأفكار الإلحادية أو اللادينية. ومصداق ذلك ما حدث حين قضت محكمة جنح مشتول السوق بالشرقية في شهر يونيو 2020 بالحبس لمدة عام على شابين بتهمة ترويج الأفكار الشيعية وفقًا لأحكام المادة نفسها.

 كما تنبه المبادرة المصرية إلى خطورة استخدام المادة 27 من قانون مكافحة جرائم تقنية المعلومات الصادر في 2018 لاستهداف الطيف نفسه من الأفكار والاتجاهات غير التقليدية، بدعوى "إساءة استخدام وسائل التواصل الاجتماعي". فعل سبيل المثال، وفي شهر يونيو 2020 أيضًا، ووفق هذه المادة أيدت المحكمة الاقتصادية جنح مستأنف بالإسكندرية الحكم بالحبس 3 سنوات وغرامة 300 ألف جنيه على مدون بتهمة الاشتراك في إدارة صفحة "الملحدين المصريين" على فيسبوك.