تقارير و تحليلات

«فوتسي راسل» لـ "الاقتصادية": 6 أشهر لظهور أثر ترقية السوق السعودية لمؤشر سندات الأسواق الناشئة

«فوتسي راسل» لـ "الاقتصادية": 6 أشهر لظهور أثر ترقية السوق السعودية لمؤشر سندات الأسواق الناشئة

أصبحت سندات وصكوك الحكومة السعودية، المدرجة في سوق الدين المحلية، أول أدوات الدخل الثابت في منطقة الشرق الأوسط وشمال إفريقيا التي تنضم لمؤشر فوتسي للسندات الحكومية للأسواق الناشئة بالعملة المحلية EMGBI، الأمر الذي يمهد الطريق لتدفق مليارات الدولارات إلى أسواق الدخل الثابت في السعودية.
وأسهم استكمال بعض معايير الانضمام (17 معيارا) من قبل الجهات المحلية في حصول السعودية على تقييم "1" وهو ما كان كافيا لترقيتها.
ويعد هذا الحدث من أهم المنعطفات المالية المهمة التي تتعلق بالاستثمار الأجنبي في تاريخ أسواق المال المحلية، بعد سلسلة الترقيات المتواصلة لمؤشرات سوق الأسهم التي حدثت بين 2019 و2020.
وذكرت "فوتسي راسل" في بيان، تسلمت "الاقتصادية" نسخة منه، إن الصكوك السعودية ستضاف إلى مؤشرها للسندات الحكومية للأسواق الناشئة بالعملة المحلية.
وقالت "فوتسي راسل" إنه من المتوقع تضمين 42 أدوات دين (حكومية) بقيمة 306.1 مليار ريال (81.6 مليار دولار) في المؤشر، وستشكل 2.75 في المائة منه على أساس القيمة السوقية المرجحة.
وأظهر مستند لـ"فوتسي" اطلعت عليه "الاقتصادية" حول مؤشرها الخاص عن أدوات الدين الحكومية المعروف باسم FTSE Saudi Arabian Government Bond Index، الذي دشنته "فوتسي" في آب (أغسطس) 2020، أن المؤشر يضم 52 إصدارا من السندات والصكوك وذلك بقيمة سوقية تصل إلى 349.6 مليار ريال.
وتعني تلك البيانات بحسب وحدة التقارير الاقتصادية أن "فوتسي" ضمت ما يزيد على 80 في المائة من أدوات الدخل الثابت لهذا المؤشر، وذلك إلى مؤشرها للسندات الحكومية للأسواق الناشئة بالعملة المحلية EMGBI. ويرجع سبب استبعاد أدوات الدين الأخرى (البالغة 19.3 في المائة) لعدم تطابق شروط المؤشر عليها.

الجدول الزمني للإضافة
وفي الوقت الذي ذكرت "فوتسي"، أن الأثر الفعلي للترقية للمؤشر سيظهر أثره اعتبارا من نيسان (أبريل) 2022، من دون ذكر إذا ما كان ذلك سيتم أوائل أو أواخر الشهر، إلا أن مجموعة فوتسي راسل أوضحت لـ"الاقتصادية" على لسان أوليفر مان مسؤول التواصل الإعلامي، أن هذه المدة يرجح أن تصل إلى ستة أشهر، كما تم مشاهدته مع بعض الدول التي سبقت السعودية بالترقية.
وعليه فالإضافة إلى المؤشر ليست فورية وتكمن الحكمة من ذلك من أجل إحاطة المستثمرين بقرب تغيير مراكز انكشافهم على الدول المشمولة بالمؤشر.
وبذلك تصبح السعودية الدولة الـ17 التي تنضم لثاني أهم مؤشر لدى "فوتسي" يختص بقياس أداء سندات حكومات الأسواق الناشئة المقومة بالعملات المحلية. وهي في الوقت نفسه الدولة الآسيوية السادسة التي تنظم للمؤشر، الذي يضم دولا مثل الصين وروسيا.
وأظهر رصد وحدة التقارير الاقتصادية، أن القيمة السوقية لمؤشر EMGBI تبلغ 2.9 تريليون دولار بنهاية النصف الأول من هذا العام.
وكانت هيئة السوق المالية قد ذكرت في بيان لها في أيلول (سبتمبر) 2021، أن استثمارات المستثمرين الأجانب في سوق الصكوك وأدوات الدين تضاعفت 223 في المائة في الربع الثاني من العام الجاري مقارنة بالربع الثاني من 2020.

التحدي المقبل
وعن مؤشر "فوتسي العالمي للسندات الحكومية" WGBI، أبلغ "الاقتصادية" أوليفر مان، مسؤول التواصل الإعلامي لدى "فوتسي"، أن الانضمام لهذا المؤشر يتطلب الحصول على التقييم "2".
وتعني تلك التوضيحات بحسب تحليل وحدة التقارير "الاقتصادية"، أن التحدي المقبل يكمن في العمل على استكمال متطلبات المعايير الـ17 التي بموجبها يتحدد مسألة ضم بورصة الدين المحلية لمؤشر فوتسي الثاني الذي يعد أهم مؤشرات السندات في العالم، بل يؤثر في توزيع تريليونات الدولارات المستثمرة في السندات السيادية حول العالم.
ويضم مؤشر "فوتسي العالمي للسندات الحكومية" WGBI، 22 دولة وذلك بقيمة سوقية تصل إلى 26.3 تريليون دولار.
ووصفت فوتسي راسل في ورقة بحثية لها السندات المحلية للسعودية بأنها مترابطة مع السندات الدولارية بحكم ربط العملة، الأمر الذي يعني أن المستثمرين الأجانب لن يكونوا معرضين لمخاطر تقلبات العملة.
وعليه فلن تنخفض عوائد الاستثمار بالصكوك الحكومية عند تحويلها إلى الدولار، مقارنة بما يحدث مع سندات الأسواق الناشئة التي تتذبذب قيمة عملاتها مع سعر الصرف للدولار الأمريكي.
وساعد ربط سعر صرف الريال السعودي بالدولار على جذب المستثمرين الأجانب، الذين يبحثون عن العائد في بيئة اقتصادية تتسم بانخفاض أسعار الفائدة.

أكبر سوق لأدوات الدين المحلية
من ناحية أخرى، أظهرت بيانات حصلت عليها "الاقتصادية"، بالتعاون مع منصة "ماكرو بوند" السويدية، أن السعودية بات لديها أضخم سوق في المنطقة العربية لأدوات الدين المقومة بالعملة المحلية، في خطوة تظهر مدى عمق أسواقها المالية.
وبذلك تجني السعودية ثمرة إصلاحاتها الاقتصادية والخاصة في أسواق الدين التي ابتدأت منذ ستة أعوام وذلك مع تأسيس المركز الوطني لإدارة الدين في 2015.
واستندت بيانات الرصد على التقرير الدوري لأدوات الدخل الثابت الصادر من "بنك التسويات الدولية" وعلى منصة Macrobond التي لديها برمجيات خاصة تمكنت على إثرها بتكوين أكبر قاعدة بيانات اقتصادية، مدعومة بأدوات تحليلية تساعد الباحثين بربط تلك البيانات مع بعضها بعضا وتكوين صورة شاملة عن الاقتصاد الكلي.
وتطلب شركات إدارة الأصول العالمية من المديرين الذين يتولون إدارة صناديق الدخل الثابت بأن يستثمروا بسندات الأسواق الناشئة وبعض تلك الصناديق لا تستطيع الاستثمار في أسواق معينة بسبب عدم ضمها لمؤشرات السندات.
أما الآن فسيتمكن المستثمرون الدوليون من دخول السعودية، أكبر سوق لأدوات الدين المقومة بالعملة المحلية في المنطقة، من خلال مؤشر "فوتسي راسل".
وبحسب رصد وحدة التقارير الاقتصادية، فإنه حتى الآن لم يسعر المتداولون في سوق الدين المحلية إمكانية الترقية وما تحمله من زيادة في المكاسب الرأسمالية.

طريق الترقية
ونشرت "الاقتصادية" في 30 آذار (مارس) تقريرا ذكرت فيه أن "فوتسي راسل" وضعت سوق الدين الثانوية في السعودية على قائمة المراقبة للمؤشر، تمهيدا لترقيتها في أيلول (سبتمبر) المقبل إلى مؤشر سندات فوتسي الخاص بالسندات الحكومية في الأسواق الناشئة المقومة بالعملة المحلية.
وبذلك انتقلت السعودية إلى المرحلة الثانية ضمن منهجية "فوتسي" الخاصة بتصنيف الدول المؤهلة التي على وشك الامتثال بشكل جزئي أو كامل للمعايير الـ17 الخاصة بمؤشر فوتسي للسندات الحكومية في الأسواق الناشئة.
ويحظى المؤشر باهتمام المستثمرين الأجانب نظرا إلى كونه يمنحهم إمكانية الاستثمار في عدد محدود من أسواق الدين في الأسواق الناشئة وذلك بالعملة المحلية لكل دولة.
ومن شأن تلك الخطوة أن تسهم في جذب مليارات الدولارات من المستثمرين الأجانب نحو أسواق الدين المحلية وذلك بعد دخول الترقية حيز التنفيذ.
وتأتي تلك التطورات عقب الاجتماع الذي تم في أواخر آذار (مارس) الذي أظهرت نتائجه أن لجان "فوتسي" قررت إرجاء منح السعودية إلى جانب الهند، تقييم بدرجة "1" الذي كان سيكون كافيا للحصول على الترقية بشكل مباشر للمؤشر الدولي.
ووفقا للبيان الصحافي الصادر عن "فوتسي" تمت خلال الفترة الماضية مشاورات بين المستثمرين و"فوتسي" مع الجهات التنظيمية المحلية في السعودية.

الربط مع مراكز الإيداع الدولية
وكانت الصحيفة قد نشرت تقريرا لها في 3 تموز (يوليو) من هذا العام، أوضحت فيه على لسان "كلير ستريم"، أحد أكبر مراكز الإيداع العالمية للأوراق المالية، أن آلية الربط مع "إيداع" التي تم تفعيلها منتصف حزيران (يونيو)، التي تعد بمنزلة حجر الزاوية لاجتذاب السيولة الأجنبية لسوق الدين المحلية، ستسمح للمستثمرين الأجانب بالاستثمار في سوق الدين السعودية عبر المشاركة في المزاد الشهري للصكوك الحكومية وكذلك الشراء المباشر من السوق.
وأكدت "كلير ستريم" على لسان جان ويليمز؛ رئيس الأسواق العالمية في المركز، أن ربط الأسواق الناشئة شبكات الإيداع مع مراكز الإيداع الدولية يعد شرطا أساسيا للترقية لمؤشرات السندات الدولية.
وأظهر تحليل وحدة التقارير الاقتصادية في الصحيفة، أن تفعيل الربط بين "كلير ستريم" و"إيداع" أزال أهم شرطين يتعلقان بترقية السوق السعودية بمؤشر فوتسي للسندات الحكومية في الأسواق الناشئة، وسيمهد للموافقة على الترقية في الاجتماع المقبل (وهذا ما حدث وفقا لتوقعات الصحيفة).
ونقلت "كلير ستريم" لـ"الاقتصادية" تفاعل المستثمرين الدوليين بعد التطورات التنظيمية الحديثة في السعودية، إذ قال جان ويليمز، لاحظنا في "كلير ستريم" اهتماما قويا من عدد متزايد من أبرز المستثمرين الدوليين.
وأضاف ويليمز، أن المستثمرين أشاروا إلى أن الرابط الجديد سيساعدهم على الدخول بسهولة إلى السوق المالية السعودية وزيادة تداولاتهم فيها، علما بأن الرابط الحالي يمكن عملاء "كلير ستريم" من تسوية الأوراق المالية المؤهلة دون اشتراط تقدمهم بطلب للحصول على حالة مستثمر أجنبي مؤهل في السعودية.
ومن شأن دخول مؤسسة "كلير ستريم" إلى سوق الدين السعودي، أن يفتح المجال لشبكة عملائها الواسعة دوليا تصل لـ2500 مستثمر لمقاصة وتسوية وحفظ الأوراق المالية وتنفيذ الصفقات والحصول على خدمات ما بعد التداول.
وأظهر رصد "الاقتصادية" حول كيفية جذب السيولة الأجنبية لأسواق الدين المحلية في الأسواق الناشئة، أن ذلك يأتي بمجرد سريان الربط مع مراكز الإيداع الدولية، الأمر الذي يسهم في دمج السوق المحلية بنظيرتها الدولية.
وعن إمكانية استثمار مستثمري أدوات الدخل الثابت الأجانب بالإصدارات الخاصة للشركات السعودية، التي تمتاز بكونها غير متداولة في السوق، أشارت "كلير ستريم" إلى أن المستثمرين الدوليين سيصبحون قادرين على تسوية وحفظ الأوراق المالية المؤهلة والمتداولة في السوق السعودية.
وتعني تلك الإجابة بحسب تحليل وحدة التقارير الاقتصادية، أن الشركات المحلية سيكون لديها طريقتان إذا ما أرادت جذب المستثمرين الدوليين لأدوات دينها المقومة بالريال، أولها اختيار أن يكون طرحها المستقبلي من السندات والصكوك طرحا عاما، الأمر الذي سيسمح بتداولها في السوق.
أما الطريقة الثانية فتتعلق بالإصدارات القديمة والقائمة من الإصدارات الخاصة، وذلك عبر إلزام جهات الإصدار بتسجيل تلك الطروحات لدى "إيداع" وفقا للمهلة الزمنية الممنوحة من هيئة السوق المالية بحسب البيان الصادر في نيسان (أبريل) الماضي، الأمر الذي يمهد مستقبلا لتسهيل تداول الطروحات الخاصة في سوق الدين الرسمية على شكل صفقات متفاوض عليها، وبذلك يستطيع المستثمر الدولي الاستثمار في إصدارات الشركات.
ولأول مرة، سيكون المستثمرون الأجانب قادرين على الاحتفاظ بالأوراق المالية السعودية عبر حساب شامل، إلى جانب الاستفادة من جميع خدمات مراكز الإيداع الدولية، بما في ذلك خدمات التسوية الدولية (داخليا).
ويقول جان ويليمز سيكون عملاء "كلير ستريم" قادرين على الوصول إلى 58 سوقا من ضمنها المملكة باستخدام الحساب نفسه والشبكة نفسها، وبالتالي الدخول إلى أهم الأسواق الرئيسة الناشئة بكفاءة وسلاسة بالاستفادة من بنيتنا التقنية الموثوقة والمتطورة وخدماتنا عالية الجودة".
وتابع "ويأتي اهتمام الأسواق الناشئة بربط شبكاتها مع مراكز الإيداع الدولية، لأن ذلك شرط أساسي للإدراج في المؤشرات، ويساعد في زيادة التدفقات النقدية من الأسواق الدولية إلى أدوات الدين المحلية وبناء سوق ثانوية صحية لأدوات الدين، وهو أمر ضروري لتعزيز العائد المتوقع للمستثمرين. كما أن كبار المستثمرين من شريحة المؤسسات لا يدخلون عادة إلا في الأسواق المرتبطة بشبكة "كلير ستريم".

المعايير الـ17
وحصلت "الاقتصادية" من مصادرها الخاصة على المعايير الـ17 التي بموجبها تم ضم السوق المحلية إلى مؤشر فوتسي للسندات الحكومية في الأسواق الناشئة وذلك بعد حصول السعودية على التقييم *1*. في حين يتطلب الحصول على التقييم *2* من أجل الانضمام لمؤشر "فوتسي العالمي للسندات الحكومية" WGBI .
ويدور المعيار الأول حول تنافسية سوق الحفظ للسندات والصكوك في السعودية عبر وجود تشريعات خاصة ومؤسسات مالية قادرة على تقديم خدمات الحفظ للأوراق المالية، إلا أنه من غير المعروف بحسب رصد "الصحيفة" العدد الفعلي من الجهات المالية التي تنشط في تخصص حفظ أدوات الدين.
واعتمدت هيئة السوق المالية آلية الحفظ المستقل التي تحسن من كفاءة التسوية وتقلل من مخاطرها بالنسبة إلى المستثمرين من المؤسسات المحلية والإقليمية والمستثمرين الأجانب المؤهلين.
وأمين الحفظ لديه القدرة على حفظ وإدارة أصول المستثمرين، ويتم تعيين أمين الحفظ من قبل المستثمر "عميل الحفظ" في السوق لتقديم الخدمات التالية، التي تشمل على سبيل المثال لا الحصر، المقاصة والتسوية، حفظ الأوراق المالية، وتنفيذ إجراءات الشركات، وإدارة النقد، وإقراض الأوراق المالية والاقتراض وإعداد التقارير.
كما يعمل أمين الحفظ بصفته وكيل تسوية وخدمة أصول للمستثمر في السوق المالية السعودية، وهو مسؤول عن دعم وإدارة أنشطة ما قبل وبعد التداول، وتتماشى التشريعات التنظيمية في السعودية مع أفضل الممارسات الدولية وكونها كذلك تقدم حماية إضافية إلى أصول المستثمرين وتحد من مخاطر التسوية، ويوجد عبرها فصل بين الأدوار الإدارية للحفظ والوساطة.

التسوية الدولية
ويرتبط المعيار الثاني بالتسوية الدولية وذلك عبر ربط "مراكز إيداع مركزية" دولية مثل "يورو كلير" بنظيرتها من السوق المحلية مثل مركز إيداع الأوراق المالية.
ومن أجل التيسير على المستثمر الأجنبي في الجانب الخاص بالتسويات لأدوات الدين "المقومة بالعملة المحلية" والمدرجة في "تداول"، فمن الضرورة بمكان ربط "مراكز إيداع مركزية" دولية مثل "يورو كلير" أو Clearstream بنظيرتها من السوق المحلية وذلك من أجل تمكين المستثمر الأجنبي من تسوية معاملات أسواق الدين خارج السوق المحلية، وتعد "يوروكلير" من أكبر شركات المقاصة في أوروبا.
وبحسب الموقع الإلكتروني لشركة مركز إيداع الأوراق المالية "مركز الإيداع" فإنه يتم إجراء عمليات المقاصة والتسوية بطريقة فاعلة وآمنة.
وفي نظام دورة التسوية الجديدة، يتم الانتهاء من جميع أنواع معاملات الأوراق المالية بعد يومي عمل من تاريخ تنفيذ المعاملة.
وتتعثر عملية التسوية إذا لم يتمكن أحد أعضاء المركز من تقديم أوراق مالية كافية لتسوية الصفقة المرفوضة قبل التسوية المسبقة، لذا تسهل "إيداع" حلولا لإدارة حالات التعثر لا تقتصر على إقراض الأوراق المالية المدرجة، والعمليات الاختيارية أو الإلزامية للشراء وما إلى ذلك.

سيولة أجنبية مرتقبة
منذ منتصف حزيران (يونيو) الماضي، شرعت "كلير ستريم"، مزود خدمات ما بعد التداول لمجموعة البورصة الألمانية، في ربط السوق المالية السعودية بشبكتها من خلال شركة مركز إيداع الأوراق المالية "إيداع"، المملوكة بالكامل من قبل مجموعة تداول السعودية والمسؤولة عن تشغيل وصيانة نظام الإيداع والتسوية.
و"كلير ستريم" هو أول مركز إيداع دولي يتيح للمستثمرين الدوليين التداول في السوق المالية السعودية اعتبارا من 14 حزيران (يونيو) 2021، وذلك عبر ربط غير مباشر من خلال شركة إتش إس بي سي العربية السعودية التي ستقدم خدمات أمين الحفظ المحلي للأوراق المالية لمركز كلير ستريم.
وسيسهل هذا الربط دخول المستثمرين الدوليين للسوق المالية السعودية، من خلال توفير تسوية السندات الحكومية والخاصة غير القابلة للتحويل وصناديق الاستثمار المتداولة والمدرجة في السوق السعودية والمقومة بالريال.
ويمكن لعملاء "كلير ستريم" المؤهلين الاستثمار في سوق الصكوك والسندات وصناديق الاستثمار المتداولة والمدرجة في السوق المالية السعودية دون الحاجة إلى تقديم طلب التأهيل كمستثمر أجنبي مؤهل، إضافة إلى إمكانية استخدام حساباتهم الحالية المسجلة لدى "كلير ستريم".
ولأول مرة، يمكن للمستثمرين الدوليين تملك الأوراق المالية السعودية ذات الدخل الثابت وصناديق المؤشرات المتداولة من خلال حساب المرشح الأجنبي المشترك، ويمكنهم أيضا الاستفادة من خدمات مراكز الإيداع الدولية المعروفة، وذلك يتضمن خدمة التسوية الداخلية.
ونتيجة لذلك، من المتوقع زيادة الطلب على أدوات الدين الحكومية من المستثمرين الدوليين وبالتالي تعزيز مستوى السيولة في السوق المحلية.
ويأتي هذا الربط بعد صدور موافقة هيئة السوق المالية على اعتماد تعليمات مراكز الإيداع الدولية ICSDs، التي تهدف إلى توفير بيئة تنظيمية مناسبة لمراكز الإيداع الدولية للربط مع "إيداع" بما يتماشى مع أفضل الممارسات العالمية، ما يساعد على زيادة كفاءة وجاذبية السوق المالية السعودية وتعزيز مكانة المملكة وثقلها على الصعيد العالمي بين دول مجموعة العشرين.

محادثات فوتسي
وقامت "فوتسي راسل" بالتواصل، بشكل مكثف، مع الجهات السعودية المسؤولة بشكل مباشر عن حفظ أدوات الدين وتسويتها والجهات الأخرى التي لها دور في تشريع سياسات الاستثمار الأجنبي المؤهل في السوق السعودية الثانوية أو الجهات الأخرى التي تلعب دورا في توفير السيولة الخاصة بسوق الصرف الأجنبية وسهولة تحويل عملات المستثمرين الأجانب.
وتهدف تلك المحادثات مع الجهات السعودية إلى تذليل الصعوبات الفنية التي تواجه مستثمري الأسواق الناشئة الذين على استعداد للاستثمار في الأوراق السيادية الصادرة من حكومة المملكة.
وتتشابه تلك الاستشارات مع الجهات التي تدير المؤشرات مع مرحلة ما قبل ترقية الأسهم السعودية لدرجة الأسواق الناشئة التي نجمت عنها حزمة من الإصلاحات الاقتصادية التي قادت أسواق الأسهم إلى مصاف مؤشرات الأسواق الناشئة.
وذكرت "الاقتصادية" في تقريرها المنشور سابقا، أنه تاريخيا تعني تلك المحادثات التي ستجريها "فوتسي راسل" - سواء بالنيابة عن لجانها الداخلية أو المستثمرين الأجانب - مع الدول المؤهلة للدخول في مؤشرها الخاص بالسندات المحلية للأسواق الناشئة، أن الجهات السعودية من المرجح لها الكشف عن مزيد من الإصلاحات الاقتصادية التي تمس أسواق الدين الثانوية في السوق المحلية - وهذا ما حصل -، وذلك من أجل إعادة تقييم تصنيف السعودية، حيث بإمكان السعودية تحقيق الترقية إلى المؤشر حيال استيفائها الحد الأدنى من المتطلبات الـ17 الخاصة بالمؤشر عبر الحصول على تقييم بدرجة "1" أو الحصول على أعلى تقييم وهو "2".
وبهدف ضمان الموضوعية، تتم مساندة عملية مراجعة تقييم الدول المؤهلة للانضمام إلى مؤشر سندات الأسواق الناشئة المقومة بالعملات المحلية من خلال عدة لجان تستقطب في عضويتها خبراء في التداول، والحفظ، وإدارة الاستثمار، وبناء على توصيات تلك اللجان، تم وضع السوق السعودية تحت المراقبة بعد سلسلة الإصلاحات التي تم إجراؤها خلال الأعوام الثلاثة الماضية، في إشارة إلى تقدير المجتمع الاستثماري الدولي للجهات السعودية التي كانت وراء تلك الإصلاحات على أسواق الدين المحلية.

مساع حثيثة
نشرت "الاقتصادية" تقريرا لها في 20 أيلول (سبتمبر) 2020 أشارت فيه إلى وجود مساع سعودية حثيثة تجري على قدم وساق من قبل الجهات المالية التنظيمية والقطاع المالي، وذلك من أجل استيفاء متطلبات الترقية لمؤشر سندات فوتسي "الخاص بالسندات الحكومية في الأسواق الناشئة" التي ستقود في نهاية المطاف إلى جلب سيولة أجنبية لأسواق الدخل الثابت المحلية.
وتعول الجهات السعودية المنخرطة في المحادثات الحالية مع الجهة المالكة لمؤشر سندات الأسواق الناشئة على خبراتها المتراكمة التي اكتسبتها لموافاة متطلبات سوق الأسهم لمؤشرات "فوتسي راسل" ومؤشر "إم إس سي آي".
وتأسست شركة مركز إيداع الأوراق المالية "إيداع" عام 2016 وهي شركة مملوكة بالكامل من قبل مجموعة تداول السعودية. وتعمل "إيداع" على تشغيل وصيانة نظام الإيداع والتسوية الذي يقوم بتسجيل وصيانة الأوراق المالية وتسجيل ملكيتها في تداول السعودية. وتقتدي الشركة بالأهداف الاستراتيجية التي تنشدها السوق المالية السعودية فيما يخص تطوير البنى التحتية وتحسين الإجراءات ذات الصلة لإجراء العمليات بالتوافق مع أفضل المعايير الدولية. في حين تعد مؤسسة "كلير ستريم" مركزا دوليا لإيداع الأوراق المالية، ويقع مقرها الرئيس في لوكسمبورج. وتوفر "كلير ستريم" وهي مؤسسة تابعة لمجموعة دويتشه بورصة جروب، البنية التحتية اللازمة للوصول إلى خدمات ما بعد التداول لسوق سندات اليورو وخدمات الأوراق المالية من 58 سوقا محلية حول العالم. وتبلغ قيمة الأصول المحفوظة لدى المؤسسة 16 تريليون يورو، ما يجعلها واحدة من أكبر مؤسسات تسوية وحفظ الأوراق المالية المحلية والدولية على مستوى العالم.

مؤشر فوتسي وايبوكس تداول
بخلاف المؤشر الدولي الخاص في الأسواق الناشئة الذي تنصب عليه أعين المستثمرين، فإن "فوتسي راسل" لمؤشرات الأسواق، قد دشنت أواخر آب (أغسطس) 2020 مؤشر سندات للسعودية يقيس أداء السندات الحكومية بالعملة المحلية ذات معدل الفائدة الثابت، لتنضم بذلك إلى شركة IHS Markit التي دشنت هي الأخرى سلسلة مؤشرات "ايبوكس تداول".
إلا أن تلك المؤشرات الفردية تفيد أكثر المستثمرين المحليين، مقارنة بالدوليين في مؤشرات تجمع عدة دول ضمن مظلة واحدة لقياس الأداء.
ويغطي مؤشر فوتسي راسل للسندات الحكومية السعودية، الصكوك والسندات الحكومية بأجل لا يقل عن عام وقيمة مستحقة لا تقل عن مليار ريال "266.65 مليون دولار".

المؤشرات كمعيار إرشادي
ويتم تعريف المؤشر كمقياس إحصائي، عادة من سعر أو كمية، ويتم حسابه من مجموعة تمثيلية من البيانات الأساسية. ويعد الدور الأكثر شيوعا للمؤشر هو كمعيار إرشادي، ويمكن وصفه بأنه المعيار الذي يمكن من خلاله قياس أداء الأداة المالية.
ومن خلال هذا الدور، يوفر المؤشر طريقة لقياس أداء شريحة معينة من السوق المالية، مثل المقارنات داخل المنطقة الجغرافية، أو قطاع الصناعة أو غيرها من الأصول.
ويتمثل دور منشئ ومقدم المؤشر في إنشاء مؤشر صكوك وسندات يعكس بدقة فئة الأصول وبالتالي يلبي احتياجات مستخدميه، حيث إن مدير صندوق تتبع المؤشر أو مستثمر نشط يستخدم المؤشر لأغراض قياس الأداء، سيختار كل منهما المؤشر الذي يناسب أهدافه، ثم سيتم استخدام المؤشر كمعيار إرشادي للصناديق أو صناديق المؤشرات المتداولة.
ومعلوم أن المستثمرين في سوق السندات والصكوك وكذلك شركات إدارة الأصول يستعينون بتلك المؤشرات من أجل مقارنة أداء تلك الأدوات الاستثمارية وفقا لمنطقة جغرافية محددة أو قطاع معين.
ومن المتعارف عليه مع شركات إدارات الأصول، فإن هناك مؤشر قياس لكل فئة من الأصول الاستثمارية، وذلك لكي يقيس مدير الصندوق الأداء السنوي للصندوق مع مؤشر القياس الذي يسترشد به.
ويتم الطلب من مديري الأصول الذين يتولون إدارة صناديق الدخل الثابت أن يحققوا عائدا قريبا من المؤشر الذي يتبعونه. والغاية من ذلك تكمن في مساعدة المستثمر بتلك الصناديق على قياس أرباح أو خسائر الصندوق وفقا لمؤشر قياس يعتد به.
ويستخدم الصندوق المدار بنشاط "الصندوق الذي يهدف إلى التفوق على أداء السوق" مؤشر جهة حيادية كمعيار لقياس الأداء، بينما الصناديق المدارة بشكل غير نشط، المعروفة أيضا بصناديق "المؤشرات غير النشطة" أو "تتبع المؤشر"، فإنها تستخدم المؤشرات لتتبع سوق معينة بقدر ممكن في الطلب لمحاولة تكرار أداء المؤشر.
ويمكن استخدام هذه المؤشرات من قبل البنوك المتعاملة في الأوراق المالية، ومصدري صناديق المؤشرات المتداولة، وشركات الاستثمار في جانب الشراء، والجهات الخارجية لقياس أداء المحفظة والمخاطر.


لجنة تطوير سوق الدين
نظرا إلى أهمية سوق الصكوك وأدوات الدين، دأبت هيئة السوق المالية السعودية في العمل على تطوير ونمو هذه السوق، وتفعيل دورها كإحدى قنوات التمويل الرئيسة في المملكة للقطاعين العام والخاص. ويهدف هذا الاهتمام إلى المواءمة مع أفضل الممارسات العالمية لتطويره وإيجاد السبل الممكنة لرفع مستوى الزخم فيها، لأنها تعد رافدا مهما من روافد التمويل والنمو الاقتصادي، وإحدى الركائز المهمة في تطلعات برنامج تطوير القطاع المالي. ولذلك، شكلت لجنة تطوير سوق الصكوك وأدوات الدين في أيار (مايو) 2018 وذلك وفقا للتقرير السنوي لهيئة السوق المالية السعودية الصادر في 2021.
وتعد من أبرز مهام اللجنة تحقيق التكامل بين القطاعات المختلفة في القطاعين العام والخاص لإنشاء سوق للصكوك وأدوات الدين ذات كفاءة تمكنها من أن تكون إحدى أكبر أسواق الصكوك وأدوات الدين في المنطقة، ورافدا مهما للتمويل توفر المنتجات الاستثمارية الجاذبة للمستثمرين المحليين والأجانب. كذلك تعمل اللجنة على متابعة تطوير البنية الأساسية التقنية والتنظيمية والتشريعية في الجهات ذات العلاقة، التي تساعد على تطوير سوق الصكوك وأدوات الدين.
ومنذ تشكيل اللجنة حتى نهاية 2020، تم عقد 12 اجتماعا للجنة التوجيهية، واجتماعين للجنة الفنية، وقد أكملت اللجنة 15 مبادرة من إجمالي عدد المبادرات البالغ عددها 34 مبادرة.
وانعكست جميع هذه المنجزات إيجابا على سوق الصكوك وأدوات الدين، إذ ارتفع عدد المستثمرين في السوق الأولية للصكوك والسندات الحكومية.
كما أدى تخفيض القيمة الاسمية للإصدارات الحكومية إلى ألف ريال بدلا من مليون ريال إلى جذب فئات جديدة من المستثمرين وارتفاع عدد الصفقات في السوق. وأتيح للمستثمرين القدرة على تسعير أدوات الدين بعد إعادة هيكلة رسوم الإدراج وتفعيل حساب العائد وتشكيل منحنى العائد، وتمكينهم من اتخاذ القرارات الاستثمارية بعد أن أعيدت هيكلة المعلومات المنشورة والمتاحة على موقع شركة السوق المالية السعودية "تداول" الإلكتروني، وذلك تطبيقا للممارسات الدولية في نشر البيانات والمعلومات المتعلقة بسوق الصكوك وأدوات الدين، ورفع جاذبية السوق لهم.
وأدرجت صناديق المؤشرات المتداولة للصكوك الحكومية في 2020، ما أسهم أيضا في زيادة تنوع وعدد المستثمرين في السوق وتعزيز التداولات والإقبال عليها، وهو الأمر الذي من شأنه أن يسهم في رفع الوعي والاهتمام من قبل شريحة أكبر من المستثمرين والمصدرين، إذ تجاوزت أحجام الصناديق المستثمرة في الصكوك وأدوات الدين الحكومية ما يزيد على 1.4 مليار ريال.

وحدة التقارير الاقتصادية
إنشرها

أضف تعليق

المزيد من تقارير و تحليلات