FINANCIAL TIMES

سباق تسلح جديد .. صواريخ سرعتها 5 أضعاف سرعة الصوت

سباق تسلح جديد .. صواريخ سرعتها 5 أضعاف سرعة الصوت

تعمل مجموعة من الدول على تطوير أنظمة أسلحة أسرع من الصوت. "الفرنسية"

كشفت «فاينانشيال تايمز» عن اختبار الصين سلاحين أسرع من الصوت في الأشهر الأخيرة؛ ما أثار قلقا بين مسؤولي الدفاع الأمريكيين، لأنه يشير إلى أن بكين تحرز تقدما أسرع من المتوقع في فئة جديدة من أسلحة الدفاع الصاروخي.
أدى أحد الاختبارات على وجه الخصوص، الذي تم إجراؤه في 27 تموز (يوليو)، إلى إثارة اهتمام العلماء في الحكومة الأمريكية. فقد أطلقت الصين صاروخ "لونج مارش" إلى المدار، مستخدما نظاما لدفع مركبة انزلاقية ذات قدرة عالية على المناورة وذات قدرة نووية أيضا؛ ما يسمح للصاروخ بالتوجه بسرعة خمسة أضعاف سرعة الصوت نحو الهدف أو أكثر، وذلك وفقا لأشخاص مطلعين على الاختبار رفضوا الكشف عن هويتهم بسبب سرية المعلومات.
ودفع وجود عنصر غير معروف في الاختبار العلماء الأمريكيين إلى الشك في أن بكين ربما تكون قد حققت قدرة عسكرية جديدة، الأمر الذي يشير إلى أن الصين باتت تحرز تقدما أسرع في تطوير الأسلحة ما قد يؤدي إلى تغيير ميزان القوى بين البلدين.
وفيما يلي دليل لما هو معروف عن هذا السلاح والأسلحة الأخرى أسرع من الصوت قيد التطوير حول العالم.
خلال الحرب الباردة، طور الاتحاد السوفياتي نظام قصف مداري يمكنه حمل سلاح نووي إلى مدار بمسار أدنى من المسار الثابت لصاروخ باليستي تقليدي. يتم إرسال الجهاز التقليدي إلى الفضاء الخارجي، حيث يمكن اكتشافه واعتراضه.
أطلقت موسكو عليه اسم "نظام القصف المداري الجزئي" أو "فوبس"، وتم تصميمه لتفادي أنظمة الدفاع الصاروخي. وتم استخدام مصطلح "جزئي" لدعم ادعاء روسيا بأن السلاح لم ينتهك معاهدة الفضاء الخارجي لـ1967، التي تحظر نشر الأسلحة النووية في الفضاء.
النسخة الصينية من النظام الذي تم اختباره في الصيف الماضي تأتي مع تطور: ما تسمى مركبة الانزلاق الأسرع من الصوت، التي يمكن أن تسير بسرعة تزيد على خمسة أضعاف سرعة الصوت ويصل مداها أبعد بكثير من مدى صاروخ باليستي بعد انفصالها عن الصاروخ.
انخفاض مسار المركبة الانزلاقية وسرعتها وقدرتها على المناورة مع اقترابها من هدفها يجعل اعتراضها أكثر صعوبة. وهي تختلف عن صواريخ كروز (العابرة) الأسرع من الصوت، التي تعمل بمحركات عالية السرعة تستخدم الأكسجين في الغلاف الجوي للدفع أثناء الطيران – تسمى المحركات النفاثة.
قال جيفري لويس، خبير الأسلحة النووية في معهد ميدلبري للدراسات الدولية في مونتيري: "إن أسهل طريقة للتفكير في المركبة الانزلاقية المقترنة بنظام القصف المداري الجزئي هي أن تتخيل أنك تضع سلاحا نوويا في حجرة الحمولة في مكوك فضائي، ثم تنسى المعدات اللازمة للهبوط".
يقود كل من الولايات المتحدة، وروسيا والصين سباق تطوير الأنظمة أسرع من الصوت. لكن على وجه الخصوص، فقط الصين وروسيا هما الدولتان الوحيدتان اللتان تطوران مركبات انزلاقية ذات قدرة نووية.
أيضا تعمل دول أخرى، بما في ذلك المملكة المتحدة وفرنسا وأستراليا والهند واليابان وكوريا الشمالية، على تطوير هذه التكنولوجيا. في الوقت نفسه، أجرى كل من إيران وإسرائيل وكوريا الجنوبية أبحاثا أساسية في المجال نفسه، وفقا لتقرير صدر أخيرا عن دائرة البحوث في الكونجرس الأمريكي.
ازداد تمويل الأسلحة الأسرع من الصوت في الولايات المتحدة في الأعوام الأخيرة، ويرجع ذلك نسبيا إلى التقدم الذي أحرزته روسيا والصين في هذه التكنولوجيا. قالت روسيا أخيرا إنها أجرت تجربة إطلاق صاروخ أسرع من الصوت من غواصة تحت سطح البحر للمرة الأولى.
طلب البنتاجون أخيرا 3.8 مليار دولار لميزانية الأبحاث في التكنولوجيا الأسرع من الصوت في 2022 – أكثر من 3.2 مليار دولار طلبها في 2021. فيما طلبت وكالة الدفاع الصاروخي 247.9 مليون دولار إضافية للدفاع ضد الأسلحة الأسرع من الصوت.
يستثمر كثير من كبرى شركات الدفاع في العالم، بما في ذلك الشركات الأمريكية " لوكهيد مارتن" و"نورثروب جرومان" و"رايثيون"، إضافة إلى الشركة البريطانية "بي أيه أي سيستيم"، في الأنظمة الأسرع من الصوت وتعمل مع الحكومات لاختبار قدراتها المختلفة وتطويرها.
بالنسبة للصين يمكن للأنظمة المدارية الجزئية أن تتفادى أنظمة الإنذار المبكر الأمريكية. ويمكنها أيضا التحليق فوق القطب الجنوبي، ما يجعلها بعيدة عن مدى صواريخ البنتاغون الاعتراضية، التي تتمركز في ألاسكا.
يتساءل بعض الخبراء عن سبب إقدام الصين على تطوير هذه الإمكانات بالنظر إلى أن الدفاعات الصاروخية الأمريكية مصممة لصد دول مثل كوريا الشمالية التي تملك قدرات صاروخية صغيرة طويلة المدى نسبيا وليست مصممة للتغلب على الهجمات الكبيرة الآتية من بلدان مثل الصين.
قال ديفيد رايت، خبير الأسلحة النووية في معهد ماساتشوستس للتكنولوجيا، إن الصين على علم أن بإمكانها التغلب على الدفاعات الصاروخية الأمريكية، لكنها قد ترغب في إقناع المسؤولين الأمريكيين الذين يعتقدون أن أنظمتهم أكثر قدرة أن الصين لديها طرقا أخرى للهجوم. أضاف: " الحجة الأخرى هي أنهم لا يريدون أن يشعروا بالتهديد في المستقبل"، وذلك في إشارة إلى استمرار الولايات المتحدة في تطوير أنظمة الدفاع الصاروخي الباليستي.
جوشوا بولوك، من معهد ميدلبري للدراسات الدولية، قال إن الصين ربما تفكر أيضا في كيفية مواجهة أنظمة الدفاع الصاروخي البحرية التي وضعتها الولايات المتحدة على متن سفن "إيجيس" المنتشرة في غرب المحيط الهادئ. أشار إلى أن المركبات الانزلاقية التي تستطيع المناورة ستساعد في الإفلات من تلك الأنظمة الدفاعية.
في حديث إلى الصحيفة العسكرية "ستارز آند سترايبس" في ألمانيا الأسبوع الماض، قال الأدميرال تشارلز ريتشارد، رئيس القيادة الاستراتيجية التي تشرف على القوات النووية الأمريكية، إن الصين يمكنها "الآن تنفيذ أي استراتيجية ممكنة لاستخدام قوة نووية".
أضاف: "يجب أن نتقبل حقيقة أن الصين قادرة أيضا على الابتكار التكنولوجي. سأكون حذرا بشأن الوصف المبالغ فيه الذي قد يساعد في تبرير أي فشل استخباري عادي".
وشبه بعض الخبراء الاندفاع في الاستثمار في التكنولوجيا أسرع من الصوت بسباق التسلح، حيث تسعى البلدان إلى مضاهاة قدرات الدول الأخرى. قال كاميرون تريسي، الباحث في مركز الأمن والتعاون الدولي في جامعة ستانفورد، إنه بينما كانت الولايات المتحدة تنفق "قدرا كبيرا من المال (...) على هذه الأسلحة"، فإن مهمتها لم تكن واضحة.
أضاف: "لم تحدد وزارة الدفاع الأمريكية أي دور واضح لما قد تهدف هذه الأسلحة إلى القيام به، وما المهمة التي ستنفذها مما لا تستطيع تكنولوجيا الصواريخ الحالية القيام به. هذا سؤال مفتوح كبير أمام الولايات المتحدة - هل نبني هذه التكنولوجيا لأن روسيا والصين تبنيانها؟".
قالت الصين إنها أجرت اختبارا لطائرة فضائية وليس سلاحا. لكن توقيت إطلاق تلك الطائرة في منتصف تموز (يوليو) لا يتزامن مع الاختبار الذي أجرته في 27 تموز (يوليو) والذي كشفت عنه «فاينانشيال تايمز» ـ لم تعلن عنه بكين.

إنشرها

أضف تعليق

المزيد من FINANCIAL TIMES