50 عاما من الدعم المطلق لإسرائيل.. ماذا ينتظر الفلسطينيون من بايدن؟

في ظل تفجر الصراع بين المقاومة والاحتلال تتجه الأنظار لواشنطن بحكم قدرتها على إنهاء المعركة، فماذا يمكن للفلسطينيين أن ينتظروا من إدارة بايدن وسجله الطويل في الاحتكاك بالصراع العربي الإسرائيلي على مدى نصف قرن؟

r_U.S. Vice President Joe Biden walks in Mount Herzl military cemetery in Jerusalem March 9, 2010. Biden assured Israel on Tuesday of Washington's
يشير سجل بايدن الطويل في السياسة الأميركية إلى دعمه المطلق لإسرائيل (رويترز)

كان لانخراط الرئيس الأميركي جو بايدن المبكر، قبل نصف قرن، في العمل السياسي بالولايات المتحدة، دور في تشكيل سجل طويل من المواقف تجاه جولات الصراع العربي الإسرائيلي. ويكشف استعراض هذا السجل عن التزامه القوي بحماية أمن إسرائيل، وتعزيز الشراكة الأميركية الإسرائيلية.

فقد اعتبر بايدن خلال حملته الانتخابية عام 2020 أن دعمه لإسرائيل "شخصي للغاية، ويمتد طوال حياته المهنية".

ومنذ رحلته الأولى إلى إسرائيل عام 1973، قبل وقت قصير من حرب أكتوبر، كان التزام بايدن بأمن إسرائيل لا يتزعزع. وخلال سنوات عمله سيناتورا عن ولاية ديلاوير، ساعد بايدن في ضمان الدعم الثابت لأمن إسرائيل.

وقاتل بايدن في مجلس الشيوخ لضمان حصول إسرائيل على أكبر قدر من المساعدات، وكثيرا ما وصف تقديم المساعدات المالية الاقتصادية والعسكرية لإسرائيل بأنها "أفضل استثمار نقوم به بقيمة 3 مليارات دولار" وعارض دائما مبيعات الأسلحة المتقدمة لجيران إسرائيل.

وخلال إدارة الرئيس السابق باراك أوباما، والتي خدم فيها بايدن نائبا للرئيس 8 سنوات، كان مدافعا رئيسيا عن تأمين الدعم للتكنولوجيات العسكرية الإسرائيلية المتقدمة، مثل نظام القبة الحديدية للدفاع المضاد للصواريخ، إضافة لنظام أرو 3 الدفاعي.

وأشرف بايدن عام 2016 على توقيع مذكرة تفاهم غير مسبوقة بين واشنطن وتل أبيب بقيمة 38 مليار دولار لمدة 10 سنوات للمساعدة العسكرية لإسرائيل، وهي أكبر حزمة مساعدات عسكرية من هذا القبيل في تاريخ الولايات المتحدة.

وقاد الجهود الرامية إلى معارضة نزع الشرعية عن إسرائيل، سواء في المنظمات الدولية أو من خلال حركة المقاطعة داخل الولايات المتحدة، والتي تشمل الدعوة لسحب الاستثمارات وفرض العقوبات عليها.

وربط بعض المعلقين بين تشدد بايدن وتعهده بمنع إيران من الحصول على سلاح نووي، وبين تفهمه للمنطق الإسرائيلي المعادي للاتفاق النووي مع طهران. وفرضت إدارة أوباما وبايدن عقوبات متعددة الأطراف على إيران، واضطرتها للتفاوض، مما مهد الطريق لخطة العمل الشاملة المشتركة التي منعت إيران من تطوير برامجها النووية.

وخلال الحملة الرئاسية 2020، سخر بايدن من دعوة السيناتور الديمقراطي بيرني ساندرز إلى فرض شروط على تقديم مساعدات عسكرية لإسرائيل، واعتبرها "غريبة" ووصف بايدن فكرة فرض شروط على تقديم المساعدات لإسرائيل بأنها "شائنة للغاية وخطأ فادح".

وخلال زيارة بايدن لإسرائيل عام 2010، أقدمت إسرائيل على توسيع مستوطنات حي رامات شلومو بالقدس الشرقية المحتلة، وبدلا من انتقاد الفعل الإسرائيلي، الذي اعتبره الخبراء مهينا لنائب الرئيس، اختار بايدن التأكيد على قوة الشراكة بين الولايات المتحدة وإسرائيل، وقال "التقدم يحدث في الشرق الأوسط عندما يعلم الجميع أنه لا يوجد أي خلافات بين الولايات المتحدة وإسرائيل".

وبعد ضرب إسرائيل الحائط برغبات إدارة أوباما، واستمرارها في بناء المستوطنات، ظهر بايدن مدافعا عن
إسرائيل ورفض ممارسة أي ضغط عليها.

وبعد لجوء السلطة الفلسطينية لمجلس الأمن عام 2011 للمطالبة بإدانة بناء إسرائيل المزيد من المستوطنات بالأراضي المحتلة وسط أحداث الربيع العربي، وفي اجتماع بالبيت الأبيض حول طبيعة القرار الذي ستتخذه إدارة أوباما أمام مجلس الأمن، حذرت وزيرة الخارجية حينذاك (هيلاري كلينتون) من أن استخدام حق النقض (الفيتو) ضد قرار المستوطنات قد يقلب المتظاهرين بالعالم العربي ضد واشنطن، ووافقها الرأي وزير الدفاع روبرت غيتس، وكذلك السفيرة الأممية سوزان رايس، لكن بايدن جادل بقوة لاستخدام الفيتو، واتبع أوباما نصيحته. ومن ثم أيد كل أعضاء مجلس الأمن القرار، وكان التصويت 14 صوتا ضد (صوت) الفيتو الأميركي.

وفي ولاية أوباما الثانية، حاول وزير الخارجية حينذاك جون كيري بشكل محموم إحياء عملية السلام. ولكن بحلول عام 2016، أدرك الوزير أنه لن تكون هناك دولة فلسطينية تحت إشراف إدارة أوباما.

وكان الشيء الوحيد المتبقي للنقاش هو ما إذا كان ينبغي على أوباما توجيه رسالة تحدد معايير اتفاق الدولتين، وأن تحصل على موافقة مجلس الأمن الدولي، وبالتالي وضع خطة عمل للإدارات القادمة. ووافق كل أعضاء مجلس الأمن القومي المعاون لأوباما على الخطوة، إلا أن بايدن رفضها.

وبعد وصوله الحكم في يناير/كانون الثاني الماضي، تعهد بايدن بإعادة المبادئ الحاكمة التي وجهت الدبلوماسية الأميركية نحو الصراع الإسرائيلي الفلسطيني، ويشمل ذلك دعم حل الدولتين، ومعارضة عزم إسرائيل ضم الأراضي وبناء المستوطنات. لكن بايدن أكد كذلك أنه لن يتراجع عن قرار ترامب نقل سفارة واشنطن إلى القدس أو الاعتراف بها عاصمة لإسرائيل.

وبعد العدوان الإسرائيلي الأخير بالقدس وغزة، قال الرئيس الأميركي إنه يأمل أن "يتم إنهاء التوتر في الشرق الأوسط عاجلا لا آجلا" مؤكدا على ما اعتبره "حق إسرائيل في الدفاع عن نفسها في وجه آلاف الصواريخ التي تسقط عليها".

المصدر : الجزيرة