محمد السيد صالح حكايات السبت : سد الهضبة.. وقريتنا والعيد محمد السيد صالح السبت 24-07-2021 01:07


سد الهضبة

«النهضة» بات تعبيرا سيئا لمرتين عند غالبية المصريين. الأولى عندما استخدمه الإخوان عنوانا لمشروعهم السياسى والاقتصادى. وحين تمكنوا من مصائر البلد، تكشفت ملامح فكر أحادى. سياسيا، لا يعترف إلا بأعضاء الجماعة أو من يدور فى فلكهم. أما اقتصاديا، فكان ضعيفا ومُربكا، بل ومضحكا. لا يتناسب مع حجم دولة كبيرة ومتنوعة بحجم وإمكانات مصر.

المرة الثانية، حين استخدمته إثيوبيا اسما لسدها العملاق على النيل الأزرق، بعد أن كان اسمه فى البداية «سد الألفية».

ورغم ذلك، ينبغى أن نغير نحن من توصيفنا للسد، ولا نربطه بأى نهضة.

لا ينبغى أن نصفه بأنه سد للنهضة. هو مشروع سياسى ستكون له آثار خطيرة علينا.

فى كل وسيلة إعلام، هناك تدريب للمتقدمين حديثا للعمل فيها على ما يميز سياستها التحريرية وخطها السياسى والفكرى. تسمى هذه المدونة أو التعليمات stylebook.

التوصيف للعمليات الانتحارية، قد يتحول لاستشهادية فى وسيلة أخرى. والمجاهدون هنا سيتحولون إلى إرهابيين أو مخربين فى وسيلة أخرى. جماعات المقاومة أو التحرير هنا، هم متطرفون أو مجرمون هناك.. وهكذا.

لا تتسامح وسائل الإعلام الكبرى فى ذلك أبدا. وقد تلجأ لفصل من لا يلتزم بمنهجها. هنا، نحن نتبرع ليل نهار، وبصدر رحب بوصف السد الإثيوبى بأنه سد للنهضة!

الصديق أحمد العملة، الكاتب الصحفى، زميل دفعتى، والذى عمل مراسلا للأهرام فى قلب المناطق الساخنة، خاصة فى غزة ورام الله، يقترح أن نسميه «سد الهضبة» على اعتبار أن إثيوبيا فى معظمها على هضبة مرتفعة، واستخدام التعبير سيكون سهلا، لأننا سنحرك حرفا أو حرفين فقط.

يقدم بدائل أخرى، منها أن نعود لسد الألفية، أو سد النيل الأزرق، أو سد الأمهرية.

أدعم مقترح الزميل العملة، وأبدأ فى مقالى هذا، وابتداءً من اليوم، بنزع صفة النهضة من كتاباتى عن السد الإثيوبى، وأتمنى أن تفعل الصحف والمواقع والفضائيات، بصحفييها وكتابها ومذيعيها، مثل ما فعلت.

قريتنا والعيد

للأعياد وسط العائلة طعم مختلف. أتشوق إلى لمة العائلة فى قريتنا. نجلس على طبيعتنا. تتوارى الفوارق فى الريف. أو هكذا أعتقد.

كان صديقى فتحى فرغلى، الكاتب الصحفى، رحمة الله عليه، وكان ابن عائلة عريقة من أسيوط، يقول: من لا امتداد ريفى له، سواء بالصعيد أو الدلتا، فهو يعيش عيشة ناقصة. وهو محروم من جو العائلة ودفء الريف، وعزوته.

هذه المرة، استمتعت بعيد الأضحى وسط عائلتى، رغما عن الأزمات القديمة الحديثة بالريف وأبرزها ضعف المياه، أو انقطاعها تماما. وعدم صيانة الطرق لسنوات طويلة. الكهرباء تحسنت، لكن ليس بجودة وثبات التيار فى المدن الكبرى. لدينا صرف صحى بقريتنا. لكن النظافة ليست كما ينبغى. فقط، حزنت جدا عندما وجدت صف الأشجار القديمة الذى كان يزين ترعة البلد بطول الطريق الرئيسى قد اختفى تماما. كانت هذه الأشجار تسبق أهلى لاستقبالى. سألت عن سبب قطعها كلها فى عملية واحدة، فقيل لى بكل بساطة إن ذلك تمهيدا لإتمام عملية تبطين الترعة بكاملها.

حزنت لبعض الوقت، وتساءلت: هل كان يمكن أن يتم هذا المشروع العظيم مع الإبقاء على هذه الرئة الخضراء ذات المنظر الجمالى المبهج؟.

وهنا ينبغى أن أشيد بمشروع حياة كريمة. لم يصل قريتنا بعد. هو أفضل من كل المشروعات التى نفذتها الدولة طوال السنوات السبع الأخيرة. أتمنى أن يظل حيا وشاملا، ليغطى كل القرى المصرية التى تقترب من خمسة آلاف قرية. أتمنى له ظهيرا آخر ليصل الأحياء الفقيرة والبسيطة، والتى هى أقرب للعشوائيات.

ينبغى دعم كل الخطط الرسمية التى تعمل على إزالة الفوارق الاجتماعية والحضرية بين الريف والمدن.

قد يعجبك أيضا‎

قد يعجبك أيضا

جميع الأخبار

الأكثر قراءة

النشرة البريدية

SERVER_IP[Ex: S248]
To Top
beta 2 249