قمة السلام الخاصة بليبيا: ينبغي أن تعطي محادثات برلين الأولوية للمساءلة على جرائم الحرب

  • أماط التحقيق الميداني الذي أجرته منظمة العفو الدولية اللثام عن جرائم حرب محتملة في معركة السيطرة على طرابلس
  • المتحدثون الرسميون جاهزون لإجراء مقابلات عقب زيارتهم 33 موقعاً تعرض لضربات على جانبي خط الجبهة

قالت منظمة العفو الدولية اليوم إنه يجب أن تكون حماية المدنيين، وإنصاف ضحايا الانتهاكات، حجر الزاوية في أي صفقة للسلام تنبثق عن قمة الأمم المتحدة التي تُعقد في برلين هذا الأحد (19 يناير/كانون الثاني) بشأن النزاع المسلح في ليبيا.

ويدور النـزاع – الذي تصاعدت حدته في أبريل/نيسان الماضي مع محاولة من يطلق على نفسه اسم “الجيش الوطني الليبي” بقيادة خليفة حفتر الاستيلاء على العاصمة طرابلس عسكرياً – على خلفية الاشتباكات المسلحة التي نشبت بين فينة وأخرى، وأوقعت خسائر فادحة في صفوف السكان المدنيين.

وفي أكتوبر/تشرين الأول 2019 أصدرت منظمة العفو الدولية التحقيق الميداني المعمق الوحيد حتى تاريخه عبر جبهات القتال في طربلس. وزارت المنظمة 33 موقعاً تعرض للضربات الجوية والبرية في العاصمة، والمناطق المحيطة بها، وكشفت النقاب عن أدلة على ارتكاب كل من “حكومة الوفاق الوطني”، المدعومة من الأمم المتحدة، و”الجيش الوطني الليبي” جرائم حرب محتملة.

وفي سياق التحقيق حددت المنظمة عدة حالات تعرضت فيها منازل المدنيين والبنية التحتية المدنية للتدمير أو الضرر بواسطة صواريخ أرض، ورشقات مدفعية، وضربات جوية شنها كلا الجانبين، وأدت إلى وقوع عشرات الإصابات بين قتيل وجريح.

لقد شهدنا بأم العين النتيجة الكارثية للهجمات العشوائية وغير المتناسبة – ومنها جرائم حرب محتملة – التي شنها طرفا النـزاع اللذان يواصلان انتهاك القانون الإنساني الدولي، بدعم عسكري، وغيره من أشكال الدعم التي تقدمها دول بينها الإمارات العربية المتحدة وتركيا.

دوناتيلا روفيرا كبيرة المستشارين في برنامج مواجهة الأزمات في منظمة العفو الدولية

وقالت دوناتيلا روفيرا كبيرة المستشارين في برنامج مواجهة الأزمات في منظمة العفو الدولية: “لقد شهدنا بأم العين النتيجة الكارثية للهجمات العشوائية وغير المتناسبة – ومنها جرائم حرب محتملة – التي شنها طرفا النـزاع اللذان يواصلان انتهاك القانون الإنساني الدولي، بدعم عسكري، وغيره من أشكال الدعم التي تقدمها دول بينها الإمارات العربية المتحدة وتركيا”.

لقد أجرت المنظمة تحقيقات دقيقة عقب وقوع الانفجارات في المواقع التي تعرضت للضربات، أكد العديد منها الأدلة على تورط جهات أجنبية في النـزاع. وما فتئت الإمارات العربية وتركيا – من جملة دول أخرى – تقدمان المساندة لكل من “الجيش الوطني الليبي” و”حكومة الوفاق”، على التوالي – على الرغم من وجود حظر سلاح دولي شامل فرضته الأمم المتحدة منذ 2011 – وذلك من خلال شحنات الأسلحة غير القانونية والدعم العسكري المباشر في الهجمات التي شُنت ضد المدنيين، أو التي كان لها تأثير فيهم. وظهر مزيد من الأدلة أيضاً على مشاركة مرتزقة روس في النـزاع إلى جانب “حكومة الوفاق الوطني”.

وبحسب إحصائيات الأمم المتحدة لقي، في 2019، أكثر من 284 مدنياً حتفهم، وهُجر ما يفوق الـ 140,000 جراء النـزاع المسلح الدائر في ليبيا. وقد شجب بيان صادر عن الأمم المتحدة في الثالث من يناير/كانون الثاني تزايد الضربات العشوائية التي شكّلت خطراً على المدارس والمرافق الطبية، وغيرها من عناصر البنية التحتية المدنية في طرابلس ومحيطها، ومن بينها مطار معيتيقة الدولي.

إنه ينبغي على المجتمع الدولي – ومن بينه جميع المشاركين في قمة برلين – التمسك بحظر الأسلحة على ليبيا الذي فرضته الأمم المتحدة، والعمل مع مجلس حقوق الإنسان التابع للأمم المتحدة لإنشاء لجنة تحقيق، أو آلية مشابهة، على وجه السرعة للحفاظ على الأدلة على ارتكاب جرائم حرب، وغيرها من الانتهاكات، وتمهيد الطريق لإنصاف الضحايا وعائلاتهم وتقديم التعويض لهم.

دوناتيلا روفيرا

وقالت دوناتيلا روفيرا: “إنه ينبغي على المجتمع الدولي – ومن بينه جميع المشاركين في قمة برلين – التمسك بحظر الأسلحة على ليبيا الذي فرضته الأمم المتحدة، والعمل مع مجلس حقوق الإنسان التابع للأمم المتحدة لإنشاء لجنة تحقيق، أو آلية مشابهة، على وجه السرعة للحفاظ على الأدلة على ارتكاب جرائم حرب، وغيرها من الانتهاكات، وتمهيد الطريق لإنصاف الضحايا وعائلاتهم وتقديم التعويض لهم”.

وأضافت “أنه يجب على الأطراف المتحاربة في ليبيا أن تكفّ فوراً عن شن الهجمات العشوائية وغير المتناسبة، وأن تتقيّد تقيداً تاماً بقواعد القانون الإنساني الدولي، وأن تجري تحقيقاً في الانتهاكات التي وردت أنباء حولها، وأن تضع حداً لاستخدام الأسلحة المتفجرة التي يطال تأثيرها مناطق واسعة”.

لقد فاقم النـزاع أيضاً المحنة القاسية أصلاً التي يعانيها آلاف المهاجرين واللاجئين في ليبيا – من بينهم العديدون الذين جرى احتواؤهم في ليبيا – نتيجة التعاون القائم بين الحكومات الأوروبية والسلطات الليبية. وقد وثّقت منظمة العفو الدولية منذ زمن طويل كيفية تعرضهم للاحتجاز التعسفي المطول أو التعذيب أو الموت – ومن ذلك في هجمات شُنت بلا تمييز أو هجمات متعمدة بسبب السياسة المشتركة بين الاتحاد الأوروبي وليبيا لاعتراض المهاجرين واللاجئين وإعادتهم إلى ليبيا.

كما يجب على دول الاتحاد الأوروبي التي تحضر القمة أن تعيد تنظيم تعاونها مع ليبيا، وتوقف أي إجراءات تفضي إلى احتواء الأشخاص في البلاد. وينبغي عليها أن تمارس ضغطاً على السلطات الليبية لوضع حد لسياسة الاحتجاز التعسفي المطول للاجئين والمهاجرين، وأن تبذل جهداً أكبر لإجلائهم من البلاد، بما في ذلك عبر إعادة توطينهم، واتباع طرق بديلة لتوفير الحماية.