4 حكايات عن كورونا - عماد الدين حسين - بوابة الشروق
الجمعة 26 أبريل 2024 3:05 م القاهرة القاهرة 24°

احدث مقالات الكاتب

شارك برأيك

هل تؤيد دعوات مقاطعة بعض المطاعم التي ثبت دعمها لجنود الاحتلال؟

4 حكايات عن كورونا

نشر فى : الخميس 6 مايو 2021 - 10:15 م | آخر تحديث : الخميس 6 مايو 2021 - 10:15 م
فى إحدى قرى الصعيد أصيبت سيدة بفيروس الكورونا، فقام العديد من أهالى القرية بزيارتها، خصوصا السيدات. ولما اشتد عليها المرض دخلت مستشفى العزل، فحاول بعض أهل القرية زيارتها، ولم يتمكنوا، فاضطروا للانتظار أمام مدخل المستشفى، أو المبيت على الرصيف المقابل. وبعد أيام قليلة ماتت المريضة وأصيب معظم من خالطها، خصوصا أهل منزلها وجيرانها وأقاربها، وبعضهم توفى خصوصا كبار السن.
فى قرية ثانية بالوجه البحرى توفى رجل عمره ٧٠ عاما متأثرا بإصابته بكورونا. شقيقه يعمل ويقيم بالقاهرة، وحاول السفر للمشاركة فى مراسم تشييع الجنازة. زوجته أقنعته بأنه لا داعى لسفره، خوفا من إصابته، لكنه أصر خوفا من كلام الناس التى لن ترحمه، ولن تتفهم عدم مشاركته فى العزاء. ورضخ فى النهاية، وقرر السفر، اعتقادا أنه سيقضى بضع ساعات ويعود للقاهرة، وبعد عملية الدفن التى شارك فيها المئات، فوجئ بوجود سرادق عزاء كبير بالقرية ليلا، رغم أن ذلك ممنوع تماما بحكم قرارات مجلس الوزراء.
أقيم العزاء فى إحدى الساحات الواسعة، وتوافد عليه غالبية أهل القرية، والقرى المجاورة، والمفاجأة بالنسبة لهذا الرجل أن غالبية أهل القرية لا يدركون أنهم يرتكبون أى خطأ، وربما يكون بعض ممثلى الأجهزة المختصة بتطبيق قانون منع التجمعات، والتحقق من تطبيق الإجراءات الاحترازية، المقيمين فى هذه القرى يشاركون أحيانا فى هذه العزاءات.
حكاية ثالثة لرجل زار أهله بإحدى القرى للمشاركة فى حفل زفاف قريب. هذا الرجل كان يرتدى الكمامة طوال الوقت، لكنه اكتشف أنه الوحيد تقريبا الذى يفعل ذلك. بل الأطرف أن غالبية الحاضرين كانوا يسخرون منه، وبعضهم حاول إقناعه بنزع الكمامة، والتصرف مثل الرجال، وعبثا حاول إقناعهم بخطورة ما يفعلونه، لكنهم لم يستمعوا إليه، وواصلوا السخرية منه.
حكاية رابعة لرجل يحاول إقناع كل أقاربه وأصحابه بأن فيروس كورونا مجرد فيلم، وخرافة يخدع بها الكبار والأقوياء الفقراء والمساكين، للسيطرة عليهم، وحينما قال له البعض أن الفيروس لم يفرق بين غنى وفقير، بل فتك بالكثير من القادرين، ودمر اقتصادات دول كبرى، لم يقتنع وظل يردد نظرية المؤامرة، حتى أصيب هو شخصيا بالفيروس ومات العديد من أقاربه، وبعدها فقط بدأ يدرك أنه كان يعيش فى عالم خرافى.
الحكايات السابقة ليست من وحى الخيال، بل سمعتها من أقارب وأصدقاء، وأعرف شخصيا بعض أبطالها، وكلها تدور حول غياب الحد الأدنى من الوعى الصحى بين فئات كثيرة فى المجتمع، لا تريد أن تصدق خطورة الفيروس، رغم أن الكثير من أقاربهم يصابون يوميا، ولا يجدون أنبوبة أكسجين أو سريرا فى مستشفى العزل، وبعضهم يموتون بأعداد كبيرة.
السؤال هل نلوم هؤلاء الناس الذين يتسببون فى جعل الفيروس ينتشر والإصابات والوفيات تزيد، أم نلوم الأجهزة الحكومية التى لا تؤدى دورها فى تطبيق إجراءات التباعد الاجتماعى، التى أعلنتها الحكومة؟
الجميع ينبغى لومه، لكن إذا كنا نلوم الناس على سلوكهم، فاللوم الأكبر ينبغى أن يوجه للحكومة، لأنها المنوطة بتطبيق القانون والإجراءات اللازمة.
صحيح أن هناك غيابا شبه كامل للوعى العام، وخصوصا الصحى بين الناس، لكن الأصح أن الأجهزة الحكومية ينبغى عليها تطبيق القانون بكل صرامة على المنفلتين والمستهترين والجهلاء.
وهناك ألغاز كثيرة فى هذا الصدد، مثل لماذا يتم ترك سرادقات العزاء مفتوحة، ولماذا يتم التغاضى أحيانا عن منع الشيشة فى المقاهى، ولماذا لا يتم تطبيق إجراءات التباعد فى المطاعم والكافتيريات والعديد من الأماكن المغلقة.
من الواضح أن غياب ثقافة الوعى العام ليست قاصرة فقط على المواطنين البسطاء فى القرى والمناطق الشعبية، بل هى حالة عامة تشمل أيضا بعض المسئولين والقائمين على تطبيق القانون، بل وبعضا ممن يطالبون الناس بضرورة تطبيق إجراءات التباعد الاجتماعى!
عماد الدين حسين  كاتب صحفي